مصارف لبنان تستأنف عملها بإجراءات "عدائية"

مصارف لبنان تستأنف عملها بإجراءات "عدائية"

26 سبتمبر 2022
المصارف فتحت أبوابها لإتمام العمليات المرتبطة بالشركات بالدرجة الأولى (حسين بيضون/أرشيف)
+ الخط -

استأنفت مصارف لبنان عملها، اليوم الاثنين، عبر قنوات يحددها كل مصرف لعمليات المؤسسات التجارية والتعليمية والاستشفائية وسواها عبر الصرافات الآلية، وذلك بعد إضراب شمل الأسبوع الماضي كلّه، احتجاجاً على الاعتداءات المتكرّرة وغياب ضمانات الحماية الأمنية، بيد أنها اتخذت جملة تدابير احترازية وُضِعت في إطار "العدائية" لانعكاساتها الكبيرة على المودعين وعلاقتهم مع القطاع المصرفي.

وقال مصدرٌ مصرفيٌّ مسؤول في أحد البنوك في بيروت لـ"العربي الجديد"، إنّ "المصارف فتحت أبوابها اليوم لإتمام العمليات المرتبطة بالشركات بالدرجة الأولى، والمؤسسات التجارية والاستشفائية، لتسيير المرافق، خصوصاً مع اقتراب نهاية الشهر، وما يتوجب من إتمام المعاملات المرتبطة بالرواتب للقطاعين العام والخاص".

وأشار المصدر إلى أن "كل الفروع لم تستأنف عملها اليوم، فبعض المصارف قررت إبقاء بعض فروعها مقفلة ولا سيما في المناطق التي يصعب ضبطها أمنياً وذلك حفاظاً على سلامة الموظفين، لكن حضر بعض الموظفين لإتمام العمليات المطلوبة، مع إقفال الأبواب في الخارج، ولا سيما أن وزارة الداخلية رفضت التعاون المطلوب لتكثيف الإجراءات، في حين أن الفروع التي فتحت أبوابها اعتمدت إجراءات ذاتية إدارية وأمنية، كما أنها لا تستقبل جميع الزبائن، وتطلب منهم أخذ موعد قبل التوجه إلى المصرف، من هنا تم تفعيل الخدمات الهاتفية للتواصل مع الأقسام".

ولفت المصدر المصرفي إلى أن "قرار جمعية المصارف الأخير بفك الإضراب نوعاً ما لم يأتِ بالتوافق الكامل، فهناك آراء لا تزال منقسمة على صعيد الإبقاء على الإقفال وفتح الأبواب، ولكن باعتبار أن المصارف لا يمكن أن تبقى مقفلة إلى الأبد، تم اتخاذ هذه الخطوة مع إجراءات كثيرة سيتأثر بها حتماً المودعون ويلاحظون الفرق في المرحلة المقبلة".

من جهته، قال موظفٌّ في مصرف في العاصمة اللبنانية بيروت، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك حالة فوضى اليوم في المصرف، وضياع كبير عند الموظفين الذين فقط تبلغوا عبر رسائل وصلتهم أمس بوجوب التوجه إلى مراكز العمل صباح الاثنين، من دون توضيح باقي الأمور والإجراءات المتخذة، لكن خلال النهار تم إطلاعنا على بعض التدابير والعمليات المفترض القيام بها، أما دوامات العمل فلا تزال على حالها ولم تتغيّر".

وشهدت الصرافات الآلية زحمة مواطنين خصوصاً في ساعات الصباح الأولى في بيروت، بينما لم يسجل حتى الساعة أي إشكال أو حدث أمني مرتبط بالبنوك، فيما عمدت بعض المصارف إلى تعليق ورقة على أبوابها تطلب فيها من الزبائن الحصول على موعد مسبق من مراكز الخدمة التابعة لها بهدف الدخول إلى الفرع، وذلك لعمليات الايداع النقدي لتنفيذ الحوالات الخارجية أو إصدار الشيكات المصرفية.

