الاتفاق النووي ينعش إيران على حساب العراق

الاتفاق النووي ينعش إيران على حساب العراق

12 ابريل 2015
حقل نفط في العراق (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

أثار الاتفاق النووي بين إيران والغرب، الذي يمهد الطرق لرفع العقوبات عن طهران، ويسمح بتدفق صادراتها النفطية إلى العالم، مخاوف العراق من تأثر قطاعه النفطي، فيما يرى مسؤولون وخبراء اقتصاد عراقيون أنه يمكن تخفيف وطأة هذه الآثار بتنشيط الاستثمار والحركة التجارية والسياحة الدينية لتوفير مدخلات مالية إضافية.

وتتخوف الدول الكبرى المصدرة للنفط من أن تزيد أي طفرات في صادرات النفط الإيراني من

تخمة المعروض في الأسواق العالمية ودفع الأسعار لمواصلة الهبوط، بعد أن هوت بأكثر من 50% منذ يونيو/حزيران الماضي بسبب هذه التخمة.

وقالت عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، نورة البجاري، لـ "العربي الجديد"، إن "الاتفاق النووي بين الغرب وإيران سينعكس سلباً على العراق، كون إيران ستعود إلى استئناف تصدير النفط إلى السوق العالمية، وهذا سيسبب انخفاضا جديدا في أسعار النفط، والذي هو في الأصل متدن".

وطالبت البجاري الحكومة العراقية ووزارة النفط بوضع خطط كفيلة بإيجاد مشترين ثابتين من خلال سوق بديلة، ويتم الاتفاق على تصدير جميع المنتج النفطي العراقي إلى تلك الأسواق، لضمان انسيابية التصدير وعدم وجود فائض في الإنتاج وقلة في التصدير.

وأكدت أن "الاتفاق الإطاري النووي مع طهران سينعش الاقتصاد الإيراني على حساب الاقتصاد العراقي، خاصة أن هناك شركات إيرانية تعمل في قطاعات الطاقة والكهرباء والتجارة، وعندما تم فرض العقوبات على طهران، فإن الكثير من هذه الشركات أوقفت أعمالها، والاتفاق سيساهم في عودة تلك الشركات مجدداً، وهذا سيساهم في تنشيط الاستثمار للجانب الإيراني وتنفيذ المشاريع المتوقفة في العراق، والتي كانت تنفذ في العراق".

لكن وزير النفط العراقي، عادل عبد المهدي، اعتبر في بيان له الثلاثاء الماضي أن الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران قد يؤثر بعض الشيء، لكن فوائده أعظم بكثير على العراق والمنطقة، بل والعالم أجمع من مختلف النواحي.

وقال عبد المهدي إن الاتفاق مهم للعراق على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية، ولا يمكن حصره بزاوية أنه سيسبب خسائر للعراق، فالموضوع نسبي يحتكم للسوق والطلب والعرض.

وتساءل "كم سنخسر من عودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية؟ الشيء القليل ولمدة قصيرة، ولكن كم سنربح إذا ساد السلام في المنطقة، وتعمقت العلاقات مع الجارة إيران، ومع بقية دول المنطقة، ليس في الحقل النفطي فقط، بل في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية".

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط عاصم جهاد، في حديث إلى "العربي الجديد" إن العراق ماض بخطط تطوير المنشأة النفطية، ورفع الإنتاج النفطي وفق ما هو مخطط له والإنتاج الحالي يتجاوز 3.8 ملايين برميل يومياً.

وأضاف "نأمل في غضون ثلاث سنوات في الوصول إلى 6 ملايين برميل يومياً "، موضحا أن" انخفاض أسعار النفط وعودة إيران إلى السوق سيفرض سياسة نفطية على عموم السوق،

وليس على العراق فقط".

وشدد على أن "السياسة النفطية تعتمد على إيجاد أكثر من سوق لتنويع التصدير وتصريف المنتج في أسواق أوروبا وآسيا، والبحث عن أسواق في أفريقيا للحفاظ على مستويات التصدير، وسيكون هناك تغيرات في الأسواق مع عودة النفط الإيراني إلى السوق النفطية".

