تفاقم معيشة الليبيين رغم ارتفاع الإنتاج النفطي

تفاقم معيشة الليبيين رغم ارتفاع الإنتاج النفطي

18 ابريل 2018
ارتفاع حاد في أسعار السلع (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
زادت معاناة الليبيين من ارتفاع أسعار السلع ونقص الخدمات المعيشية، خلال الفترة الأخيرة، رغم ارتفاع إنتاج البلاد من النفط الذي يدور حول مليون برميل يوميا منذ يونيو/ حزيران الماضي، وهو ما يعادل نحو 4 أمثال المستويات التي كان عليها في منتصف عام 2016، حسب البيانات الرسمية.
وقد قامت "العربي الجديد" بجولة في شوارع العاصمة طرابلس رصدت فيها بعض الأزمات المعيشية التي تواجه المواطنين في ظل غياب شبه تام للجهود الحكومية رغم تحسن الإيرادات الحكومية من النفط.

من أمام مقر مصرف الجمهورية الرئيسي بالعاصمة طرابلس يقول المواطن علي الورفلي لـ "العربي الجديد" إن "حياة المواطن لم يتغير فيها شيء فالمعيشة الصعبة والطوابير أمام المؤسسات الخدمية ومحطات الوقود تتزايد، بل إن الأمر وصل إلى الوقوف في طوابير أمام المصارف من أجل الحصول على مبلغ مالي لا يتعدى 300 دينار".
وفي نفس السياق، يؤكد المواطن مراد المقرحي الذي يقف قبالة مستودع غاز طهو "بالهانيال" الحكومي على صعوبة الحصول على أسطوانة غاز طهي منزلي واحدة لأسرته منذ أسبوع.

وقال المقرحي لـ "العربي الجديد" إن كل يوم تزيد هموم المواطنين والحكومة لا تحرك ساكناً.
ومن أمام محطة لبيع المحروقات بجنزور (غرب طرابلس) يقول المواطن علي محمد يوسف لـ "العربي الجديد" إنه يقف مند خمس ساعات للحصول على عدة لترات من البنزين لسيارته، مشيراً إلى تكرار هذا المشهد بشكل دوري في ظل تفاقم أزمة نقص الوقود، خلال الفترة الأخيرة.
ورغم عدم تراجع الأسعار إلا أن المستشار في وزارة الاقتصاد محمد علي رصد جوانب مهمة لزيادة إنتاج البلاد النفطي حيث قال لـ "العربي الجديد" إنه بعد تحسن إنتاج النفط في ليبيا انخفض سعر الدولار في السوق الموازية من 9.5 دنانير إلى 6.25 دنانير، بالإضافة إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية بالسوق بنحو 15% بالمقارنة مع الربع الأول من العام الماضي.

وحسب تقارير رسمية، تعتمد الموازنة الليبية على 95% من إيراداتها من عائدات النفط، وفي ظل الانقسامات السياسية واستمرار المعارك المسلحة شهد الإنتاج النفطي تراجعاً حاداً عن مستوياته البالغة نحو 1.6 مليون برميل يومياً قبل اندلاع الثورة الليبية عام 2011.
وكان رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مصطفى صنع الله، قال في تصريحات صحافية سابقة إن المؤسسة تعاني من تأخيرات في تلقي أموال الموازنة من الحكومة، وإن هذا قد يؤدي إلى تدني مستوى الإنتاج.

وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة مختار الجديد لـ "العربي الجديد" أن ميزان المدفوعات حقق ارتفاعا بأكثر من 4 مليارات دولار خلال العام الماضي 2017، لافتاً إلى مؤشرات بزيادة احتياطيات الدولة لأول مرة في أربع سنوات خلال أول ثلاث شهور في 2018 وهو ما يجب أن ينعكس إيجاباً على حياة مواطنين.
ورأى مدير المؤسسة الليبية للاستثمار السابق محسن دريجة في حديثه لـ "العربي الجديد" أن تعافي إنتاج النفط كفيل بتحسين الوضع الاقتصادي لليبيين.

ويقترح الجديد جملة من الخطوات من الضروري اتخاذها منها سحب السيولة الموجودة خارج القطاع المصرفي وإعادتها للمصارف التجارية، بالإضافة إلى رفع سعر صرف العملة المحلية رسمياً إلى 3.5 دنانير للدولار من 1.37 دينار حالياً وهي كفيلة بسحب السيولة مع سحب إصدارات سابقة للعملة وتخفيض سعر السلع المستوردة.
ويلقي المحلل الاقتصادي رجب خليل باللوم على سوء الإدارة وانقسام المؤسسات الحكومية في تفاقم أزمات المواطنين. وقال خليل لـ "العربي الجديد" إن هناك تخبطا واضحا في أجهزة الدولة وسوء تنسيق بينها، فعلى سبيل المثال المجلس أصدر الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني قرارا بشأن اعتمادات برسم التحصيل، وديوان المحاسبة ينتقدها، كما أن مصرف ليبيا المركزي لا يتحرك بشأن مشكلة الاعتمادات المستندية مند نهاية العام الماضي.
وانخفض احتياطي النقد الأجنبي إلى ما يقدر بنحو 67.5 مليار دولار، مقابل 123.5 مليار دولار في عام 2012، وفقا لتقارير رسمية. وبلغ إجمالي العجز في الموازنة العامة مند يونيو/ حزيران 2013 وحتى يونيو/ حزيران 2017 نحو 80 مليار دينار ليبي، حسب البيانات الحكومية. 
وقال البنك المركزي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إنه وافق على إصلاحات العملة والإنفاق بالاتفاق مع الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس، لكن لم يتم تحديد برنامج زمني لتنفيذ خطه الإصلاحات.

وتعاني ليبيا من تدهور القوة الشرائية للدينار الليبي والتي انخفضت بنسبة 75% في حين ارتفع معدل التضخم إلى نحو 30%، حسب الأرقام الرسمية.
ويشّكل الواقع الاقتصادي ومصيدة السيولة ضغطًا على سعر العملة المحلية التي تُواصل التراجع أمام نظيرتها الأميركية، في ظل محدودية الموارد التي يشكل النفط مصدرًا رئيسيًا لها، فضلاً عن الانقسام السياسي واستمرار الاضطرابات الأمنية.



المساهمون