عن حقيقة الأرقام والمشروعات الجامبو في مصر

عن حقيقة الأرقام والمشروعات الجامبو في مصر

19 مارس 2024
أعلى برج في أفريقيا بالعاصمة الإدارية بكلفة 3 مليارات دولار (تويتر)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مصر، تتميز المشروعات الضخمة بالإعلان عنها كالأضخم في الشرق الأوسط، مثل مشروع سكني وأكبر مرصد فلكي، رغم عدم تحقق بعضها والتحديات الاقتصادية.
- العاصمة الإدارية الجديدة تُعد نموذجًا لهذه الظاهرة بمشروعاتها العملاقة كأضخم مسجد وكنيسة وبرج أيقوني، مما يعكس استمرارية استخدام وصف "الأضخم" من قبل الحكومة.
- تواجه مصر تحديات اقتصادية معتبرة، بما في ذلك الاعتماد الكبير على القروض الخارجية لتمويل هذه المشروعات، مما يثير القلق حول استدامتها المالية والاقتصادية.

تسرف المؤسسات الرسمية والإعلامية في مصر حينما تصف عشرات المشروعات بأنها الأضخم في منطقة الشرق الأوسط، رغم أن بعضها لا يرى النور أصلاً كما هو الحال مع أكبر مشروع سكني في المنطقة جرى إعلانه رسمياً في العام 2014 بالتعاون مع الإمارات، وقيل إنه سيضم مليون وحدة سكنية تخصص للشباب لم يتم بناء وحدة منها.

وتوسعت الحكومات المتعاقبة في استخدام كلمات الأضخم والأكبر و"الجامبو"، وربما الأول من نوعه، في وصفها لمشروعات تعلن بين وقت وآخر تدشينها في مجالات ومناطق مختلفة وبتكاليف ضخمة تبلغ مليارات الدولارات وبما يفوق القدرات المالية للدولة ويمثل إرهاقا للاقتصاد ودافعي الضرائب والموازنة العامة.

أحدث مثال على ذلك ما حدث قبل أيام حيث تم الإعلان عن إقامة أكبر مرصد فلكي في الشرق الأوسط، قيل إنه سيجري إنشاؤه ليكون بديلاً عن مرصد القطامية، وبتكلفة مبدئية تبلغ 100 مليون دولار.

توسعت الحكومات المتعاقبة في استخدام كلمات الأضخم والأكبر و"الجامبو" في وصفها لمشروعات تم تدشينها بتكاليف ضخمة تبلغ مليارات الدولارات

واللافت أن المشروع يقام في الوقت الذي تتمتع فيه مصر بالفعل بأقدم مرصد في المنطقة وهو مرصد القطامية الفلكي، الذي يقع على بُعد 80 كم من وسط العاصمة القاهرة، ويعد الوحيد في الشرق الأوسط والثاني في أفريقيا.

كما تم الإعلان عن هذا المشروع في الوقت الذي كانت تعاني فيه البلاد من ندرة شديدة في السيولة والموارد الدولارية واضطرابات شديدة في سوق الصرف الأجنبي قبل أقل من شهر من الآن.

وحظيت العاصمة الإدارية الجديدة بأكبر نسبة وصف للمشروعات الأضخم في المنطقة، فالمدينة نفسها رُوّج لها على أنها أكبر عاصمة إدارية في الشرق الأوسط بمساحة 714 كم، أي 170 ألف فدان، وهو ما يعادل مساحة سنغافورة وأربعة أضعاف مساحة واشنطن تقريبًا.

والعاصمة نفسها قيل إنها تضم أضخم مسجد وكنيسة ودار أوبرا ومدينة فنون وحياً حكومياً في منطقة الشرق الأوسط، كما تضم البرج الأيقوني الذي تصفه الحكومة على أنه أعلى برج في أفريقيا.