ويرى مسؤولون عراقيون أنه في مقابل الخسائر التي قد يتعرض له العراق على صعيد القطاع

النفطي، إلا أن هناك استفادة قد يحصل عليها، خاصة رفع الحظر الاقتصادي المفروض على إيران، من خلال تفعيل خط الغاز الممتد من العراق إلى الأردن وباقي الدول التي تحتاج الغاز.

اقرأ أيضاً:
العراق أكبر المتضررين من زيادة صادرات النفط الإيرانية

وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء، محمد فتحي، في تصريح خاص إن "العراق وإيران وقعا عقداً لإمداد الغاز الإيراني إلى ثلاث محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية بمعدل 25 مليون متر مكعب لمدة أربع سنوات، قابلة للتجديد وتصل قيمة العقد إلى 3.7 مليارات دولار سنوياً".

وأكد فتحي أن "الخط جاهز للعمل في غضون الفترة المقبلة، ولم يتم الضخ به بسبب تداعيات الأحداث الأمنية والحرب التي تخوضها الحكومة ضد تنظيم الدولة الإسلامية"، مشيرا إلى أن الخط سيساهم في تحفيز قطاع الكهرباء من خلال دخول محطات جديدة في دائرة الإنتاج النفطي.

ويرى خبراء اقتصاد أن الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران سيسمح لها بمزيد من التمدد السياسي والاقتصادي في العراق، مشيرين إلى أن إيران تسيطر في الواقع على النفط العراقي وصادراته، لا سيما من الحقول الحدودية.

ويقول الخبراء إن العراق التي ظلت من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم ستتحول إلى البحث عن موارد مالية من قطاعات أخرى أبرزها السياحة الدينية التي تعتمد فيها على الوافدين الإيرانيين بشكل كبير.

وبحسب الخبير النفطي العراقي، باسم المعتصم، في حديث مع "العربي الجديد"، فإن العقوبات جعلت إيران تمتلك مخزونات نفط هائلة خارج الأرض، وهذا سيدفعها إلى محاولة التخلص منها وتصديرها دفعة واحدة، فضلا عن وجود مقومات قد تسمح لإيران في اليوم التالي لتوقيع الاتفاق النهائي المقرر في 30 يونيو/ حزيران ورفع العقوبات، بتصدير كميات كبيرة من
النفط المخزن، ما سيضع السوق العالمي أمام تخمة نفطية كبيرة تتهاوى بفعله أسعار النفط.

وكان وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، قال في تصريحات، يوم الخميس الماضي، إن منظمة

البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، سوف تنسّق في ما بينها لاستيعاب عودة إيران إلى أسواق النفط.

ويتخوّف منتجو النفط في العالم من أن رفع العقوبات عن إيران، التي كانت سابقاً ثاني أكبر مصدّر في "أوبك" سيزيد المعروض من الخام بحدود 1.5 مليون برميل يومياً على الأقل.

وتوقع المعتصم أن يتأثر الاقتصاد العراقي قريباً ، مشيرا إلى أن العراق يستورد من إيران أكثر مما يصدره لها، حيث تقدر صادرات إيران لمختلف القطاعات إلى العراق في العام تقريبا بنحو 13 مليار دولار.

كان وزير المالية العراقي، هوشيار زيباري، قال الأسبوع الماضي، إن بغداد تجري مباحثات مع صندوق النقد الدولي، بخصوص تقديم مساعدات عاجلة.

وسبق للبرلمان العراقي أن وافق على ميزانية قيمتها 119 تريليون دينار (105 مليارات دولار) لعام 2015، وتتوقع عجزا قدره 25 تريليون دينار. ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بتمويل العجز، من خلال أذون خزانة وسندات حكومية، والاقتراض من مصارف محلية.



اقرأ أيضاً:
النفط نحو الهاوية.. والأسعار قد تتراجع إلى 20 دولاراً