مصر: غلاء الفواتير وراء تصاعد أزمة سرقة الكهرباء

مصر: غلاء الفواتير وراء تصاعد أزمة سرقة الكهرباء

16 ديسمبر 2020
ارتفاع كبير في قيمة فواتير الكهرباء (Getty)
+ الخط -

تصاعدت أزمة سرقة التيار الكهربائي للمساكن والمحلات التجارية في مصر خلال العام الحالي، وهو ما تشير إليه المحاضر الرسمية التي تم تحريرها من قبل سلطات الأمن والجهات المسؤولة، والمبالغ المالية التي تم تحصيلها من المشتركين المخالفين. 
وكشف مسؤول بوزارة الكهرباء لـ"العربي الجديد" أن خسائر سرقة تيار الكهرباء تقترب من 3 مليارات جنيه (نحو 192 مليون دولار) منذ بداية عام 2020 وحتى منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بزيادة ما يقرب من 500 مليون جنيه (نحو 32 مليون دولار) مقارنة بالعام الماضي. 
وأضاف المسؤول، الذي رفض الكشف عن هويته، أن ارتفاع "فاتورة الكهرباء" أحد أسباب زيادة سرقة التيار من قبل المشتركين، إضافة إلى زيادة أعداد الأسواق العشوائية والشعبية بالمحافظات، والتي تحتل الشوارع والميادين لعرض مبيعاتهم، ويعتمدون في الإنارة على أسلاك تمتد إلى الأعمدة الكهربائية بشكل غير قانوني وبعلم من الوحدات المحلية.
وأوضح المسؤول أن البعض لم يستوعب قرار الحكومة، بخفض دعم الطاقة طبقاً لخطة الإصلاح الاقتصادي، والتي تشمل رفع الدعم عن الكهرباء بشكل تدريجي، وهو ما أدى إلى زيادة أسعار الفواتير، لافتاً إلى أن قرار غلق المحلات العاشرة مساء ربما يساعد إلى حد كبير على توفير الطاقة وقلة الفاقد.
وشدد على أن مباحث شرطة الكهرباء بالتعاون مع المحليات بالمحافظات هي المنوط بها القيام بعمل حملات رقابة بصفة يومية لمواجهة تلك الأزمة.
وقال إن الهدف من شعار وزارة الكهرباء الذي أطلقته خلال الساعات الماضية، عبر وسائل الإعلام المختلفة الذي يحمل عنوان "الدفع يا الحبس"، بث روح الخوف لدى المواطنين، لتقليل نسبة الفاقد في الإيرادات المالية للوزارة. 

وكانت أعداد المحاضر التي تم تحريرها ضد المخالفين وسرقة التيار الكهربائي قد وصلت خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة بالمحافظات المصرية إلى 356498 محضراً، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال أصحاب تلك الحالات. 
وبحسب القانون، يعاقب كل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه (الدولار = 15.65 جنيهاً) ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وفي حالة تكرار السرقة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. 

وهناك عدة طرق لسرقة التيار، من بينها قطع السلك المؤدي للعداد، لكيلا يحسب ما تم استهلاكه، وإعداد دوائر إلكترونية طريقة ابتكرها عدد من الفنين باستخدام "ريموت كنترول" لفصل العداد وإعادة توصيله مباشرة من اللوحة العمومية، وهناك طريقة يطلق عليها "غطاء العداد" حيث يقوم البعض بنزع غطاء العداد لأسفل، فيتم من خلالها إيقاف العداد عن الدوران بدون انقطاع التيار عن المنزل، كما يمكن الاستيلاء على التيار من "الوصلة العمومية". 
"السرقة هي الحل" شعار كان قد رفعه عدد من المصريين خلال الأشهر الماضية، بالقرى والنجوع والمدن أيضاً، نتيجة الارتفاعات المتتالية بأسعار فواتير الكهرباء رغم ثبات معدل استهلاكهم، الأمر الذي شكل عبئا على المواطنين، إذ أكد الموظف الحكومي علي يوسف لـ"العربي الجديد" أن قيمة الفواتير تزيد من شهر إلى آخر، لتصل الزيادة في بعض الأحيان إلى 4 أضعاف، وهو الأمر الذي دفع البعض إلى سرقة التيار بطرق مختلفة، لتخفيف قيمة الفاتورة التي يشتكي منها الفقراء ومحدودو الدخل.

ومن جانبه، يرى السائق أحمد عبد السلام أن الحكومة هي السبب في سرقة التيار الكهربائي خاصة المنزلي بسبب سياستها التي أصبحت لا تفرق بين غني وفقير، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن بعض أصحاب الدخول المنخفضة هم من يقومون بسرقة التيار، نظراً لظروفهم الاقتصادية الصعبة، فأسعار فواتير الكهرباء أصبحت بصورة مبالغ فيها لا تتناسب مع الاستهلاك الفعلي، رغم المناشدات الكثيرة والمتعددة إلى الجهات المسؤولة. 
ولجأت وزارة الكهرباء إلى علماء الدين لإطلاق الفتاوى عبر وسائل الإعلام المختلفة لتحرم سرقة الكهرباء، وهو ما دفع المواطن ياسر عبده إلى التساؤل: أين رجال الدين من حالة الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار الفواتير؟
ربة منزل تدعى عفاف أحمد قالت إن قيمة الفاتورة كبيرة وقفزت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 300 جنيه، بعدما كانت 100 جنيه في الشهر السابق عليه، وتساءلت: "كيف سنعيش في ظل الغلاء الذي طاول مختلف السلع والخدمات؟".
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، الصادرة الخميس الماضي، أنّ تضخم أسعار المستهلكين بالمدن ارتفع إلى 5.7% على أساس سنوي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، من 4.5% في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما يرجع إلى حد كبير لزيادة أسعار الخضروات.

المساهمون