وثائق التعاون تعزز النفوذ الاقتصادي الصيني في سورية

وثائق التعاون تعزز النفوذ الاقتصادي الصيني في سورية

24 سبتمبر 2023
انفتاح النظام السوري على الصين اقتصاديا لمواجهة العقوبات الغربية (أسوشييتد برس)
+ الخط -

وقّع النظام السوري مع الجانب الصيني على ثلاث "وثائق للتعاون" في مجال الاقتصاد، في محاولة من هذا النظام لجذب بكين ومنحها امتيازات شبيهة بتلك التي أعطاها للروس والإيرانيين، تعزز من النفوذ الصيني في المنطقة مقابل مواصلة دعمه سياسياً في المحافل الدولية والاستثمار في مناطق سيطرته لإنقاذ اقتصاده المتهالك.

ووفق وكالة "سانا" الرسمية، فإن الوثيقة الأولى اتفاق تعاون اقتصادي، والثانية مذكرة تفاهم مشتركة للتبادل والتعاون في مجال التنمية الاقتصادية، أما الثالثة فهي مذكرة تفاهم حول السياق المشترك لخطة تعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق" التي طرحتها الصين قبل عشر سنوات، وانضم إليها النظام العام الفائت.

ووقعت هذه الوثائق الجمعة بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورأس النظام السوري بشار الأسد، في أثناء زيارة الأخير للصين، وهي الثانية له منذ توليه السلطة في سورية منتصف عام 2000.

وعرض الرئيس الصيني شي جين بينغ في أثناء لقائه الأسد مساعدة سورية في إعادة بناء اقتصادها ومواجهة الاضطرابات الداخلية، من خلال دفع العلاقات إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية"، وفق وكالة "رويترز".

ونقلت عنه وسائل إعلام رسمية القول إن الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ستدعم إعادة الإعمار في سورية.

تذبذب التبادل التجاري

ولم تكن العلاقات الاقتصادية بين النظام السوري والصين في مستوى متقدم، سواء قبل انطلاق الثورة السورية في عام 2011 أو ما بعدها، فالتبادل التجاري ظل في الحدود الدنيا، رغم الدعم السياسي الذي قدمته بكين إلى الأسد لقمع هذه الثورة.

ووفق أرقام غير رسمية نشرتها وسائل إعلام مرتبطة بالنظام السوري، شكلت الواردات السورية من الصين في عام 2010 ما نسبته 8.8% من إجمالي الواردات، مشيرة إلى أنها تذبذبت في أثناء الثورة بين 6.5%، و10.9%.

ويبدو أن انفتاح النظام على الصين اقتصادياً جاء بعد تراجع وتيرة التطبيع العربي مع النظام نتيجة تعنّت الأخير ورفضه التعامل إيجابياً مع مبادرة عربية للحل في سورية. وحاول النظام الحصول على أموال واستثمارات عربية دون تقديم تنازلات سياسية، بيد أن محاولته فشلت.

وبيّن الباحث الاقتصادي ياسر الحسين، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "في عام 2021، صدّرت الصين ما قيمته 482 مليون دولار إلى سورية". وأشار إلى أن "صادرات الصين إلى سورية زادت من 156 مليون دولار في عام 1995 إلى 482 مليون دولار في عام 2021".

ووفق الحسين، فإن "صادرات سورية إلى الصين نزلت من 1.67 مليون دولار في عام 1995 إلى 1.21 مليون دولار في عام 2021".

استثمارات ضعيفة

وتعليقاً على زيارة الأسد للصين وتوقيع وثائق تعاون معها، أوضح الباحث الاقتصادي يونس الكريم أن "العلاقات بين الصين والنظام السوري قبل الثورة كانت بسيطة، وتقوم على بعض عمليات الاستيراد من قبل تجار مرتبطين بهذا النظام"، مضيفاً أنها "كانت بضائع ومواد رخيصة وبلا جودة".

وتابع الكريم، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن استثمارات الصين في سورية قبل 2011 كانت محدودة، لأن النظام كان يميل إلى العلاقات مع الغرب، كذلك فإنه كان يتخوف من التغلغل الصيني في اقتصاده الضعيف وإحكام السيطرة عليه. وأشار إلى أن النظام سبق أن منح الصين الموافقة على إقامة مدينة صناعية، ولكن بكين لم تهتم للأمر، على اعتبار أن اقتصاد سورية صغير ولا جدوى من إقامة هذه المدينة، خصوصاً أن النظام لم يعطها منفذاً على البحر المتوسط للتصدير.

وبيّن أن "النظام احتال على الصين عندما اتفق معها على استثمار حقلي بترول لإنتاج 50 ألف برميل لكل منهما يومياً، لكن الشركة الصينية اكتشفت أن طاقة الحقلين لا تتجاوز الـ25 ألف برميل يومياً، وهو ما منع سينوبك الصينية للطاقة والكيماويات من توسيع استثماراتها في سورية".

وأضاف المتحدث ذاته أنه بعد اندلاع الثورة السورية لم تدخل الصين اقتصاد النظام كي لا تصطدم مع تركيا والغرب، أو مع روسيا وإيران، مشيراً إلى ضآلة مساعداتها لسورية خلال جائحة كورونا، التي تمثلت في 5 آلاف وحدة لتحليل الفيروس.

وأوضح الباحث الاقتصادي أن "النظام يحاول إغراء الصين حالياً، للاستثمار في سورية من خلال منحها العديد من المشروعات، منها مشروع مد أنابيب الصداقة الإيراني إلى البحر المتوسط، مع عدم الاصطدام بالولايات المتحدة الأميركية. ويريد النظام أيضاً منح الصين امتياز البحث عن الغاز في البادية السورية، وميناء بانياس على البحر المتوسط، ومشروعات إعادة إعمار مدينة حلب والاستثمار في مطارها الدولي".

ويعتقد الكريم أن الجانب الصيني "يريد الدخول إلى سورية اقتصادياً لتعزيز موقفه في الصراع القائم مع الغرب"، مضيفاً أن "النظام يريد كسر العقوبات الغربية عليه من خلال فتح أبواب البلاد للصين كما فعل سابقاً مع الروس والإيرانيين".

المساهمون