الحلقات الميغليثية… علامات دفن من التاريخ

الحلقات الميغليثية… علامات دفن من التاريخ

16 ابريل 2017
يدل بناء الأنصاب الحجرية على وجود مجتمع مزدهر(Getty)
+ الخط -
من بين الآثار الأفريقية المميزة في تاريخ البشرية، تلك الدوائر الصخرية العجيبة، التي تقع في دولتي غامبيا والسنغال. إذ إنّ الناظر إليها يسأل نفسه فعلاً، كيف تمكن الكائن البشري من بناء شيء بهذا الجمال والدقة. تبلغ مساحة منطقة الحلقات التقريبية 30 ألف كيلومتر مربع. يطلق عليها "الحلقات الميغليثية"، وتنقسم إلى أربعة مواقع كبيرة: ساين نجايين، وانار وكلاهما في السنغال، وآسو وكيرباتش وكلاهما في إقليم النهر الأوسط في غامبيا.

لا يستطيع الباحثون تأكيد زمن بناء هذه الحلقات، ولم تستطع فعلياً كل الأبحاث أن تقدّم رواية دقيقة حول الزمن الفعلي لبنائها، ولكن الآراء المقبولة، عموماً، تتحدث عن الفترة من القرن الثالث قبل الميلاد، وحتى القرن السادس عشر الميلادي، إذ عُثِر على آثار معدودة بين هذين التاريخين. لقد وجد العلماء أواني وقطعا فخارية وقبورا بشرية وبعض الأسلحة المعدنية حول منطقة الدوائر الصخرية، وتضمُّ الأسلحة الحديديّة سواراً ورُمحين. وهذه المجموعة الصغيرة من المكتشفات تمكن مشاهدتها في المجموعة الدراسية في المتحف البريطاني، والتي تبرَّع بها السير، ريتشارد بالمر، مدير الإدارة الاستعمارية في تلك المنطقة في عصر الاحتلال البريطاني.
ما بين المواقع الأربعة الرئيسية، هناك ما يقارب 29000 صخرة، و17000 قطعة أثرية، و2000 موقع خاص بالأشخاص. وتتكوَّن الآثار من كتل أو بقايا أعمدة كانت مستقيمة في الأصل (بعضها قد انهار) ومعظمها مصنوع من صخور الأتريتات الغنية بالحديد والألومنيوم ومصقولة الأسطح. وقد عثر على الصخور في دوائر مزدوجة أو منعزلة، بعضها يقف منفرداً بجانب الحلقات الصخرية الأخرى أو في صفوف. ويُطلَق على الصخور التي عثر عليها بعيداً عن الدوائر الحجرية: الصخور الأمامية.

يدلُّ بناء الأنصاب الحجرية على وجود مجتمع مزدهر ومنظم، وهو أمر يفهم بداهة من حجم العمل والجهود المطلوبة لبناء مثل هذه الهياكل. ويتضح أن استخراج الصخور من مقالع الأتريتات كان باستخدام أدوات حديدية. وبعد استخراج الصخور كان يتم بناء الأعمدة سواء بالشكل الإسطواني أو متعدد الأضلاع في متوسط ارتفاع مترين ووزن يصل إلى سبعة أطنان. ويعتقد أن شعب سيرير هو باني هذه الدوائر الحجرية، واستدل العلماء على ذلك بأن شعب سيرير لا يزال يستخدم مساكن وقبورا جنائزية مثل الموجودة في موقع الحلقات في وانار.
تظهر الحلقات الحجرية في منطقة واسو على أوراق العملة في غامبيا، وتتألف أحجار واسو تلك، من إحدى عشرة حلقة صخرية أطولها بارتفاع 2,59 متر، وكان البناة في تلك المنطقة على علم كبير بجيولوجية المنطقة؛ لذا استطاعوا العثور على مصادر حجر الأتريت، كما توفرت لهم التقنية الكبيرة التي مكنتهم من استخراج هذه الصخور الضخمة دون تشققها أو انشطارها.
في منطقة وانار التي تقع في مقاطعة كافراين في السنغال، يوجد 21 حلقة صخرية وواحدة مزدوجة. ويبلغ حجم الحلقات الموجودة في وانار حوالي ثلث كل الدوائر الصخرية في سينغامبيا. ومن المرجح، حتى الآن، أن كل الآثار الموجودة في وانار هي بمثابة علامات دفن. فقد افترض الباحثون الأثريون أن الموقع كان في الأصل منطقة دفن، ثم أضيفت الصخور والدوائر فيما بعد من أجل الأغراض الطقسية الشعائرية. وأن عمر البناء في هذه المنطقة يراوح بين سبعة و15 قرناً.

دلالات

المساهمون