"سي أن أن": عملاق استثماري صيني يخفق في سداد التزامات للمستثمرين

"سي أن أن": عملاق استثماري صيني يخفق في سداد التزامات للمستثمرين

18 اغسطس 2023
أحد مقار صندوق "زونغرونغ" الصيني في العاصمة بكين (Getty)
+ الخط -

أخفق صندوق استثمار صيني كبير في سداد مدفوعات لبعض الشركات المستثمرة فيه، ما أثار احتجاجاً نادراً من العملاء، وزاد من المخاوف من تسبب الركود في سوق العقارات بالصين وأزماته في حدوث أزمة مالية أوسع نطاقاً وأعمق تأثيراً.

وخلال الأسابيع الأخيرة، قالت "سي أن أن" إن ثلاث شركات صينية على الأقل، هي "ناسيتي بروبيرتي سيرفس"، و"كيه بي سي كوربوريشن"، و"شيانهينغ إنترناشيونال ساينس أند تكنولوجي"، أفادت بأن صندوق "زونغرونغ تراست" لم يفِ بالتزامه بدفع كل من الفائدة والمبلغ الأساسي لمنتجات استثمارية متعددة.

وتجاوز إجمالي المدفوعات، وفقاً لما أعلنت عنه الشركات الثلاثة، 110 ملايين يوان (15 مليون دولار).

ويعد صندوق "زونغرونغ تراست"، والذي يدير ما قيمته 87 مليار دولار من أموال العملاء والشركات حتى نهاية العام الماضي 2022، واحداً من آلاف شركات إدارة الثروات في الصين، التي تدفع مستويات عالية نسبية من العائد لعملائها من المستثمرين.

ويعد الصندوق أيضاً جزءاً من صناعة "بنوك الظل"، وهو قطاع يشكل مصدراً مهماً للتمويل في الصين. ويشير المصطلح عادة إلى نشاط التمويل الذي يحدث خارج النظام المصرفي الرسمي، إما من قبل البنوك، من خلال أنشطة خارج الميزانية العمومية، أو من قبل المؤسسات المالية غير المصرفية، مثل شركات الائتمان.

ويُمثل قطاع "بنوك الظل" جزءاً غامضاً وكبيراً من المشهد المالي الصيني، لكن الأضواء سُلطت عليه مع تزايد مخاوف المستثمرين العالميين بشأن مستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مع استمرار صعوبات الخروج من الركود، وتنامي حالات التعثر في القطاع العقاري، الذي يلامس ما يقرب من ثلث الاقتصاد الصيني.

وشوهد نحو عشرة متظاهرين غاضبين هذا الأسبوع، وهم يرددون شعارات تطالب بحصولهم على مدفوعات مقابل منتجات استثمارية أصدرتها الشركة، بحسب مقاطع فيديو رصدتها "سي أن أن" على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما لم تعقب الشركة على الفيديوهات.

وعلى أثر ذلك أصدرت شركة "زونغرونغ" بياناً لنفي الأخبار، قالت فيه إن بعضاً ممن وصفتهم "بالمجرمين" أرسلوا إخطارات كاذبة للعملاء حول إلغاء المنتجات الاستثمارية. وطالبت عملاءها بتوخي الحذر من الاحتيال، لكنها لم تعلق على مسألة المدفوعات المتأخرة للمستثمرين.

وترتبط شركة "زونغرونغ" بمجموعة شركات "زونغزي غروب"، أحد أكبر التكتلات الخاصة في الصين التي تعمل في مجال الخدمات المالية والتعدين والسيارات الكهربائية.

ولدى الوحدات المالية الأساسية للمجموعة أكثر من تريليون يوان (138 مليار دولار) من الأصول التي تديرها، وفقاً لبيان نُشر على موقعها على الإنترنت في ديسمبر/ كانون الأول.

وأثارت أخبار مدفوعات "زونغرونغ" المتأخرة حالة من الذعر على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بدت وكأنها تؤكد التكهنات المنشورة عبر الإنترنت في وقت سابق من هذا العام، والتي أفادت بأن شركات المجموعة تعاني من أزمة سيولة، وأنها قد تتوقف عن سداد مدفوعات مستحقة على بعض منتجاتها الاستثمارية.

وفي الأيام الأخيرة، اندفع المستثمرون على المنتديات التي تستضيفها بورصتا شانغهاي وشنزن للأوراق المالية، وتزايدت الأسئلة من الشركات المدرجة عما إذا كان لديهم أي تعاملات مع زونغرونغ.

وأكد محللو "سيتي غروب" في تقرير بحثي مساء الأربعاء أن المستثمرين كانوا خائفين من انتشار "العدوى" إلى صناعة صناديق الاستثمار البالغة 2.9 تريليون دولار في البلاد. ويرجع ذلك إلى وجود استثمارات لهذه الصناديق، منذ فترة طويلة، في قطاع العقارات المضطرب حالياً في الصين، والغارق في أسوأ حالة ركود له على الإطلاق.

