ضغوط بيئية تهدد بشل مصنع سيارات تسلا في ألمانيا

ضغوط بيئية تهدد بشل مصنع سيارات تسلا في ألمانيا

01 مارس 2024
تسعى تسلا لمضاعفة الطاقة الإنتاجية للمصنع الألماني (سيان غالوب/غيتي)
+ الخط -

يبدو أن مصنع شركة السيارات الأميركية تسلا في ولاية براندنبورغ الألمانية مهدد بالتوقف عن الإنتاج بسبب انتهاكه القيم الحدية المسموح بها للمواد الملوثة في مياه الصرف الصحي. يأتي ذلك بعد أيام فقط على رفض السكان في غرونهايده فكرة توسعة المصنع على حساب الأضرار في البيئة والسكان والغابات والمياه النظيفة في المنطقة.

وفي هذا الإطار، بينت شبكة "آر بي بي" الإخبارية، الخميس أن حوالي 100 شخص من ناشطي البيئة احتلوا أمس منطقة غابات بالقرب من مصنع تسلا في غرونهايده، وشيدوا بيوتاً خشبية وخيماً وسط الأشجار، اعتراضاً على خطط التوسع المخطط لها لمباني الشركة، ومطالبين البلدية الالتزام بتصويت سكان المنطقة الرافض لتوسيع مصنع تسلا، خاصة أن الأخير بُني بتصاريح خاصة.

وقد سمحت الشرطة لهؤلاء بالبقاء هناك حتى 15 مارس/ آذار الحالي، مع إمكان التمديد. ووفق متحدث باسم الشرطة، فإن المحتجين يخططون لإقامة طويلة الأمد.

وتحت شعار "الغابة بدلاً من مصنع الوحوش"، شارك أيضاً نشطاء من مجموعة "روبن هود" المدافعة عن البيئة، الخميس، وحثوا مسؤولي البلدية على بذل كل ما وسعهم لوقف التوسع وتعزيز انتقال التنقل الصديق للبيئة، وأنهم موجودون في المكان لرفع البطاقة الحمراء بوجه مالكها المليادير إيلون ماسك، لأن التوسع يعرض إمدادات مياه الشرب للتلوث ويضر بالمناخ ويُبطئ عملية التحول في مجال النقل.

وفي هذا الإطار، ذكرت شبكة "أر تي إل" الإخبارية، مطلع الأسبوع، أن مصلحة مياه شتراوسبرغ أركنر أفادت في رسالة بأن التقييمات برهنت أن تسلا كانت تطلق بشكل مستمر وملحوظ الكثير من الفوسفور والنيتروجين الكلي في نظام الصرف الصحي وعلى مدى العامين المنصرمين تقريباً، وبما يصل إلى 6 أضعاف المواد الملوثة في مياه الصرف الصحي.

ودفعت تجاوزات تسلا المصلحة المذكورة إلى دق ناقوس الخطر للضغط من أجل إغلاق خط الصرف الصحي حتى إشعار آخر، وهذا قد يعني توقف إنتاج للمصنع، ودعت المصلحة لاجتماع استثنائي لرؤساء بلديات المنطقة لتحديد مآل الأمور.

وعن خطورة الوضع وتأثيره على مياه الشرب في برلين، بينت "فوكوس أونلاين" اليوم أن زيادة كمية الفوسفور ليس لها أي تأثير مبدئي على جودة مياه الشرب. ومع ذلك، حذر الباحث مارتن بوش من معهد "لايبنيز" المهتم ببيئة وجودة المياه العذبة في برلين، من أن التركيز العالي للمواد الخطرة في مياه الصرف الصحي يمكن أن يعرض إمدادات مياه الشرب في العاصمة للخطر.

بدورها، أعربت جمعية "مبادرة المواطنين" في غرونهايده عن صدمتها من انتهاكات تسلا المتجددة للوائح البيئية، ولفت أحد أعضائها شتيفن شورشت إلى أنه ليس مستغرباً أن تستمر الاحتجاجات ضد تسلا لحضها على وقف تجاوزاتها وما تشكله من مخاطر على المنطقة.

وكانت تسلا تلقت أيضاً قبل أيام صفعة من سكان منطقة غرونهايده، بفعل تصويت أغلبية المقيمين في المنطقة برفض خطط التوسعة الخاصة بالمصنع.

وهذا ما يعتبر علامة فارقة، خاصة أنه كان من المقرر، بالإضافة إلى المساحة الحالية البالغة 300 هكتار، إضافة 170 هكتاراً أخرى تعتزم الشركة الأميركية استغلالها لزيادة المباني وبناء مساحة شحن ومستودعات وروضة أطفال نهارية خاصة بالشركة.

ومن أسباب الرفض غير الملزم قانوناً للمجلس البلدي أن تسلا التي افتتحت المصنع قبل عامين تريد تطهير أكثر من 100 هكتار من الغابات. وفي المقابل، كانت المنطقة ستستفيد من خطة تنمية ومشاريع بنية تحتية مهمة أخرى.

وفي تعليق لوزير الاقتصاد في ولاية براندنبورغ يورغ شتاينباخ مع شبكة "آر آر بي 24" الإخبارية أخيراً، أشار إلى أن نتيجة تصويت ممثلي المجتمع في غرونهايده على رفض التوسعة يعتبر مهماً، ومن المجدي أن نأخذ نتائج تصويت الناس على محمل الجد.

وأضاف أن ذلك يجب أن يشكل فرصة للشركة الأميركية لحل المشكلات وتبديد هواجس السكان وتقديم إجابات مقنعة لمخططاتها المستقبلية.

وفي ما يتعلق بالقرار الحاسم بهذا الخصوص، لا يمكن لبلدية غرونهايده أن تغفل نتائج التصويت الرافض للتوسعة، رغم أنه وفقاً لوزارة البيئة فقد وعدت حكومة الولاية بالفعل تسلا عام 2019 بالاستحواذ على منطقة أخرى لتنفيذ خطة التطوير الخاصة بالشركة.

تجدر الإشارة إلى أن نسبة التصويت بلغت 70%، حيث سمح بمشاركة جميع السكان الذين تجاوزت أعمارهم 16 عاماً، والأشخاص المقيمين في المنطقة منذ 3 أشهر على الأقل.

وعن أهمية توسعة مصنع تسلا في ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي، بينت تقارير اقتصادية أن تسلا تريد الاستفادة من مزايا المنطقة لتنفيذ مخططها التطويري.

ووفقاً للشركة، فإن ذلك سيسهل حركة الشحن من محطة العمل بالمصنع، والتي ستوفر وسائل نقل أكثر صداقة للبيئة، وتحدّ من زحمة المرور في المنطقة، وستمنح أيضاً المزيد من أمان التسليم بفعل مساحة التخزين.

وقد اضطرت الشركة قبل نحو أسبوعين تقريباً للإغلاق بسبب فقدان بعض الأجزاء نتيجة الوضع غير المستقر في البحر الأحمر.

ومن خلال توسيع المساحة اللوجستية الكافية للمصنع، تريد تسلا أن تجعل من الممكن صناعة المزيد من السيارات مستقبلا، خاصة أنها تسعى لمضاعفة الطاقة الإنتاجية من الهدف الرئيسي المتمثل في إنتاج 500 ألف سيارة، والذي لم يتحقق بعد، إلى مليون سيارة سنوياً.

ويوظف مصنع غرونهايده حالياً 12500 شخص، وينتج 6000 سيارة أسبوعياً، أي ما يعادل تقريباً 300 ألف مركبة سنوياً.

المساهمون