حروب صينية أميركية تطاول معادن تقنيات الجيل الخامس

حروب صينية أميركية تطاول معادن تقنيات الجيل الخامس

05 ابريل 2024
الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينغ لدى لقائهما بكاليفورنيا (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حروب التجارة بين الولايات المتحدة والصين تتجه نحو التركيز على تقنيات الجيل الخامس والمعادن الاستراتيجية مثل السيزيوم، الضروري في تكنولوجيا الدفاع والفضاء.
- الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني يناقشان أهمية السيزيوم والمعادن النادرة، مع تحذيرات بايدن من مخاطر الاعتماد على الصين وتأكيد على تحفيز الإنتاج الأمريكي.
- الحكومة الكندية تقيد استثمارات الشركات الصينية في مناجم السيزيوم، مما يعزز السيطرة الأمريكية على هذه المعادن ويدعم التفوق الصناعي والعسكري الأمريكي.

تنتقل حروب التجارة بين بكين وواشنطن إلى تقنيات الجيل الخامس التي تتمحور حول معدن السيزيوم النادر وغير المعروف، ولكنه يحدد مستقبل الهيمنة العالمية في التكنولوجيا الرفيعة التي تستخدم في الدفاع والفضاء والذكاء الاصطناعي.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد تحدث مع نظيره الصيني شي جين بينغ لمدة ساعتين تقريبًا يوم الثلاثاء الماضي، حول مجموعة من المواضيع الخلافية بين العملاقين، بما في ذلك ملكية "تيك توك" والتوترات في بحر الصين الجنوبي وقضايا المعادن الاستراتيجية، وذلك وفقاً لتقرير بنشرة نيكاي المالية اليابانية الثلاثاء.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي تحدث فيها الزعيمان عبر الهاتف، منذ يوليو/تموز العام 2022.

وتأمل واشنطن أن تقود التفاهمات مع الرئيس الصيني إلى حل أزمة العديد من المعادن الاستراتيجية التي تدخل بتقنيات الشرائح وتسيطر عليها الصين حالياً، كما تسيطر الشركات الصينية كذلك على تقنيات معالجة السيزيوم والليثيوم والعديد من المعادن النادرة، وهو ما بات مصدر قلق حقيقي للإدارة الأميركية في سباقها التقني مع بكين.

تأمل واشنطن أن تقود التفاهمات مع الرئيس الصيني إلى حل أزمة العديد من المعادن الاستراتيجية التي تدخل بتقنيات الشرائح وتسيطر عليها الصين

وحسب تقرير نيكاي الصادر في طوكيو، أمر بايدن الوكالات الحكومية الأميركية بتقييم مرونة وأمن سلاسل التوريد الحيوية في أميركا التي تشمل المعادن الاستراتيجية وعلى رأسها المعادن النادرة وتحديد نقاط الضعف الأميركية.

ووفق التقرير، وجدت الوكالات الفيدرالية، أن "اعتماد الولايات المتحدة على الصين في المواد الأرضية النادرة، وإنتاج المغناطيس" يمثل نقطة ضعف استراتيجية رئيسية بالنسبة للولايات المتحدة.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وحذر بايدن الأميركيين العام الماضي من مخاطر اعتماد بلاده على بكين في الحصول على معادن استراتيجية لصناعة رقائق الكمبيوتر، وقال: "الحقيقة هي أننا لا نستطيع بناء مستقبل يُصنع في أميركا إذا كنا نحن أنفسنا نعتمد على الصين للحصول على المواد التي تشغل منتجات اليوم والغد".

وبناء على تقرير تلك الوكالات، بدأت وزارة الدفاع الأميركية في تطوير برنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بها لتقدير أسعار المعادن الحرجة والتنبؤ بالإمدادات في الوقت الذي تسعى فيه لتحفيز الإنتاج الأميركي الذي يعد ضروريًا للأمن القومي وأمن الطاقة على المدى الطويل.
ويعد معدن السيزيوم هو الأندر والأكثر إيجابية في التوصيل الكهربائي من بين خمسة معادن قلوية موجودة بشكل طبيعي، ولكن لا يتم استخراجه في الولايات المتحدة، التي تعتمد بشكل كامل على الواردات. وهو المعدن الذي بات يشكل محور الصراع بين الصين والولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، خاصة بعد طرد الشركات الصينية من مناجم تعدين في كندا في العام 2022.

السيزيوم معدن سري للغاية وغامض لدرجة أنه يكاد يكون من المستحيل تتبع سعره الحقيقي في السوق العالمي، وهو أغلى من الذهب

والسيزيوم معدن سري للغاية وغامض لدرجة أنه يكاد يكون من المستحيل تتبع سعره الحقيقي في السوق العالمي، وهو أغلى من الذهب، وعندما يتصلب، فإنه يشكل هياكل بلورية دقيقة تشبه الذهب وعند إلقائها في الماء، أو تركها معرضة للهواء المحيط، فإنها تشتعل ذاتيًا لترسل لهبًا كيميائيًا أرجوانيًا ورديًا.
ويصف المعهد الألماني للمعادن الاستراتيجية، بأن السيزيوم من الأهمية بمكان، حيث بات المعدن الاستراتيجي الذي يحدد من سيفوز في سباق التكنولوجية الفائقة ومن يسيطر عليه ستكون له اليد العليا في الهيمنة العالمية على تقنيات "الجيل الخامس" في تقنية الاتصالات والفضاء، وذلك وفق تقرير بالمعهد الألماني للمعادن الاستراتيجية الذي يعرف اختصاراً بـاسم "ISE".