وأضاف المحللون أن "المخاطر النظامية" كانت محدودة، ومن غير المرجح أن تؤدي حالات التخلف عن السداد المحتملة إلى الانهيار.

ووفقاً لجمعية الأمناء الصينية، قُدر إجمالي تعرض جميع الصناديق الائتمانية لقطاع العقارات بنحو 1.13 تريليون يوان (154 مليار دولار) بحلول نهاية مارس/ آذار، وهو ما يمثل حوالي 5% من إجمالي قيمة الصناديق الائتمانية في البلاد.

فيما قال محللو "نومورا" في تقرير بحثي صدر هذا الأسبوع إنه "بالنظر إلى التطورات الأخيرة في مجموعة الشركات العقارية والشركات التابعة لها وشركات إدارة الثروات الأخرى، فإن هذه الأموال التي تبلغ قيمتها 1.13 يوان تتعرض الآن لتهديد كبير".

ورأت "نومورا" أنه من المرجح أن تتسبب الاضطرابات في مزيد من الرياح المعاكسة للنمو الاقتصادي في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.

وأظهر فيديو آخر رصدته "سي أن أن" على موقع "وي تشات"، جرى حذفه لاحقاً، رجلاً يرتدي سترة الشركة، وهو يتحدث إلى المتظاهرين أمامها، ويؤكد لهم أنه لا يمكن الإعلان عن أي تفاصيل، مضيفاً "ولكن الشركة تتحقق من أصولها في الوقت الحالي، وتبذل قصارى جهدها لاستردادها من أجل عملائها".

وقالت "سي أن أن" إن زونغرونغ استثمر نحو عشر أمواله، أي ما يقرب من 10 مليارات دولار، في قطاع العقارات المأزوم، بحسب تقريره السنوي لعام 2022. وتشمل الشركات في محفظتها شركات العقارات المتعثرة "إيفرغراند"، و"كايسا غروب"، و"سوناك شاينا".

وعانت الشركات الثلاثة من أزمة نقدية، وتعثرت في سداد ديونها خلال العامين الماضيين. والعام الماضي، قام "زونغرونغ" بمد آجال الالتزامات على العديد من منتجاته الائتمانية العقارية، قائلا إن الشركات لا تسدد ديونها.

ووفقاً لمحللي "نومورا"، من المرجح أن تؤدي الموجة الأخيرة من التخلف عن السداد إلى "تأثيرات مضاعفة كبيرة" على الاقتصاد الأوسع.

وأضاف المحللون أن المستثمرين في منتجات إدارة الثروات هذه يميلون بدرجة كبيرة إلى أن يكونوا من أفراد الطبقة المتوسطة والعليا، ولهذا فإن أي حالات تخلف عن السداد، أو حتى مخاوف ناجمة عن تأخر المدفوعات، يمكن أن تزيد من إضعاف ثقة المستهلكين.

وأردف المحللون أن هذه المجموعة تميل إلى امتلاك قدرة شرائية أكبر بكثير من المتوسط الوطني، لذا فإن إنفاقها المنخفض يمكن أن يكون له تأثير حاد بشكل خاص على الاستهلاك الخاص.

وأضاف محللو "نومورا" أن مستثمري الشركات من المرجح أيضاً أن يتحولوا أكثر إلى "الابتعاد عن المخاطر"، وأن يحدوا من اقتراضهم على المدى القريب أو إنفاقهم الرأسمالي، ليصبحوا أكثر حذراً عند اتخاذ قرارات توسيع الأعمال.

وأشارت البيانات الرسمية، يوم الثلاثاء، إلى شهر آخر من النمو الفاتر في الصين، حيث تباطأ إنفاق المستهلكين وإنتاج المصانع والاستثمار في الأصول الثابتة بشكل أكبر في يوليو/ تموز مقارنة بالعام الماضي، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاء بالصين.

وقال محللو "سيتي غروب" إن التخلف عن السداد المحتمل من قبل "زونغرونغ" أدى إلى تجدد مخاوف المستثمرين بشأن قوة البنوك الصينية.

وتوقع المحللون المزيد من حالات التخلف عن السداد، بسبب التراجع المستمر في قطاع العقارات، لكنهم رجحوا ألا يؤدي ذلك إلى سيناريو بنك "ليمان براذرز"، الذي كان انهياره العلامة الرسمية لبدء الأزمة المالية العالمية في 2008.

وقالت "سيتي غروب" إن التخلف عن السداد المحتمل عند "زونغرونغ" لم يكن مشكلة جديدة، لكنه كان مظهراً متأخراً لضغوط قطاع العقارات السابقة، مع أخطار محدودة على النظام المصرفي الأوسع.

وبالإضافة إلى ذلك، وبفضل اللوائح الجديدة التي جرى إطلاقها في عام 2017، قامت البنوك التقليدية بتقييد أعمالها خارج الميزانية العمومية، بما في ذلك ما تطرحه من صناديق استثمارية.

المساهمون