عمالقة الطاقة ينسحبون من روسيا... التخلص من استثمارات عمرها عقود

عمالقة الطاقة ينسحبون من روسيا... التخلص من استثمارات عمرها عقود

02 مارس 2022
أسعار الطاقة تسجل قفزات قياسية (Getty)
+ الخط -

تتوالي إعلانات شركات الطاقة الغربية، الانسحاب من السوق الروسية، بعد عقود من الاستثمار، في إطار المخاوف المتصاعدة من تضرر أعمالها جراء العقوبات الغربية الصارمة على موسكو رداً على غزوها أوكرانيا، بينما تنعكس هذه التطورات بالسلب على أسواق الطاقة العالمية، إذ تواصل أسعار النفط قفزاتها ليلامس خام برنت، اليوم الأربعاء، مستوى 112 دولارا للبرميل، لأول مرة منذ نحو ثماني سنوات.

"إكسون موبيل"

وأعلنت مجموعة النفط الأميركية العملاقة "إكسون موبيل" أنها ستنسحب تدريجياً من حقل نفطي رئيسي تديره في روسيا بالنيابة عن تحالف يضم شركات روسية وهندية ويابانية ويُعرف باسم "مشروع سخالين-1".

وتدير "إكسون موبيل" منذ 1995 "مشروع سخالين-1" الواقع في أقصى الشرق الروسي والذي تمتلك 30% منه. وقالت الشركة في بيان لها، مساء الثلاثاء إنه "ردّاً على الأحداث الأخيرة فإنّنا نبدأ عملية وقف الأنشطة واتّخاذ خطوات للخروج التدريجي" من هذا المشروع، مؤكّدة أنّها لن تستثمر بعد الآن في مشاريع جديدة في روسيا.

وأوضحت "إكسون موبيل" أن انسحابها لن يكون فورياً، قائلة "بصفتنا مُشغّل سخالين-1، علينا التزام ضمان سلامة الناس وحماية البيئة وسلامة العمليات".

وأضافت أنّ عملية وقف الأنشطة يجب أن "تُدار بعناية وتنسيق وثيق مع أصحاب المشاريع المشتركة لضمان تنفيذها بأمان". و"سخالين-1" هو المشروع الرئيسي الوحيد الذي كانت "إكسون موبيل" تعمل به في روسيا، إذ إنها انسحبت من مشاريع مع شركتين أخريين بعد فرض عقوبات على روسيا في 2014.

شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية

أما شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية فاختارت من جهتها عدم مغادرة روسيا، لكنّها قرّرت عدم استثمار مزيد من الأموال في هذا البلد.

"إيني" الإيطالية

كما تعتزم المجموعة النفطية الإيطالية العملاقة "إيني" بيع حصتها البالغة 50% في خط أنابيب الغاز "بلو ستريم" الذي تسيطر عليه بالتساوي مع شركة "غازبروم" الروسية العملاقة، وذلك في أعقاب غزو موسكو لأوكرانيا، بحسب ما قال متحدث باسم الشركة، مساء الثلاثاء، لوكالة "فرانس برس".

وقال المتحدّث إنّ "إيني تعتزم بيع حصّتها" في خط أنابيب الغاز "بلو ستريم" الذي يربط روسيا بتركيا عبر البحر الأسود، مؤكدا أنّ "وجود إيني الحالي في روسيا هامشي".

وأوضح المتحدث أن "المشاريع المشتركة القائمة" مع شركة روسنفت الروسية العملاقة شبه العامة و"المرتبطة بتراخيص تنقيب في منطقة القطب الشمالي، قد جرى تجميدها منذ سنوات، خصوصاً بسبب عقوبات دولية مفروضة منذ 2014".

وتبلغ حصة إيني في مشاريعها المشتركة مع روسنفت 33%. ورداً على سؤال لوكالة فرانس برس، لم يحدد المتحدّث باسم "إيني" حجم حصة الشركة في خط أنابيب الغاز بلو ستريم.

شركة "بي بي" البريطانية

كانت شركة النفط البريطانية "بي بي" قد أعلنت، الأحد الماضي، التخلي عن أسهمها في شركة روسنفت الروسية. وقدرت حصة "بي بي" في الشركة الروسية بـ 14 مليار دولار في نهاية العام الماضي 2021.

