دبي تفقد بريقها ملاذاً للأموال لزجّ أنفها بالصراعات الإقليمية

"بلومبيرغ": دبي تفقد بريقها ملاذاً للأموال لزجّ أنفها بالصراعات الإقليمية

19 نوفمبر 2018
مؤشرات اقتصاد دبي مُصابة بمزيد من التدهور (Getty)
+ الخط -
على ضوء الركود العقاري المستحكم فيها، تلاحظ "بلومبيرغ" أن دبي تعاني الأمرّين من فقدان بريقها كملاذ آمن للأموال في الشرق الأوسط، بعدما خسرت "نموذج سويسرا" بسبب زجّ أنفها في صراعات إقليمية، لتطرح الوكالة الأميركية سؤالاً عمّن سيملأ كل المراكز التجارية الجديدة مع تراجع إنفاق الدول النفطية وتراجع قدرة مواطنيها الشرائية؟

فمنذ ظهور أول أبراجها المتلألئة في الصحراء، اعتادت دبي على نمط من التغيير السريع. وما يحصل فيها ليس غريباً عن ظواهر الازدهار والكساد، لكن ما تتعرّض له الآن هو أمر مختلف يمكن تسميته "نزيفاً بطيئاً"، وفقاً لتعبير "بلومبيرغ".

ومع أن شركات البناء والتشييد تمضي قُدماً بمشاريعها في المدينة التي تنتشر الرافعات في كل مكان منها، إلا أن لا أحد متيقّن ممن سيشغل كل هذه المساحات الجديدة من المكاتب والمحال وحتى المساكن. ومنذ مدة، تشهد مراكز التسوّق في دبي حضوراً أقل من المُعتاد للمتاجر والمطاعم على نحو ملحوظ.

والمغتربون الذين يُعتبرون شريان الحياة لاقتصاد دبي، بدأوا بحزم أمتعتهم والعودة إلى ديارهم، أو على الأقل بدأوا يتطرقون إلى هذا الموضوع على نطاق واسع، مع ارتفاع تكاليف المعيشة وممارسة الأعمال التجارية.

كما أن مجموعات الأعمال الكبرى، من شركة "طيران الإمارات" إلى شركة "إعمار" العقارية، أعلنت أرباحاً مخيّبة للآمال في الربع الثالث من العام الجاري، فيما تشهد بورصة الأسهم أسوأ أعوامها منذ 2008.

وكان عدم الاستقرار في بيئة العمل قد بدأ بالظهور فعلاً خلال إبريل/ نيسان الماضي، عندما عقد حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، اجتماعاً مع أكثر من 100 مدير تنفيذي في قصره المُطل على الخليج العربي، حيث أثار هؤلاء مجموعة قضايا تزيد أعباءهم، بما في ذلك الرسوم الحكومية الضخمة-، التي تنسف الميزة النسبية لدبي الخالية من الضرائب، إلى القواعد الصارمة لاستصدار التأشيرات التي تدفع الأجانب إلى الخارج عندما يفقدون وظائفهم. وقد أعقبت ذلك الاجتماع سلسلة من القرارات التي لا تزال تشق طريقها عبر النظام.

غير أن إصلاح ما تعانيه دبي قد يكون خارج نطاق نفوذ حاكمها، وفقاً لـ"بلومبيرغ"، التي تلاحظ أن الشيخ محمد وأسلافه بنوا قرية لصيد الأسماك قبل أن تتحوّل إلى مركز للتمويل والتجارة والسياحة في المنطقة، لكن هذه المنطقة تشهد تغييراً الآن، وربما إلى الأبد.

بين الحرب والتجارة

تشير "بلومبيرغ" في تقريرها إلى أن انهيار أسعار النفط منذ عام 2014 أدى إلى انحسار حركة المنفقين من دول الخليج المجاورة والذين اعتادوا سابقاً زيارة دبي، فيما يملأ السياح القادمون من الصين والهند الفجوة، لكنهم أكثر إدراكاً للأسعار.

فالسعوديون، على وجه الخصوص، يشعرون بالضيق، إذ تفرض حكومتهم التقشف المالي وتُصادر ثرواتهم الخاصة.

كذلك يتم تقويض دور مدينة دبي بوصفها مركزاً تجارياً من خلال حرب تجارية عالمية أداتها الرسوم الجمركية، وبالأخص، أيضاً، بسبب حملة الولايات المتحدة التي تستهدف إنهاء التجارة مع إيران المجاورة لدبي.

وثمة مشكلة أعمق تعانيها هذه الإمارة، بحسب "بلومبيرغ"، فقد ازدهرت دبي كنموذج عن سويسرا في منطقة الخليج، فكان طموحها أن تصبح مكاناً للقيام بأعمال محصّنة من تداعيات ما يحصل من عنف في دول شرق أوسطية أخرى، كما يقول جيم كران، مؤلف كتاب "مدينة الذهب: دبي وحلم الرأسمالية".

والآن، دبي هي جزء من الإمارات التي أصبحت لاعباً نشطاً في الصراعات، إذ تنخرط في عمليات قتالية ضمن حروب أهلية تمتد من ليبيا إلى اليمن، وانضمت إلى المقاطعة التي تقودها السعودية ضد دولة قطر.

كرين يقول: "إنه وضع تجد دبي نفسها فيه غالباً من دون أي خطأ ترتكبه من جانبها كإمارة"، مضيفاً: "يمكنك أن تحارب جيرانك أو أن تتاجر معهم. لكن من الصعب حقاً أن تتمكن من القيام بالأمرين معاً".

دلالات