ويصف المعهد، السيزيوم بأنه "الأكثر إيجابية كهربائياً من بين جميع العناصر المستقرة في الجدول الدوري"، وأثقل المعادن المستقرة. وهو معدن "سريع الاشتعال للغاية، ويشتعل تلقائيًا عند ملامسته للهواء، وينفجر بعنف في الماء أو الجليد عند أي درجة حرارة أعلى من -116 درجة مئوية".

ويعد الحصول على السيزيوم النقي أمرًا صعبًا لأن خاماته غالبًا ما تكون ملوثة بالروبيديوم، وهو عنصر مشابه كيميائيًا للسيزيوم. ومن المتوقع أن ترتفع تطبيقات هذا المعدن الاستراتيجي. وأطلق على السيزيوم اسم "الخطوط الزرقاء" التي لاحظوها في طيفه.
ويتوقع أحدث تحليل للسوق أجرته شركة " تيكنافيو"، أن حجم سوق السيزيوم يقدر بنحو 1.66 ألف طن متري حتى الآن، مدفوعًا بمحفزات التقنيات والتقدم الفائق في مكونات الخلايا الكهروضوئية، والبلورات في عدادات التلألؤ، وتقنيات المحاليل الملحية التي يزداد عليها الطلب في صناعة النفط والغاز في سوائل الحفر لمنع الانفجارات في الآبار ذات درجة الحرارة العالية والضغط الزائد، وذلك حسب ما ذكرت نشرة نيكاي في تقريرها يوم الثلاثاء الماضي.

يعد الحصول على السيزيوم النقي أمرًا صعبًا لأن خاماته غالبًا ما تكون ملوثة بالروبيديوم، وهو عنصر مشابه كيميائيًا للسيزيوم

وفيما يتعلق بالهيمنة على العالم، تقول النشرة، إن السيزيوم، هو المعيار الذي تستخدمه الساعات الذرية الدقيقة المتاحة تجاريًا لقياس الوقت، وهو أمر حيوي للبنية التحتية لنقل البيانات لشبكات الهاتف المحمول ونظام تحديد المواقع العالمية (GPS) والإنترنت.
كما يستخدم بخار أيونات السيزيوم لتحديد وظيفة عمل الأقطاب الكهربائية في محولات الطاقة الحرارية وكذلك في محركات الدفع الأيوني المبكرة لاستكشاف الفضاء كوقود دافع حتى أصبح الزينون هو المعيار.

وحتى العام 2021، كانت الولايات المتحدة مستورداً صافياً لمنتجات السيزيوم، لم يتم استخراج السيزيوم محليًا في أميركا. وكانت الولايات المتحدة مستوردا صافيا بنسبة 100%.

ويقول معهد المعادن النادرة والاستراتيجية الأميركي، لا توجد مصادر رسمية لبيانات إنتاج السيزيوم في العالم، ولذلك يتم تقدير الاحتياطيات على أساس وجود التلوث، وهو معدن أساسي من الليثيوم والسيزيوم والروبيديوم. حيث تحتوي معظم الملوثات على 5% إلى 32% من أكسيد السيزيوم.

ويعتقد المعهد أن أستراليا وكندا والصين وناميبيا وزيمبابوي لديها احتياطيات يبلغ مجموعها أقل من200 ألف طن.

لكن المعهد يقول، استمرت المخزونات الموجودة في العديد من مواقع المناجم السابقة في تغذية مصافي التكرير، كما تشير التقارير إلى أن مخزونات السيزيوم سوف تنفد في غضون سنوات قليلة.

وكانت الحكومة الكندية قد أمرت في نوفمبر 2022 الصينيين بسحب استثماراتهم من ثلاث شركات تعدين لاستخراج معادن مهمة من بينها السيزيوم.

تقع مكامن المعادن النادرة التي من بينها السيزيوم بمنطقة كيس ليك، في شمال شرق ولاية أونتاريو، بالقرب من الحدود مع كيبيك

ومكنت هذه الخطوة شركة Power Metals الأميركية من السيطرة على أصول رئيسية من المعادن الأرضية النادرة: وهو منجم الليثيوم عالي الجودة في منطقة كيس ليك التي يوجد بها منجم السيزيوم الوحيد الذي لا تملكه الصين.

وتأمل واشنطن أن يؤدي التغيير الجذري في سياسة المعادن الاستراتيجية للتقدم العلمي والتفوق الصناعي والعسكري إلى زيادة اهتمام الشركات الأميركية بالمعادن النادرة في الولايات المتحدة.

ويرى خبراء أن السيزيوم مفتاح تقنية الجيل الخامس: (5G)، التي يتوقع أن تحسم الهيمنة في صناعة الدفاع العسكري الأميركي.

موقف
التحديثات الحية

وتجري شركة Power Metals الأميركية عمليات حفر حالياً في منطقة كيس ليك ـ Case Lake الكندية الغنية بالمعادن النادرة. ومن المتوقع ظهور نتائج احتياطات معادن الليثيوم والتنتالوم والسيزيوم في الأسابيع المقبلة.

وتقع مكامن المعادن النادرة التي من بينها السيزيوم بمنطقة كيس ليك، في شمال شرق ولاية أونتاريو، بالقرب من الحدود مع كيبيك.

ويتم استخدام بضعة آلاف من الكيلوجرامات فقط من السيزيوم كل عام. ويحتوي عدد من المعادن على كميات كبيرة من السيزيوم، بما في ذلك الميكا والبريل والفلسبار والبيتاليت والبولوسيت، والتي يتم استخراج السيزيوم منها عادة.