وقالت سوزانا ستريتر، المحللة في شركة "هارغريفز لانسداون" للاستشارات المالية البريطانية، إن "قرار الانسحاب من روسنفت سيكون مكلفا للغاية لشركة بي بي، لكن من الواضح أن مجلس الإدارة شعر تحت وقع الصدمة بأنه ليس أمامه خيار سوى دفع ثمن باهظ وإبعاد أنشطته عن العدوان الروسي".

"شل" البريطانية

كما قالت شركة "شل" في أعقاب قرار "بي بي" إنها ستتخارج من مشاريع الغاز المشتركة في روسيا، مشيرة إلى أنها ستنهي شراكاتها مع شركة "غازبروم"، بما في ذلك منشأة "سخالين 2" للغاز الطبيعي المسال، فضلاً عن مشاركتها في مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي جمدته ألمانيا نهاية فبراير/شباط الماضي.

وتمتلك "شل" 27.5% من منشأة "سخالين -2" للغاز الطبيعي المسال، و50% من شركة "سالم بتروليوم للتنمية"، والتي حققت العام الماضي 700 مليون دولار من الأرباح المعدلة.

وستتخارج "شل" أيضاً من شركة "غيدان" التي تشارك في الأعمال الاستكشافية مع "غازبروم"، وستنسحب من خط أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي توقف العمل فيه بالفعل بقرار من السلطات الألمانية.

شركة "أكوينور" النرويجية

كما أعلنت شركة "أكوينور" وهي أكبر شركة للطاقة في النرويج تمتلك الحكومة فيها حصة الأغلبية، أنها ستشرع في الانسحاب من مشاريعها المشتركة في روسيا، والتي تصل قيمتها لنحو 1.2 مليار دولار. قوال الرئيس التنفيذي للشركة، أندرس أوبيدال، قبل أيام، "في ظل الموقف الراهن، ننظر إلى وضعيتنا بأنه لا يمكن تبريرها".

وتبين الخطوات التي اتخذتها العديد من شركات الطاقة الغربية، إلى أي مدى تعتزم القوى المناوئة لموسكو معاقبة الاقتصاد الروسي. لكن الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات الصارمة التي جاءت رداً عليه تسببت في اضطرابات حادة في الأسواق العالمية بداية من الطاقة والمعادن وصولا إلى الحبوب والأغذية، مما أدى إلى زيادة الضغوط التضخمية على الاقتصاد العالمي المتضرر بالفعل من ارتفاع التكاليف.

وفي ظل هذه الخلفية المتقلبة وسريعة الحركة، تواجه مجموعة "أوبك+" التي تضم الدول الأعضاء في منظمة أوبك والمنتجين الكبار من خارجها على رأسهم روسيا، مهمة أصعب من المعتاد عندما تجتمع، اليوم الأربعاء، لمناقشة سياسة الإمداد لشهر إبريل/ نيسان المقبل.

وضخت روسيا 11.3 مليون برميل من النفط يومياً خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.

وقال آندي ليبو، رئيس شركة ليبو أويل أسوشيتس الأميركية في مذكرة، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية قبل أيام: "قد تؤدي إزالة بعض البنوك الروسية من نظام سويفت إلى تعطيل إمدادات النفط، حيث يحاول المشترون والبائعون معرفة كيفية التعامل مع القواعد الجديدة".

أعلى مستوى لأسعار النفط منذ 2014

وقفزت أسعار النفط، اليوم الأربعاء، إلى مستويات قياسية هي الأعلى منذ عام 2014، ليلامس خام برنت 112 دولاراً للبرميل، كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى نحو 111 دولارا للبرميل.

وجاء صعود أسعار النفط رغم تعهد وكالة الطاقة الدولية، الأسبوع الماضي، بالمساعدة في ضمان أمن الطاقة العالمي.  وأمس الثلاثاء، أعلنت الوكالة أن الدول الأعضاء فيها ستسحب من احتياطاتها النفطية الاستراتيجية 60 مليون برميل لتهدئة مخاوف الأسواق.

كما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، في أول خطاب له عن حال الاتحاد، مساء أمس، أمام الكونغرس أن الولايات المتحدة ستسحب من احتياطها الاستراتيجي 30 مليون برميل من النفط لإرساء الاستقرار في السوق. كذلك قالت الهند، قبل يومين، إنها ستدعم مبادرات الإفراج عن احتياطيات النفط الطارئة للمساعدة في تهدئة الأسعار.

المساهمون