ماذا يقول عمّال العراق عن معاناتهم لتحصيل لقمة عيشهم؟

ماذا يقول عمّال العراق عن معاناتهم لتحصيل لقمة عيشهم؟

01 مايو 2021
العمال المياومون هم الأكثر تأثرا بقيود الإغلاق (فرانس برس)
+ الخط -

تزداد معاناة عمال العراق مع تفاقم الأزمة الصحية بفعل استمرار تسجيل إصابات مرتفعة في البلاد بفيروس كورونا الجديد، تخطت حاجز المليون إصابة وأكثر من 15 ألف وفاة، وما نجم عنها من فرض السلطات إغلاقات واسعة طاولت القطاع الخاص.
تتضح المعاناة جليا مع الأجراء اليوميين وصعوبة حصولهم على فرصة عمل، لتزيد معها الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي أثقلت كاهل العمال العراقيين.
ووفقاً لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، فإن أكثر من 20% من العراقيين يقبعون تحت خط الفقر الوطني، فيما تصل نسبة البطالة بين فئة الشباب إلى 22.7%، في حين بلغت نسبة البطالة نهاية عام 2020 نحو 40%، والسبب يعزوه مختصون إلى تفشي فيروس كورونا وقلة الوظائف في القطاعين العام والخاص.

في تقاطع حي الجامعة وسط العاصمة العراقية بغداد يتجمع عشرات العمال تحت أشعة الشمس الحارقة في ما يعرف بساحات المسطر بحثاً عن عمل يوفر لهم قليلا من الدخل.

والمسطر ساحة وقوف يتجمع فيها العاملون بالأجر اليومي (المياومة)، يخرجون إليها في الساعات الأولى من الفجر متسابقين مع الوقت أملاً منهم بالحصول على فرصة عمل توفر لهم قليلاً من المال.

يقول ياسر الشمري 38 عاماً وهو واحد من بين عشرات العمال الواقفين بحثاً عن عمل، إن "العمال العراقيين يعانون من غياب فرص العمل وحرمانهم من أبسط حقوقهم"، مبيناً أن "البعض منهم يبقون لعدة أيام من دون عمل".

وأضاف الشمري: "وإن توفر العمل في بعض الأحيان، فإنه لا يتناسب مع المجهود الذي يبذلونه، بسبب غياب فرص العمل وتسريح أعداد كبيرة من العاملين في القطاع الخاص".
وأضاف الشمري في حديثه مع "العربي الجديد" أن" فرص العمل غابت تماماً إلا ما ندر بعد تفشي جائحة كورونا، حتى إن معظم أصحاب العمل وخصوصاً في العاصمة بغداد يرفضون تشغيل عمال المسطر في منازلهم خشية من انتقال فيروس كورونا". 

تتضح المعاناة جلياً مع الأجراء اليوميين وصعوبة حصولهم على فرصة عمل، لتزيد معها الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي أثقلت كاهل العمال العراقيين.

وفي سوق الشورجة أحد أشهر أسواق بيع الجملة وسط بغداد يتجول مئات الشباب من محل إلى آخر ومن وسوق الى سوق بحثاً عن فرصة عمل بعد أن تعطلت مصالحهم السابقة جراء تفشي جائحة كورونا.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، يقول المواطن محمد العكيدي: كنت أعمل في أحد مطاعم العاصمة بغداد قبل أن يقوم صاحب المطعم بتسريح أكثر من 50% من العاملين وأنا من بينهم"، مبيناً انه لم يترك باباً إلا وطرقه بحثاً عن عمل لكنه لغاية اللحظة لم يحصل على فرصة عمل يوفر من خلالها لقمة العيش له ولعائلته.
وأضاف: "معظم من تعطلت أعمالهم هم من الطبقة العاملة الكادحة"، مشيراً إلى أن الوضع المعيشي لهم لا يسمح بجلوسهم في المنازل بسبب وجود التزامات مالية"، مؤكدا أن "أوضاع العمال في العراق تتجه من سيئ الى أسوأ".
وكانت الحكومة العراقية قد اتخذت في وقت سابق عدة إجراءات للحد من تفشي جائحة كورونا وتفادي زيادة عدد الإصابات، حيث شملت هذه الإجراءات إغلاق العديد من المواقع، لضمان عدم الاختلاط وانتقال العدوى كالمطاعم والمقاهي والمتنزهات، وهو ما دفع بعضها إلى تقليص عدد العاملين.
وفي سياق ذلك، قال رئيس اتحاد نقابة العمال العراقيين وليد نعمة لـ "العربي الجديد" إن "جائحة كورونا وارتفاع سعر صرف الدولار كان لهما أثر واضح وكبير على شريحة العمال العراقيين"، مشيراً إلى أن "العمال العراقيين في ذكرى عيدهم السنوي يعانون من غياب التأمين الصحي والضمان الاجتماعي الذي يضمن حقوقهم".
وأضاف أن "الحكومة العراقية أجبرت الكثير من العمال على التسول، نتيجة لإهمال هذه الشريحة التي تُعد من أكبر شرائح العراق وأكثرها مظلومية".
وأشار إلى أن "نقابة العمال بذلت جهوداً كبيراً حتى بح صوتها، نتيجة لمطالبتها بحقوق العمال العراقيين وتوفير فرص عمل تسمح لهم بالعيش بحياة كريمة، لكن الفوضى السياسية ألقت بظلالها على العمل النقابي"، مؤكدا على أن" النقابة لا تستطيع القيام بدورها الحقيقي ما لم يتوفر لها غطاء قانوني حقيقي".
من جهته، قال عضو نقابة العمال علي الجواري لـ"العربي الجديد" إن"عشرات آلالاف من العمال في القطاعين العام والخاص تضرروا بشكل كبير، بسبب توقف الوظائف نتيجة للإجراءات المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا، فضلاً عن لجوء شركات وقطاعات مختلفة في البلاد إلى تقليص عدد العاملين لديها إلى نسب قياسية بسبب خسائر لحقت بها، بالإضافة إلى الاقتطاعات الكبيرة من رواتب العاملين في معظم المهن".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأضاف أن " كل الأزمات التي يمر بها العراق الاقتصادية والصحية ورفع سعر صرف الدولار وفرض ضرائب على معظم البضائع والسلع الاستهلاكية، جميعها أثرت بشكل كبير ومباشر على العمال في العراق، ما زاد من حدة الأزمة المعيشية، وتراجع القدرة الشرائية للعاملين بالأجر اليومي إلى الصفر، لا سيما أننا نعيش أيام شهر رمضان الكريم واقتراب موعد عيد الفطر المبارك الأمر الذي جعل معاناة العمال تزداد سوءا".
وقال نائب رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية البرلمانية حسين عرب في حديث مع "العربي الجديد" إن "شريحة العمال تعرضت إلى الظلم من قبل الحكومات المتعاقبة ولم يتم إنصافها على مدى سنوات طويلة على المستوى التنفيذي والتشريعي، لكن هذا الظلم ازداد بعد انتشار جائحة كورونا وارتفاع سعر الدولار".
وأضاف أن " تردي الأوضاع المعيشية لمعظم العمال العراقيين نتيجة لحجم الأضرار التي خلفتها الأزمة الصحية والاقتصادية التي يمر بها البلد والتي أدت إلى تسريح آلاف العاملين عن أعمالهم لا تسمح بتقديم التهاني لهم بعيد العمال"، مؤكداً أن "وزارة العمل ستمضي في الأيام المقبلة بقانون التقاعد والضمان الاجتماعي لضمان جميع حقوقهم الاجتماعية والصحية".