وتضم أيضاً أضخم مطبعة للبنكنوت في تاريخ مصر والمنطقة، وأكبر مول ومنطقة تجارية في الشرق الأوسط على الإطلاق بحسب أوصاف الجهات الرسمية.

حظيت العاصمة الإدارية الجديدة بأكبر نسبة وصف للمشروعات الأضخم في المنطقة، فالمدينة نفسها رُوّج لها على أنها أكبر عاصمة إدارية في الشرق الأوسط

كما تحوي العاصمة الإدارية أكبر حديقة مركزية في الشرق الأوسط، ونهراً صناعياً يحمل اسم "النهر الأخضر" يقع على ألف فدان وبطول 35 كم، ويحوي أطول سلسلة حدائق في العالم بمساحة تصل إلى 6 أضعاف حديقة سنترال بارك في مدينة نيويورك، وهذا النهر قيل إن تكلفة مرحلته الأولى البالغ طولها 10 كم تبلغ 9 مليارات جنيه.

وما دمنا نتحدث عن الأنهر الصناعية العملاقة، فقد سبق وأن أعلنت الحكومة أيضاً إطلاق أطول نهر صناعي في العالم يشق صحراء مصر الغربية ويبلغ طوله 114 كم وبتكلفة 160 مليار جنيه، أي 3.3 مليارات دولار. ولا نعرف الكثير عن تفاصيل هذا المشروع وجهات التمويل، وما إذا كانت خارجية أم تمويل محلي.

موقف
التحديثات الحية

وقبل أيام أعلنت الحكومة إطلاق ما أسمته بأكبر مشروع ترفهيي في الشرق الأوسط باستثمارات مصرية سعودية 1.1 مليار جنيه.

وبداية شهر يناير 2024 أعلنت عن تدشين أكبر مشروع من نوعه في المنطقة وهو إنتاج طاقة الرياح في منطقتي خليج السويس وجبل الزيت بسعة 1.1 غيغاواط وباستثمارات 1.5 مليار دولار.

وفي أغسطس 2021 أعلنت الجهات الرسمية إطلاق المشروع القومي "حدائق الفسطاط" الواقع في قلب القاهرة التاريخية ووصفته أيضاً بأنه الأكبر في الشرق الأوسط بمساحة 5500 فدان.

أرقام "الجامبو" لا تتوقف على المشروعات، فمصر هي الدولة العربية التي حصلت على أضخم قروض من صندوق النقد الدولي

اللافت أن العديد من مشروعات الجامبو تلك تم تمويلها بقروض خارجية رغم عدم حاجتها أصلًا إلى النقد الأجنبي، ولا تدر عائداً دولارياً يمكنها من سداد الأعباء الخارجية المستحقة عليها. بل وتم الإعلان عن بعضها في ذروة أزمة الدولار الأخيرة.

أرقام "الجامبو" لا تتوقف على المشروعات، فمصر هي الدولة العربية التي حصلت على أضخم قروض من صندوق النقد الدولي زادت قيمتها على 30 مليار دولار في الفترة من 2016-2024.

كما حصلت على القرض الأضخم من البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، والأضخم من البنك الإسلامي للتنمية، والأضخم من مؤسسات مالية دولية واقليمية أخرى منها صندوق النقد العربي والمؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة.

حتى المساعدات والمنح تفوقت حكومة مصر فيها، إذ إنها الدولة العربية التي حصلت على أكبر مساعدة من الاتحاد الأوربي بقيمة تزيد على 8 مليارات دولار، وقبل سنوات حصلت على 5 مليارات يورو أخرى.

ومصر هي الدولة العربية التي حصلت على أضخم منح ومساعدات خليجية وقروض من دول الخليج تجاوزت 100 مليار دولار في السنوات العشر الأخيرة. ومصر من الدول القلائل في العالم التي عومت عملتها المحلية 5 مرات في خلال فترة زمنية لا تتجاوز 7 سنوات.

المساهمون