لا وظائف آمنة بعد الآن!

لا وظائف آمنة بعد الآن!

23 سبتمبر 2015
تدافع للحصول على وظائف في الصين (أرشيف/Getty)
+ الخط -

يقولون: "إن فاتك الميري (الوظيفة الحكومية)، اتمرغ في ترابه"، في دلالة على بحث الإنسان الدائم عن الأمان الوظيفي، الذي يحافظ على كرامته، وخصوصاً حينما يشيخ، ويصبح غير قادر على العمل، حتى وإن لم تسد تلك الوظيفة رمقه.

وفي المقابل، يعتبر آخرون البحث عن الوظيفة الحكومية، تقاليد بالية، ويدفعهم طموحهم نحو العمل الخاص، بحثاً عن المال، والنجاح، ويعتبرون أن ما حققوه من تراكم خبرة، هو من سيوفر لهم الأمان الوظيفي المطلوب.

وفي كلتا الحالتين، يبدو أن الأمان الوظيفي، أصبح حلماً بعيداً المنال، في عصرنا الحالي، بفعل التعقيدات الهائلة التي نجمت عن التطور التكنولوجي والصناعي والاقتصادي في العالم.

هذا ما يؤكده تقرير نشره موقع BBC Capital بعنوان "كيف تحافظ على قيمتك في سوق العمل؟"، حيث اعتبر أن الاعتقاد بوجود وظائف آمنة ودائمة، بمثابة أسطورة.

ونقل التقرير عن "آل ستيوارت، "المستشار المهني ومؤسس شركة "بيزنيس مينتور"، قوله، إن تلك الأيام التي كان يقضيها الموظف آمنا على عمله، "قد ذهبت بدون رجعة، فليست هناك مهنة لا تطالها يد التغيير، أو إعادة الهيكلة، أو المنافسة الدولية، أو تقادمها التقني."

أما كاثي كابرينو، وهي مستشارة في شؤون النجاح المهني، وتقيم في ولاية كونيتيكت الأمريكية، فتؤكد أيضا أن الكثير من الموظفين، من أصحاب الخبرة الطويلة، يقعون في خطأ الاعتقاد بأن وظائفهم دائمة.

وتقول لذات الموقع:" رأيت مئات ومئات من مديري الشركات من الرجال والنساء ممن تجاوزوا الخمسين عاماً وقد طُردوا من مراكزهم الوظيفية".

وتشير إلى أن الخطأ الذي وقعوا فيه، كان يتمثل بـ"عدم بناء علاقات يستفيدون منها، وعدم المحافظة على تطوير مهاراتهم وتجديدها".

وتنصح مايت بارون، المديرة التنفيذية لشركة "ذا كوبوريت إسكيب"، التي تُعنى بالاستشارات المهنية في لندن، الموظفين، بالتعود على ممارسة ما بين 10 إلى 15 وظيفة، طوال حياتهم المهنية، كي يتمكنوا من الحصول على "وظيفة العمر".

وكتبت بارون في رسالة إلكترونية: "لن تكون هناك وظائف أو مهنٌ طوال الحياة. فالقواعد القديمة الخاصة بممارسة مهنة تقليدية أبدية، لم تعد تنطبق على أحد".

ليس الأمر سوداوياً إلى هذه الدرجة، حسب خبراء أورد الموقع آراءهم، فالحصول على وظيفة دائمة ممكن، لكن بشروط.

ومن هذه الشروط مواصلة التعلّم، سواء كان ذلك عن طريق التدريب أثناء العمل أو متابعة برنامج خاص للتعليم، بحيث يصبح الموظف مفضلاً لدى أرباب العمل المحتملين.

كما ينصح الباحثين عن أعمال آمنة، بالابتعاد عن الوظائف التي يمكن للآلات والأجهزة أن تقوم بها مستقبلاً، مدللاً على قوله بتقرير صناعي أسترالي، يقول، إن ما يقرب من نصف مليون وظيفة، في ذلك البلد وحده، قد تختفي نتيجة إدخال التقنيات المتقدمة والذكاء الصناعي خلال السنوات المقبلة.

وينصح الموظفين الجدد، بترك أعمالهم، إن شعروا أن وجودهم فيها لن يزيد من خبراتهم، والبحث عن أعمال أخرى، تضيف إلى قدراتهم ومهاراتهم المهنية، دون النظر إلى مسألة العائد المالي الآني، حتى لا يندموا مستقبلاً.

ومن النصائح المهمة كذلك، محاولة تنبأ الإنسان، مستقبله المهني، ومن ثم محاولة تجهيز نفسه بالأدوات المطلوبة، لإعادة صياغة حياته المهنية.

وعلى الموظف أيضا -حسب الموقع- أن يوسع من دائرة علاقاته الاجتماعية، شخصياً أولا، وثانيا على مواقع الانترنت.

ويضيف:" على الموظف أن يكوّن أسبوعيا عشرة علاقات على موقع (لينكد-إن)، وأن يجدد معلوماته، من خلال الدورات والدروس، وأن يحصل على شهادات جديدة".

ومن النصائح غير التقليدية، التي طرحها الموقع، أن يواصل الموظف (وهو على رأس عمله، ومهما كان سعيدا في عمله الحالي)، التقدم لوظائف أخرى وأن يجري مقابلات التوظيف، وذلك بهدف إدراك قيمته في سوق العمل.

أتصور أن التقرير السابق، يدق ناقوس الخطر، و"يقرع جدران الخزان"، فإن كان الحال كذلك، في الدول الصناعية الثرية، (بلاد الفُرص)، فما بالنا في بلادنا العربية التي تعاني غالبيتها من الفقر، وتعصف بها اضطرابات سياسية وعسكرية هائلة؟


اقرأ أيضاً: الحكومة التونسية ترفع رواتب موظفي القطاع العام 25 دولاراً