رعب في وول ستريت من تصاعد أزمة بنوك إقليمية جديدة

رعب في وول ستريت من تصاعد أزمة بنوك إقليمية جديدة

06 فبراير 2024
العقارات التجارية الأميركية خاوية رغم المميزات المقدمة للشاغلين (Getty)
+ الخط -

بعد مرور ما يقرب من عام على انهيار ثلاثة مقرضين أميركيين، في لحظة أعادت إلى الأذهان الذكريات الأليمة المرتبطة بالأزمة المالية العالمية، تسعى المؤسسات المالية والجهات التنظيمية في الاقتصاد الأكبر في العالم لمنع انتشار ما يبدو أنه بوادر أزمة بنوك إقليمية جديدة، يمكن أن تلعب سوق العقارات التجارية الدور الأبرز فيها.

وبعد عقود من النمو المدعوم بمعدلات الفائدة شديدة الانخفاض، جاءت سياسات التشديد من بنك الاحتياط الفيدرالي خلال العامين الماضيين، للتعامل مع أعلى معدل تضخم تشهده البلاد في أكثر من أربعة عقود، لتصل بسوق العقارات التجارية بأميركا، البالغة قيمته نحو 20 تريليون دولار، إلى طريق مسدود.

وبالإضافة إلى إضرار جهود البنك الفيدرالي بالصناعة المعتمدة على الائتمان، تراجعت تقييمات العقارات المكتبية ومحال التجزئة منذ أن غيّر الوباء أماكن إقامة الناس وعملهم وكيفية تسوقهم، ما ألقى بظلاله على البنوك الإقليمية التي كانت توفر الائتمان للشركات العاملة في المجال.

وتمتلك البنوك الأميركية حوالى 2.7 تريليون دولار من القروض العقارية التجارية، تحتفظ بالنسبة الأعظم منها، حوالى 80%، وفقاً لخبراء بنك غولدمان ساكس، بنوك إقليمية صغيرة، من النوعية والحجم الذي لا يشمله تصنيف حكومة الولايات المتحدة على أنه "أكبر من أن يُسمَح له بالإفلاس".

ونقلاً عن شركة البيانات "تريب Trepp"، تقول شبكة "سي أن أن" الإخبارية إن قسماً كبيراً من هذه الديون اقترب من موعد استحقاق سداده، وإن البنوك الإقليمية أصبحت معرضة لمواجهة مشكلات في تحصيل تلك القروض، حيث يتعين سداد أكثر من 2.2 تريليون دولار من الآن وحتى نهاية عام 2027.

وتفاقمت المخاوف الأسبوع الماضي عندما أعلنت شركة New York Community Bancorp (NYCB)، التي تقدم قروضاً للقطاع المضطرب، عن خسارة مفاجئة قدرها 252 مليون دولار في الربع الأخير مقارنة بربح 172 مليون دولار في الربع الرابع من عام 2022. وأعلنت الشركة خسائر قروض بقيمة 552 مليون دولار، وهي زيادة كبيرة من 62 مليون دولار سُجِّلَت في الربع السابق، موضحةً أن الزيادة ترجع جزئياً إلى الخسائر المتوقعة في القروض العقارية التجارية.

وانخفضت أسهم البنك بنسبة 50% تقريبًا خلال جلسات التداول الخمس الماضية، وانخفض مؤشر البنوك الإقليمية الأميركية بنحو 7% خلال الفترة نفسها.

وامتدت المخاوف أيضاً إلى خارج الحدود الأميركية، حيث قال بنك "أوزورا" الياباني الأسبوع الماضي إن القروض المعدومة المرتبطة بمكاتبه في الولايات المتحدة هي المسؤولة جزئياً عن خسائره السنوية المتوقعة البالغة 28 مليار ين (190 مليون دولار) العام الماضي.

والأسبوع الماضي، أعلن "دويتشه بنك"، أكبر بنك في أوروبا، تخصيص 123 مليون يورو (133 مليون دولار) خلال الربع الأخير، لاستيعاب حالات التخلف عن السداد المحتملة لقروضه العقارية للقطاع التجاري في الولايات المتحدة، وهو ما كان أكثر من أربعة أضعاف المبلغ الذي خصصه خلال الفترة نفسها من عام 2022.

وانعكست اضطرابات القطاع على أسعار وحداته، حيث اضطرت بعض الشركات إلى بيع عقاراتها مقابل أسعار زهيدة. وقالت وسائل إعلام إن مجلس استثمار معاشات التقاعد العام الكندي باع أخيراً حصة قدرها 29% من مبنى إداري في وسط مدينة مانهاتن لشركة بوسطن العقارية مقابل دولار واحد فقط. وكان الصندوق قد اشترى حصته في المبنى مقابل 71 مليون دولار.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وأصدر مجلس مراقبة الاستقرار المالي، الذي يضم في عضويته وزيرة الخزانة جانيت يلين، ورئيس بنك الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، ورئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية غاري غينسلر، تقريراً في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أشار فيه إلى العقارات التجارية باعتبارها خطراً مالياً رئيسياً محتملاً.

وكتب مصدرو التقرير: "مع تراكم الخسائر الناجمة عن محفظة القروض العقارية التجارية، يمكن أن تمتد المشكلات إلى النظام المالي الأوسع، حيث يمكن أن تسبب مبيعات العقارات المتعثرة ماليًا في خفض القيمة السوقية للعقارات القريبة من تلك المبيعة، وتؤدي إلى دوامة هبوطية أوسع نطاقًا في التقييم، وهو ما يمكن أن يؤدي أيضاً إلى تقليل إيرادات الضرائب العقارية للبلديات".

ومن المقرر أن تدلي يلين بشهادتها أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب اليوم الثلاثاء، حول تداعيات الأزمة المصرفية الإقليمية العام الماضي. وسيتعين على صاحبة أعلى منصب مالي في الولايات المتحدة طمأنة المشرعين والأميركيين على النظام المصرفي، مع الاعتراف بالمخاطر الحقيقية الناجمة عن أزمة العقارات التجارية.

أيضاً تناول باول هذه القضية خلال ظهوره في برنامج "60 دقيقة" الأكثر شعبية، على شبكة "سي بي إس" مساء الأحد، حيث قال: "هناك بعض البنوك الصغيرة والإقليمية التي ركزت تعاملاتها في هذه المجالات التي تواجه تحديات ونحن نعمل معها".

وأردف: "يبدو الأمر وكأنه مشكلة سنعمل على حلها لسنوات. إنها مشكلة كبيرة. ولا يبدو أنها تحتوي على العناصر التي رأيناها في بعض الأحيان في الماضي، على سبيل المثال، مع الأزمة المالية العالمية".

لكن باول أضاف: "سيكون هناك بعض البنوك التي يجب إغلاقها أو دمجها، أو إزالتها من الوجود بسبب هذا. أعتقد أن هذه ستكون بنوكًا أصغر حجمًا في معظمها".

المساهمون