انتقادات المودعين 

في هذا الإطار، يرى رئيس "جمعية المودعين" حسن مغنية، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "المشهد كما هو اليوم مستحيل أن يستمرّ بهذا الشكل ومع هذه التدابير المتخذة، إذ لا يمكن لأي نظام أو قطاع مصرفي في العالم أن يعمل بطريقة إقفال الأبواب أمام المودعين وحصر العمليات، هم بنظرهم يقومون بإجراء احترازي يجنّبهم هجوم المودعين على الفروع، لكن بنظرنا يزيد الاحتقان من جانب المودعين تجاه القطاع المصرفي".

ويضيف مغنية أن وزارة الداخلية أبلغت المصارف بعدم قدرتها على تأمين الحماية لفروع المصارف من خلال نشر عناصرها الأمنيين، فهل ستلجأ البنوك إلى شركات الأمن الخاصة، في مشهد يضع "ناس مقابل ناس"، وهو ما سيراه المودعون حتماً بمثابة إجراء عدائي ضدهم.

ويشير رئيس جمعية المودعين إلى أن المصارف تتصرف بشعبوية وبأسلوب خاطئ سيؤجج الأزمة، والأمور ذاهبة نحو مسار سوداوي إذا استمرّت على هذا المنوال، معتبراً في المقابل أن الحل الأسرع اليوم يستوجب إنشاء خلية أزمة مكوّنة من الحكومة ومجلس النواب ومصرف لبنان المركزي والمصارف والمودعين للبدء بنقاشٍ جدٍّي حول كيفية ضمان حقوق المودعين، وإعادة الأموال في المرحلة الراهنة ضمن أولويات، مثلاً: المريض، طالب العلم، ولا سيما في الخارج، والحالات الإنسانية، من هنا فإن المودعين لا يطلبون سوى إجراء جدي أقلّه لضمان حقوقهم.

وقالت جمعية المصارف أمس في بيان إنها عقدت اجتماعاً تداولت فيه وجوب تأمين استمرارية خدمة الزبائن مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الأمنية الصعبة الراهنة وضرورة المحافظة على سلامة الزبائن والموظفين على حد سواء وذلك بغياب الحماية الكافية من قبل الدولة.

وقررت الجمعية استئناف المصارف مزاولة أعمالها ابتداء من نهار الاثنين، وذلك عبر قنوات يحددها كل مصرف لعمليات المؤسسات التجارية والتعليمية والاستشفائية وسواها وعبر الصرافات الآلية للجميع، ما يسمح لها بإجراء إيداعاتها وسحوباتها كما يسمح بتأمين رواتب القطاع العام إثر تحويلها إلى المصارف من مصرف لبنان ورواتب القطاع الخاص الموطنة لديها.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأوضحت أنه يمكن لأي زبون عند الاضطرار الاتصال بالإدارة العامة للمصرف المعني أو بقسم خدمة الزبائن لديه لكي تتم تلبية أي حاجة ملحّة أخرى له بالسرعة الممكنة.

وتبقى الأنظار موجهة إلى البرلمان الذي يعاود اليوم مناقشة مشروع موازنة العام 2022، وسط تحركات مطلبية تتزامن مع الجلسة، من قبل جمعيات المودعين، والعسكريين المتقاعدين ومجموعات عدّة ترفع الصوت بوجه أي موازنة من شأنها أن تفاقم معاناة المواطنين، وتسلب أموال المودعين، وتأتي على حساب الشعب.

على صعيدٍ آخر، راوح سعر صرف الدولار صباح اليوم في السوق السوداء بين 37000 ليرة لبنانية و37200 ليرة لبنانية، في ظل تأرجح مستمرّ ينعكس انخفاضاً وارتفاعاً في أسعار المحروقات باعتباره بات يلعب دوراً كبيراً في تحديد الأسعار بعد رفع مصرف لبنان كامل الدعم عنها.