معاناة العراقيين تتجدد: الحرّ بدأ وتقنين الكهرباء لا يُحتمل

معاناة العراقيين تتجدد: الحرّ بدأ وتقنين الكهرباء لا يُحتمل

12 يونيو 2022
فوضى تمديدات مولدات الكهرباء للبيوت (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

يطرق حر الصيف أبواب العراق، فيما تتجدد أزمة انقطاع التيار الكهربائي واعتماد المواطنين على المولدات الأهلية المنتشرة داخل الأحياء السكنية. هذا العام المشكلة مضاعفة، حيث ارتفعت أسعار الوقود على أصحاب المولدات، ما ينذر بخفض ساعات التغذية من جهة، وصعود الفواتير على السكان من جهة أخرى.

وتتزايد التحركات في المناطق، في ظل ارتفاع الحرارة إلى أكثر من 50 درجة، فضلاً عن استمرار أزمتي الجفاف وشح المياه، فيما أكد المواطنون أن تقنين الكهرباء أصبح لا يُحتمل.

وخلّفت قلة الدعم الحكومي لأصحاب المولدات الأهلية ارتفاعاً في أسعار المشتقات النفطية التي تُشترى بأسعار تجارية، ما انعكس بشكل مباشر على المواطن العراقي نتيجة للتسعيرة التي وضعتها الحكومات المحلية لأصحاب هذه المولدات، والتي زادت عن 20 ألف دينار عراقي (14 دولاراً) للأمبير الواحد.

في المقابل، يعاني ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك من عجز شديد في المنتجات النفطية المكررة، والتي تكلف البلاد أكثر من 5 مليارات دولار سنويًا، من بينها نحو 3.4 مليارات دولار لاستيراد البنزين والغاز أويل "الديزل".

وقال عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية في البرلمان العراقي باسم الغريباوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن أزمة الوقود التي يشهدها العراق متعددة الجوانب، في مقدمتها أن العراق لا يمتلك مصافي حديثة لتكرير المشتقات النفطية، ونسبة تكرير المشتقات غير كافية لسد الحاجة المحلية.

وأضاف الغريباوي أن ارتفاع درجات الحرارة تسبب باستهلاك كبير للوقود، إن كان وقود السيارات أو مولدات الكهرباء، فضلاً عن وجود عمليات تهريب فاقمت من مشاكل أزمة المشتقات النفطية. وعن ارتفاع سعر أمبير الكهرباء الذي تجهزه المولدات الأهلية، أوضح الغريباوي أن سببه هو تدهور قطاع الكهرباء وانخفاض ساعات التجهيز، نتيجة عدم وصول كميات كافية من الغاز الإيراني لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، لعدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها المالية مع طهران.

وحمل الغريباوي الحكومات المحلية في المحافظات مسؤولية ارتفاع أسعار كهرباء المولدات الأهلية، لأنها الجهة المعنية بمتابعة المولدات وتجهيزها بالوقود بأسعار مدعومة من الدولة، وتحديد سعر أمبير الكهرباء بما يتلاءم مع ظروف المواطن العراقي. وأكد أن المواطن ضحية مشاكل متراكمة، منها تغيير سعر صرف الدينار الذي قطع نسبة 23 بالمائة من دخل الفرد، فضلاً عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية.

وقال المواطن من مدينة الموصل، محسن عبد الله، إن محطات تعبئة الوقود تغلق أبوابها خلال أوقات الدوام، وإن الطوابير تمتد لمسافات طويلة من أجل الوصول إلى داخل المحطة للحصول على الوقود قبل نفاده السريع، مؤكداً أن أصحاب المحطات يوزعون كمية على المواطنين، ويبيعون الكمية المتبقية لأشخاص يعملون في بيع الوقود بالأسواق السوداء من دون أي رقابة او رادع.

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن أغلب المركبات تأتي من خارج المحافظة، بالإضافة إلى أن تجهيز المحطات لا يتناسب مع عدد المركبات، ما يضطر الكثير من السائقين إلى شراء الوقود من الأسواق السوداء بأسعار باهظة.

ومن جهته، بيّن عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة نينوى محمد العبد ربه، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن السبب الرئيس لأزمة الوقود هو عمليات التهريب التي تشهدها أغلب المناطق، ما ولد حالة من الإرباك في عمليات التجهيز.

وحمّل العبد ربه الحكومة مسؤولية عدم تطبيق القوانين ومحاسبة المقصرين، فضلاً عن عدم وجود عقوبات رادعة تضبط عمليات التهريب. وشدد على أهمية متابعة محطات تعبئة الوقود، ومراقبة خزانات نقل الوقود من المستودعات وحتى المحطات، ومصادرة العجلات التي تقوم بعمليات التهريب، للحد من أزمة الوقود التي تشهدها البلاد.

وتشهد مناطق في جنوب العراق تظاهرات ووقفات احتجاجية، تخلل بعضها قطع طرق رئيسة وإغلاق مؤسسات حكومية، بسبب تراجع معدل تجهيز وتشغيل التيار الكهربائي. وشهدت محافظات النجف والقادسية وبابل والمثنى وديالى تظاهرات ليلية استمرت ساعات بعد انخفاض تجهيز الكهرباء إلى 8 ساعات من أصل 24 ساعة.

وقال المواطن إبراهيم كندي إن مدينة الرمادي تشهد ساعات قطع طويلة، وإن التغذية الكهربائية لا تتجاوز ثماني ساعات يومياً، ما يزيد العبء على المولدات الأهلية التي تعاني هي الأخرى من قلة دعم الحكومة المحلية لوقود تشغيل المولدات "الكَاز".

وأوضح كندي لـ"العربي الجديد" أن الحكومات المتعاقبة عجزت عن حل مشكلة الكهرباء، مشيراً إلى جشع أصحاب المولدات الأهلية، حيث وصل سعر الأمبير الواحد إلى أكثر من 20 ألف دينار عراقي، وهناك الكثير من المواطنين لا يملكون القدرة المالية لدفع هذا المبلغ.

المساهمون