البطالة تحاصر حكومة المغرب

البطالة تحاصر حكومة المغرب

28 مارس 2015
البطالة في المدن أكثر ارتفاعاً (أرشيف/getty)
+ الخط -

تثير معدلات البطالة في المغرب قلق حكومة عبد الإله بنكيران، في ظل الانتظارات المتراكمة في سوق العمل، واتساع دائرتها في أوساط الشباب والمتخرجين.

وعندما سئل رئيس الحكومة، قبل يومين، عن الصعوبات التي تجدها الحكومة في معالجة التشغيل، لم ينف ذلك، خصوصاً أن استطلاعاً للرأي صدر مؤخراً عبّر فيه 62% من المستطلعين عن ثقتهم في رئيس الحكومة، لكنهم عبروا عن انشغالهم بضعف التشغيل والصحة والتعليم.

وفي مؤتمر بالدار البيضاء، بعد صدور نتائج استطلاع الرأي، أعرب رئيس الحكومة عن

رفضه توظيف متخرجي الجامعات في الوظيفة الحكومية بطريقة مباشرة، مشيراً إلى ضرورة اجتيازهم اختبارات التوظيف.

وتبدو الوظائف التي توفرها الدولة عبر موازنتها قاصرة عن الاستجابة لانتظار الآلاف من الخريجين وغير الخريجين، حيث التزمت الحكومة عند وضع موازنة العام الجاري بخلق 23 ألف وظيفة، فيما تشتكي من ارتفاع كتلة الأجور في الوظيفة العمومية والتي تصل إلى 105 مليارات درهم (10.6 مليارات دولار).

وأشار محافظ المصرف المركزي، عبد اللطيف الجواهري، في مؤتمر صحافي قبل يومين، إلى أن جميع المؤشرات الاقتصادية ستواصل تحسنها في العام الجاري، على اعتبار أن التضخم سينحصر في حدود 1.4%، ويرتفع النمو الاقتصادي من 2.5% إلى 5% إلا أنه لم يخف انشغاله بمستوى البطالة المسجل في العام الماضي.

ومازال المراقبون ينتظرون الاستراتيجية التي وعد بها وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، عبد السلام الصديقي، حيث التزم بالكشف عن خطة لإنعاش سوق العمل، علماً أنه دأب على التأكيد على أن الحكومة ترغب في تقليص معدل البطالة إلى 8% في نهاية ولايتها.

ويقول الاقتصادي المغربي، محمد الشيكر في تصريح لمراسل "العربي الجديد"، إن المستوى الذي بلغته البطالة في المغرب، لا يقتضي استراتيجية طويلة المدى، بل قرارات تعمد الحكومة إلى تطبيقها على مدى الفترة المتبقية من ولايتها.

وبحسب نشرة للمركز المغربي للظرفية، فإن "اختلالات سوق الشغل، أضحت خاصية بنيوية، حيث تمس البطالة أكثر الشباب والنساء والخريجين".

وأشار المركز المتخصص في الاقتصاد إلى أنه في العام الماضي كانت البطالة مرتفعة جداً في المدن، لافتاً إلى ضعف جودة مناصب العمل المطروحة.

وشدد على أنه بالإضافة إلى ضعف القدرة على خلق فرص العمل، يتسم السوق بعدم كفاية جودة الفرص المتاحة، سواء على مستوى المؤهلات المطلوبة أو الأمان أو الحماية الاجتماعية، مشيراً إلى أن سيادة القطاع غير الرسمي تعوق كل تقدم في هذا الميدان.
 
وفي العام الماضي، ارتفع العدد الإجمالي للعاطلين بالمغرب، حسب المندوبية السامية للتخطيط، إلى 1.16 مليون شخص، حيث وصل معدل البطالة إلى 9.9% من إجمالي القوة العاملة، غير أن البطالة تطال المدن أكثر من المناطق الأخرى بـ 14.8%، وهو معدل قفز إلى 20.1% بين الشباب و19.3% بين خريجي الجامعات.

وترتفع البطالة في وسط الشباب بين 15 و24 عاماً، وتصل إلى 20.1%، وبين خريجي الجامعات بنسبة 19.3%.

 ويرجع ارتفاع معدل البطالة في نظر المندوبية السامية للتخطيط، إلى زيادة أعداد القوى العاملة القادرة بأكثر ممّا يتطلبه السوق وبحسب مندوبية التخطيط، فإن قطاعي الخدمات والزراعة كانا الأكثر توفيراً لفرص العمل في الفترة الماضية، تلاهما قطاع الصناعة، بينما لم تشهد فرص العمل في قطاع البناء والأشغال العمومية تغييراً.
 
وبينما تتوقع المندوبية السامية للتخطيط، أن يخلق انتعاش محتمل للاقتصاد المغربي في العام الحالي نحو 170 ألف فرصة عمل جديدة، مقابل 21 ألف فرصة في العام الماضي، فإنّ استطلاعاً لرأي أهم رؤساء الشركات الصناعية حول رؤيتهم للظروف الاقتصادية أجرته المندوبية نفسها ونشرت نتائجه قبل يومين، يشير إلى أن رؤساء هذه الشركات في عدة أنشطة

يتوقعون استقرار فرص العمل في الربع الأول من العام الجاري على الأقل.

وبحسب تصريحات صحافية أخيرة لوزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، فإن الحكومة تسعى إلى استفادة غالبية السكان من النمو الاقتصادي الذي تسعى إليه البلاد.

ووفق الباحث بمعهد بروكينجز للأبحاث حفيظ غنيم، فإن 80% من الطبقة الوسطى بالعالم العربي معرضة لخطر السقوط في دائرة الفقر، وهو ما يقتضي تقوية هذه الطبقة ودعمها.

وأرجع غنيم سبب عدم رضا المواطنين عن معدلات النمو الاقتصادي التي تحققت الفترة الماضية، إلى عدم وجود توزيع عادل لفوائد النمو بين الشرائح المجتمعية.
 
ويبدو أن الزيادة المضطردة في أجور الوظائف العمومية تثير قلق الحكومة وتدفعها لتشجيع القطاع الخاص على التوظيف.

 وبحسب وزارة الاقتصاد المغربية، فإن الأجور في الوظائف العامة، تمتص نحو ثلثي إيرادات الضرائب.

وتطالب الاتحادات العمالية المغربية بزيادة الأجور وتحسين الدخل، فيما أجرت جولات من المفاوضات مع الحكومة مؤخراً لتحقيق مطالبها، ولا يبدو مطلب زيادة الأجور مستساغاً لدى الحكومة المغربية، لأنها تسعى إلى حصر مستوى عجز الموازنة في نهاية العام الجاري، وفق

التزامات أمام صندوق النقد الدولي.

ووفق وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بوسعيد، في تصريحات صحافية مؤخراً، فإنه يتوقع أن ترتفع كتلة الأجور في العام الحالي إلى 13.8 مليار دولار، واصفاً ذلك بأنه "رقم مرتفع بالنظر لإمكانيات الدولة".

لكن عضو الاتحاد النقابي للموظفين، محمد هاكش، قال لـ"العربي الجديد"، إن كتلة الأجور لا تتعلق بتزايد أعداد الموظفين العموميين، وإنما لوجود فروق في مستوى الأجور، مشيراً إلى أن عدد الموظفين العموميين لا يتجاوز 2.5% من إجمالي عدد السكان بالمغرب، بينما تراوح الفروق بين الأجور الدنيا والعليا بين 1 و33 ضعفاً.



اقرأ أيضاً:
"توك توك" المغرب.. ملاذ الفقراء لمواجهة البطالة

المساهمون