عكاشة مفجّر البورصات والثورات

عكاشة مفجّر البورصات والثورات

24 اغسطس 2015
توفيق عكاشة مفجّر البورصات (أرشيف)
+ الخط -

إذا كان سجن توفيق عكاشة وراء الانهيار الحاد في بورصة مصر وفقدانها أكثر من 50 مليار جنيه من قيمتها السوقية!!! فماذا عن أسباب الانهيارات الحاصلة في البورصات العالمية والعربية الأخرى، وفي مقدمتها البورصات الخليجية التي منيت بخسائر فادحة أمس الاثنين لم تشهدها منذ أزمة عام 2006.

كما قلت أمس، فإن هناك عدة عوامل تفسر ما جرى من انهيارات في البورصة المصرية، منها ما هو متعلق بالعملية الإرهابية التي جرت أخيراً بشمال القاهرة، والتوسع في سياسة التحفظ على أموال الإخوان، ومد سياسة مصادرة الأموال لشركات حساسة تعمل في مجال الصناعات الغذائية "شركة جهينة مثلاً"، أو في القطاع المالي مثل التحفظ على أموال 14 شركة صرافة، ومنها أيضا ما يتعلق بإحالة شركة "النساجون الشرقيون" إلى النيابة بتهمة الاحتكار، إضافة إلى تقرير خطير صدر عن "بنك أوف أميركا" الأميركي ويتحدث عن أن مصر تحتل المركز الخامس عالميا كأخطر دين سيادي، وتسبقها فنزويلا واليونان وأوكرانيا وباكستان، ولا يمكن هنا تجاهل العوامل العالمية في الحديث عن أسباب تهاوي البورصة المصرية.

وعندما نتحدث عن أسباب انهيار البورصات العربية، وتحديدا الخليجية، فإن الوضع مختلف بعض الشيء، فلا يوجد لديهم عكاشة "مفجر ثورة 30 يونيو"، "وأحد أعضاء مجلس قيادة ثورة 30 يونيو"، لكن عندهم "عكاشيات" أخرى حقيقية، مثل أسعار النفط التي وصلت إلى أدنى مستوياتها في ست سنوات ونصف، وتفاقم الأزمة الصينية وما تشكله من تهديد حقيقي للموازنات الخليجية، إضافة إلى عكاشيات أخرى تتعلق بالتصنيف الائتماني لبعض دول الخليج والقدرة على سداد الديون الخارجية.

لنأخذ مثلا البورصة السعودية، أكبر البورصات العربية على الإطلاق، فقد خسرت نحو 37% من قيمتها خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع، وهذا يعد انهيارا في عرف السوق، وهناك أسباب عدة وراء هذا الانهيار، من أبرزها انهيار أسعار النفط عالميا وفقدانها أكثر من 50% من قيمتها، وتباطؤ الاقتصاد الصيني ومروره بأزمات عنيفة، وقرار مؤسسة فيتش، كبرى المؤسسات المتخصصة في التصنيف الائتماني، خفض نظرتها المستقبلية لتصنيف الديون السعودية من مستقرة إلى سلبية، إضافة إلى الخسائر الحادة التي منيت بها البورصات العالمية نهاية الأسبوع الماضي، والتي دفعت بعض المستثمرين الأجانب إلى سحب جزء من استثماراتهم من بورصات المنطقة، بخاصة الخليجية، لتغطية خسائرهم في الخارج.

وما ينطبق على البورصة السعودية ينطبق على البورصات الخليجية، بخاصة أن موازنات دول الخليج تعتمد بشكل أساسي على النفط، وفي حال تفاقم أزمة الصين وانكماش اقتصادها ودخولها في حالة ركود، فإن الطلب الصيني على النفط سيتراجع، وهو ما يعني استمرار تهاوي أسعار النفط لزيادة المعروض في السوق الدولية، وهنا ستكون دول الخليج أكثر المتضررين.

وهذا الضرر سيدفع دول الخليج إما نحو السحب من احتياطياتها الخارجية، أو الاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية سواء المحلية أو الخارجية لتغطية عجز الموازنة، أو ترشيد الإنفاق العام وتجميد تنفيذ المشروعات الكبرى، وكلها حلول صعبة.

بالطبع موضوع انهيار البورصات العربية والعالمية خطير ولا يحتاج لهزل أو الحديث عن عكاشة، بخاصة أن صحيفة واسعة الانتشار في وزن الفاينانشال تايمز وصفت أداء البورصات العالمية أمس بـ "الاثنين الأسود" حيث سجلت فيه تراجعات قوية بعد أن منيت بورصة الصين بأكبر خسارة يومية منذ الأزمة المالية العالمية في أغسطس 2008.

ويبقى السؤال: هل ستواصل البورصات العربية والعالمية انهياراتها خلال الفترة المقبلة؟

الأمر يتوقف على اتجاهات أسعار النفط عالميا، والقاع الذي يمكن أن تصل إليه الأزمة الصينية.


اقرأ أيضاً: الخسائر تعصف بالبورصات العربية

المساهمون