فساد القمح والأسئلة الأربعة الصعبة

فساد القمح والأسئلة الأربعة الصعبة

30 اغسطس 2016
مخزون مصر من القمح فقد 40% بسبب أزمة الفساد(Getty)
+ الخط -
لو صدقت هذه الأرقام فإنها تعد كارثة بكل المقاييس وبلا مبالغة في الوصف، فقد نقلت وكالة رويترز العالمية للأنباء مساء أمس الأول الأحد عن مسؤولين في قطاع القمح بوزارة التموين المصرية قولهم إن كمية تصل إلى مليوني طن قمح قد تكون مفقودة من الصوامع، وهو العجز الذي قد يجبر الحكومة على استيراد كميات كبيرة من القمح لتلبية الطلب المحلي.

هذا الكلام يعني ببساطة أن مخزون مصر الاستراتيجي من القمح فقد نحو 40% بسبب أزمة الفساد الأخيرة في توريد القمح المحلي والتي دفعت بوزير التموين للاستقالة من منصبه وفتح تحقيق قضائي.

فالوزير المستقيل أو المقال كان يتحدث دوماً عن وجود 5 ملايين طن قمح في الصوامع ومراكز التخزين سواء التابعة للوزارة أو القطاع الخاص، لكن المسؤولين بالوزارة وتقرير لجنة تقصي الحقائق وتقارير برلمانية أخرى تحدثت عقب الكشف عن فضيحة الفساد عن أن القمح المخزن يبلغ 3 ملايين طن فقط، أي أن هناك عجزاً يبلغ مليوني طن في المخزون.

هذه الأرقام الخطيرة والعجز الصارخ في القمح المخزن يطرح عدة أسئلة في حاجة لإجابات عاجلة خاصة ونحن نتحدث عن قضية استراتيجية تتعلق بغذاء المصريين وترتبط بتلبية احتياجات الفقراء المستحقين لدعم السلع التموينية والذين يتجاوز عددهم 65 مليون شخص، في حين تقدرهم وزارة التموين بأكثر من 80 مليوناً.

أول هذه الأسئلة وأبرزها على الإطلاق: هل المخزون الاستراتيجي من القمح الموجود بالصوامع ومراكز التخزين كاف لتلبية احتياجات البلاد من الأغذية حتى بدء موسم توريد القمح المحلي في شهر أبريل المقبل، أي يكفي لمدة 7 شهور؟

وثاني الأسئلة: في حال وجود عجز حقيقي يبلغ مليوني طن، كما تقول التقارير البرلمانية، فماذا عن خطة الحكومة لسد هذا العجز الكبير؟ ما هي البدائل المطروحة أمامها للاستيراد من الخارج، وبأي تكلفة؟

وهل يستغل الموردون الخارجيون الظرف الطارئ الذي تمر به البلاد نتيجة الكشف عن قضية الفساد الأخيرة ويبالغون في أسعار القمح المستورد، أو أن يبيعوا لمصر قمحاً رديئاً وغير مطابق للمواصفات يضر بصحة المصريين.

وثالث الأسئلة: هل الخزانة العامة لديها النقد الأجنبي المطلوب لتغطية استيراد مليوني طن لمعالجة العجز الطارئ؟ وهل استيراد الكمية الضخمة من القمح يضغط على الدولار وسوق الصرف مجدداً في الوقت الذي تواجه فيه البلاد نقصاً حاداً في العملة الصعبة؟

مع الإشارة هنا إلى أن استيراد مليوني طن من الخارج في حاجة لسيولة نقدية تبلغ نحو 600 مليون دولار، إضافة لأعباء مالية أخرى منها التخزين والطحن والنقل وغيره.

ورابع الأسئلة: هل فضيحة فساد القمح والصوامع والمخازن الفارغة تنسحب على سلع استراتيجية أخرى منها مثلاً الأرز والسكر والشاي والزيوت وغيرها؟

المطلوب أن يخرج علينا مسؤول مصري، لا ليطمئن الرأي العام فقط على غذائهم، لكن ليقول الحقيقة ويجيب عن الأسئلة الأربعة السابقة التي أظن أنها تمثل قلقاً لدى شريحة من المصريين.

القضية جد خطيرة ولا يجب أن يتم معالجتها بمنطق كيد النساء، والزعم بأن وكالة رويترز تابعة لجماعة الإخوان وتوجه من التنظيم الدولي، والزعم كذلك بأن ما تداولته الوكالة العالمية شائعات يرددها الخونة والأعداء.. إلى آخر هذه الترهات والخرافات التي لم تعد تقنع طفلاً صغيراً ولم يعد أحد يصدقها.

المساهمون