لبنان: احتجاجات وإقفال مستشفيات مع استمرار انهيار الليرة

لبنان: احتجاجات وإقفال مستشفيات مع استمرار انهيار الليرة وغلاء الأسعار

26 مايو 2022
جانب من الاحتجاجات (حسين بيضون)
+ الخط -

باتت الأزمة الاقتصادية في لبنان تزداد حدّتها بشكل يوميّ، خصوصاً على وقع استمرار تحليق سعر صرف الدولار، الذي لامس اليوم الخميس عتبة 36 ألف ليرة لبنانية للمرة الأولى في تاريخ البلاد، ما ينعكس سريعاً على أسعار المحروقات التي شهدت، كذلك، ارتفاعاً كبيراً، لا سيما على صعيد المازوت مع زيادة وصلت إلى 51 ألف ليرة.

وأصدرت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية اليوم جدولاً جديداً بأسعار المحروقات، لحظ زيادة 9 آلاف ليرة لبنانية للبنزين 95 و98 أوكتان، 51 ألف ليرة للمازوت، و31 ألف ليرة للغاز.

وأصبحت الأسعار على الشكل الاتي: بنزين 95 أوكتان 597000 ليرة، بنزين 98 أوكتان 608000 ليرة، المازوت 732000 ليرة، والغاز 447000 ليرة.

وشهدت الساحة اللبنانية، الخميس، جملة اعتصامات مستنكرة التدهور المستمر في قيمة الليرة اللبنانية، وارتفاع سعر صرف الدولار الذي يؤدي إلى ضرب قدرتهم الشرائية بالكامل، ويجعلهم عاجزين عن تأمين الحدّ الأدنى من الحاجيات الأساسية بسبب الغلاء الفاحش وجشع التجار، خصوصاً أن رقابة الأجهزة المعنية شبه غائبة، وفي حين أنهم غير قادرين على الوصول إلى ودائعهم التي تعطى لهم بالقطّارة وبعد قضم قسم كبير منها.

ونفذ أطباء لبنان اليوم اعتصاماً أمام المصرف المركزي في بيروت اعتراضاً على القيود المصرفية المفروضة بحق المودعين والقطاع الصحي بشكل خاص، لما لها من تأثيرات مباشرة على المستشفيات بالدرجة الأولى، التي تعجز عن تأمين السيولة بهدف الاستمرار في مهامها.

وطالب الأطباء والعاملون في القطاع الصحي المصارف اللبنانية بالإفراج عن أتعابهم حتى يبقوا في لبنان ويعتنوا بالمرضى، مع الإشارة إلى أن الازمة الاقتصادية التي تضرب البلاد بحدّة منذ أواخر عام 2019 دفعت الكثير من الأطباء والممرضين والممرضات، ولا سيما بعد أزمة فيروس كورونا وتدهور قيمة العملة الوطنية بشكل كارثي، إلى ترك البلاد واتخاذ قرار الهجرة، الأمر الذي أثر سلباً على القطاع الذي يعاني من نقص حاد في أطقمه الطبية.

وتوقف الأطباء اليوم بشكل تام عن العمل بدعوة من نقابتي أطباء بيروت والشمال ونقابة أصحاب المستشفيات الخاصة، وذلك في العيادات والمراكز الصحية والمستشفيات، باستثناء الحالات الطارئة، في خطوة ليست الأولى من نوعها اعتراضاً على السياسة النقدية المتبعة من قبل الدولة اللبنانية.

كذلك، أعلن عددٌ من المستشفيات في شمال لبنان الاقفال اليوم وغداً الجمعة ووقف العمليات الجراحية وحالات الاستشفاء الباردة، على أن تبقى خدماتها مفتوحة فقط للحالات الطارئة.

وقال نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون، خلال الاعتصام، إن المستشفيات أصبحت عاجزة عن تأمين السيولة اللازمة لمتابعة عملها، فيما حقوق العاملين في القطاع الصحي باتت غير كافية لتأمين معيشتهم.

وتعاني مستشفيات لبنان من "صعوبات مالية، ولا سيما لجهة تأمين الأموال النقدية وما يفرضه مستوردو الأدوية والمواد الطبية، وسائر المشتريات غير الطبية من محروقات ومأكولات وسواها، عليها من دفع ثمنها نقداً بحجة السياسة النقدية التي تتبعها المصارف، والتي بدورها تلقي باللائمة على تعاميم مصرف لبنان، علماً أن معظم قبوضات المستشفيات تجرى إما بواسطة الشيكات أو بواسطة حوالات مصرفية، أما الأموال النقدية التي تدخل إلى المستشفيات، فلا تغطي سوى جزء بسيط جداً من حاجاتها النقدية"، على حدّ تعبير النقابة.

الصورة
احتجاجات في لبنان على غلاء المعيشة حسين بيضون2.jpg

وكانت نقابة أصحاب المستشفيات كلفت، بدءاً من 1 إبريل/نيسان الماضي، جميع موظفي المصارف ومصرف لبنان ومن هم على عاتقهم بتسديد فواتيرهم عند أي دخول للاستشفاء أو لخدمات خارجية، وذلك نقداً بالدولار أو ما يوازيه بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف في السوق مهما كانت الجهة الضامنة التي يستفيدون منها، مع مراعاة الحالات الحرجة التي يمكن أن تشكل خطراً على حياة المريض، وذلك رداً على ما تفرضه المصارف من قيود على موظفي المستشفيات تطاول أجورهم.

ويشكو اللبنانيون من ارتفاع الفاتورة الاستشفائية وعدم قدرتهم على تأمين تكاليف العلاج في المستشفى، كما من تعرفة زيارة الطبيب التي أصبحت تتخطى 500 ألف ليرة لبنانية، ومنهم يفرضها بالدولار الأميركي بشكل مخالف للقانون، في حين أصبحت شركات التأمين تشترط الدفع بالدولار النقدي "الفرش"، لتأمين العناية اللازمة للمريض وتسهيل أموره وإعطائه الموافقات المطلوبة للفحوص الطبية ولإدخاله إلى المستشفى.

كذلك، نفذ أصحاب الأفران اعتصاماً أمام وزارة الاقتصاد في بيروت للمطالبة بتأمين القمح للمطاحن ووضع تسعيرة لربطة الخبز تتلاءم مع سعر الصرف، الذي يرتفع بشكل يومي وبمسار تصاعدي سريع.

وطالب المعتصمون مجلس النواب المنتخب حديثاً بالإسراع في إقرار قانون قرض البنك الدولي لدعم القمح، مع العلم أن المجلس النيابي لم يعقد بعد أي جلسة منذ انتهاء الانتخابات في 15 مايو/أيار الجاري، بانتظار دعوة رئيس البرلمان نبيه بري بوصفه أكبر الأعضاء سناً المجلس للانعقاد بهدف انتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس في مهلة محددة بـ15 يوماً، قد تستخدم كلها لحين نضوج التسوية السياسية على موقعي رئاسة البرلمان ونيابتها، مع التذكير بأن الحكومة اللبنانية دخلت منذ الأحد الماضي مرحلة تصريف الأعمال.

بدورهم، قطع السائقون العموميون الطريق أمام وزارة الداخلية في بيروت احتجاجاً على ارتفاع أسعار المحروقات التي باتت ترهقهم، خصوصاً أنهم لا يتحمّلون أعبائها فقط، بل يعانون من صعوبات كبيرة مادياً في تأمين صيانة السيارات وشراء قطع الغيار التي تسجل أسعاراً خيالية وأصبحت تُفرَض بالدولار الأميركي النقدي.