خفض موسكو إمدادات الغاز كسر وحدة الموقف الأوروبي

خفض موسكو إمدادات الغاز كسر وحدة الموقف الأوروبي

26 يوليو 2022
اجتماع بروكسل شابته خلافات عميقة أخفقت في لم شمل دول الاتحاد (Getty)
+ الخط -

إذا ما نفّذت "غازبروم" الروسية، بدءا من غد الأربعاء، تخفيض إمدادات "نورد ستريم 1" إلى نصف طاقته، فإن أوروبا ستتلقى 20% فقط من قدرة الخط على النقل، وهذا ما فجّر خلافات بين زعماء القارة العجوز.

إن ذلك يعني وضع المزيد من العراقيل والضغوط على الأوروبيين، وربما التعجيل بظهور خلافاتهم حول الآليات التي عملت عليها المفوضية الأوروبية قبل أيام لمواجهة الأزمة مع قدوم فصل الشتاء. 

فالروس باتوا يرفعون عيار الضغط على أوروبا، حيث يقول الألمان إن لا شيء تقنيا يستدعي التخفيض، بحسب ما نقلت صحيفة فرانكفوتر ألغماينه تسايتونغ عن وزارة المالية في برلين أمس. 

وكانت موسكو أوقفت في وقت مبكر من الشهر الحالي "نوردستريم 1" (سيل الشمال 1) المار عبر بحر البلطيق، بحجة الصيانة وانتظار قطع غيار التوربينات الغازية من كندا. 

ويعتبر الأوروبيون أن روسيا باشرت استخدام الغاز كوسيلة "ابتزاز ضد دول الاتحاد الأوروبي"، بعد فرضه عقوبات على موسكو بسبب غزو أوكرانيا قبل خمسة أشهر.

فنحو 26 مليون منزل أوروبي تقف على أعتاب الشتاء مع كثير من التعقيدات التي تخلقها حالة غياب بدائل جدية وسريعة للغاز الروسي. وفي العادة تذهب أوروبا في أواخر كل صيف نحو عملية ملء خزاناتها استعدادا للشتاء، ولكن يبدو أن سياسة القطارة الروسية ستجعلها عملية صعبة في الأسابيع القادمة. 

وهذا ما حدا بمسؤولي الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم، إلى التوصل لاتخاذ قرار بتخفيض الاعتماد على الغاز بنسبة 15% هذا الشتاء، مع الحد من الاعتماد على الغاز الروسي.

وحذر بعض خبراء الطاقة في شمال أوروبا من أن ما يجري يهدد أمن الطاقة في القارة. وأكد في السياق أستاذ الطاقة في جامعة أُولبورغ الدنماركية، بريان فاد ماتيسين، على شاشة التلفزيون الدنماركي، دي آر، صباح اليوم الثلاثاء، أن ما يجري "عملية تشكيك روسي في قدرة الأوروبيين ووحدة موقفهم"، مشددا على أن موسكو ذاهبة نحو تعجيل ظهور الخلافات بين الدول الأوروبية وفي داخلها، بين السياسيين والسكان. 

مراهنة على فشل خطة ترشيد الغاز الأوروبية

وعلى ضوء انقطاع الغاز لمدة 10 أيام، وعودته قبل نحو 5 أيام فقط من خلال "نوردستريم 1"، هرعت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي إلى خطة لتوفير استخدامه بنحو 15% حتى مارس/آذار من العام القادم، واتخذت بالفعل هذا القرار اليوم مع رفض سجلته المجر وحيدة بين دول المجموعة.

ويقرأ بعض الأوروبيين الخطوات الروسية كمقدمة لتأزيم مخططاتهم، بما يؤثر على خطط التوفير وترشيد الاستخدام ويؤدي في غياب بدائل وتوافق إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بنحو 1.5%. هذا بالطبع إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم وجنون الأسعار الاستهلاكية في أكثر من مكان.

غياب اليقين بديمومة الضخ الروسي أسبوعا أو 3 أسابيع يعقّد المسألة "فحتى لو تدفق الغاز بنسبة 100% لا شيء مؤكدا حول استمرار تدفقه"، حسبما أكد خبير الطاقة بريان فاد ماتيسين في تصريحات صحافية أمس.

ومنذ أن أطلق الروس خطتهم لإجبار الدول على الدفع بالروبل الروسي في تعاملاتهم السوقية مع الطاقة، بدأت خلافات الأوروبيين تطل برأسها. فبعض الدول، مثل المجر برئاسة رئيس الحكومة فيكتور أوربان، أعلنت ما يشبه تمردا على قرار أوروبي بعدم الرضوخ لمطالب موسكو.

بل إن دولا أخرى انقطع تلقيها للغاز الروسي، وأخرى تعيش سجالات داخلية أشبه برفض خطط المفوضية الأوروبية لخلق "سياسة تضامن" في مجال الطاقة، بترشيد استهلاك الغاز. وذلك يشمل دول جنوب القارة كالبرتغال وإسبانيا واليونان وإيطاليا، بينما تشهد دول أخرى تململا في الشمال والوسط.

على سبيل المثال، فإن لشبونة لا تعتمد على الغاز الروسي، إلا أنها أبدت رفضها لخطة الترشيد التي طرحتها رئيسة المفوضية، أورسولا فون ديرلاين، باعتبار أن ذلك من الممكن أن يؤدي إلى قطع التيار الكهربائي عن بعض السكان، كما ذهب وزير الطاقة البرتغالي جواو غالامبا الأسبوع الماضي في انتقاده خطة المفوضية الأوروبية، مشددا على أن "الاقتراح غير مناسب وغير مستدام وسيؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي لتوفير الطاقة".

ويعتبر غياب تساوي الاعتماد على الغاز الروسي أحد أسباب التأثير على اختبار وحدة الموقف في الاتحاد الأوروبي. فبينما تأتي ألمانيا في مقدمة الدول المستوردة له، فإن إسبانيا والبرتغال أقل اعتمادا عليه بفضل الغاز الجزائري ودول أخرى في القارة الأفريقية.

ويبدو أن موسكو قرأت الخلاف الأوروبي جيدا قبيل اجتماع وزراء الطاقة الأوروبيين اليوم في بروكسل، حيث اعتبر كبير محللي مركز الأبحاث الأوروبي الدنماركي أندرس أوفرفاد أن الخطوة الروسية (بخفض سيل الغاز الشمالي) "هدفها وضع المزيد من الضغوط على المجتمعين غدا، حيث عامل الوقت مهم جدا، وسيصبح الأمر أكثر سوءا".

المساهمون