حرب وراء الكواليس بين "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية

حرب وراء الكواليس بين "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية

06 مايو 2023
مقر منظمة أوبك في العاصمة النمساوية فيينا (Getty)
+ الخط -

تدور حرب وراء الكواليس بين منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، ومقرها جنيف، ووكالة الطاقة الدولية، الموجود مقرها في باريس. ويدور الصراع تحديداً حول مستويات الاستثمار في الكشوفات والاستخراج النفطي.

ففيما تدعو وكالة الطاقة الدولية المستثمرين والشركات إلى التحول من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة المتجددة، ترى "أوبك" أن مثل هذه الدعوة قد تخلق أزمة إمدادات بترولية في المستقبل.

وفي هذا الصدد، نبهت "أوبك" وكالة الطاقة الدولية، إلى وجود أن تكون "حذرة للغاية" بشأن تحويل الاستثمارات العالمية بعيداً عن النفط إلى الطاقات النظيفة.

وحسب تقرير أصدرته نشرة "أويل برايس" الأميركية مساء الخميس، فإن تحذير "أوبك" جاء بعد دعوة وكالة الطاقة الدولية الشركات إلى تحويل تمويلها بعيداً عن النفط إلى البدائل المتجددة لتسريع التحول إلى الطاقة النظيفة. وحذرت "أوبك" من أن مثل هذه الدعوة قد تُحدث أزمة في الإمدادات النفطية في العالم، حيث لا يزال الطلب على الوقود الأحفوري مرتفعاً.

وفي هذا الشأن، قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، إن "أوبك +" يجب أن تكون "حذرة للغاية" بشأن رفع أسعار النفط، قائلاً إن هذا سيوفر "دفعة إضافية" لانتقال الطاقة العالمية بعيداً عن الوقود الأحفوري. وأشار إلى أن مصالح "أوبك" على المدى القصير والمتوسط ​​تبدو متناقضة، لافتاً إلى أن أسعار النفط المتزايدة يمكن أن تضع ضغوطاً أكبر على الاقتصاد العالمي الضعيف بالفعل، ما يلحق الضرر بالدول النامية بشكل خاص.

من جانبه، انتقد الأمين العام لمنظمة "أوبك"، هيثم الغيص، وكالة الطاقة الدولية. واعتبر الغيص أن "توجيه أصابع الاتهام للمنظمة البترولية وتحريف تصرفات "أوبك" و"أوبك+" يأتي بنتائج عكسية". وأضاف أن "أوبك +" لا تستهدف أسعار النفط، لكنها تركز بدلاً من ذلك على أساسيات السوق.

وخاطب الغيص وكالة الطاقة الدولية، قائلاً: "إذا كان أي شيء سيؤدي إلى تقلبات مستقبلية، فهو هذه الدعوات المتكررة من وكالة الطاقة الدولية لوقف الاستثمار في النفط، مع العلم أن جميع التوقعات المستندة إلى البيانات تتصور الحاجة إلى المزيد من هذه السلعة الثمينة لدعم النمو الاقتصادي العالمي والازدهار في العقود المقبلة، ولا سيما في العالم النامي".

وأوضح الغيص أن "وكالة الطاقة الدولية تعلم جيداً أن هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر في الأسواق، من بينها التأثيرات غير المباشرة لفيروس كورونا (كوفيد-19) والسياسات النقدية وحركات الأسهم ومستشارو تداول السلع وضخ جزء من الاحتياطات الاستراتيجية المنسقة أو غير المنسقة في السوق".

كذلك، دافع الغيص عن "أوبك"، معتبراً أن لومها على ارتفاع التضخم  كان "خاطئاً وتقنياً غير صحيح، لأن هناك العديد من العوامل الأخرى التي تسبب التضخم".

وعلى الرغم من أن الطلب على النفط لا يزال قوياً، حيث إن الكثير من الطاقة المتجددة في العالم لا يزال قيد التطوير، فقد انخفض الاستثمار كثيراً في السنوات الأخيرة في الكشوفات وعمليات استخراج النفط. إذ انخفض الإنفاق العالمي في الصناعة النفطية من نحو 700 مليار دولار في عام 2014 إلى ما بين 370 إلى 400 مليار دولار في الوقت الراهن، حيث بيانات نشرة "أويل برايس" الأميركية.

كذلك فإن الكثير من الإنتاج النفطي الحالي يأتي من الحقول الناضجة التي قد تبدأ بالنضوب خلال العقود المقبلة مع الحاجة إلى تمويل أكبر لتجنب حدوث عجز في إمدادات البترول العالمية.

ولاحظت النشرة الأميركية تحوّل العديد من شركات الطاقة من الاستثمار في الحقول النفطية الجديدة إلى الطاقة المتجددة لضمان ملاءمتها للاقتصاد الأخضر، ما يعني أن العديد منها يتجنب الاستثمار في استكشاف حقول نفطية جديدة، خصوصاً في ظل الحوافز التي تمنحها الدول لمشاريع الطاقة الخضراء.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" السعودية العملاقة للنفط، أمين الناصر، في وقت سابق، إن "نقص الاستثمار المستمر في النفط لا يزال قائماً". ورصد أحدث تقرير من وكالة الطاقة الدولية ارتفاعاً في الطلب العالمي على البترول إلى 101.7 مليون برميل يومياً خلال العام الجاري من 100 مليون برميل في العام الماضي 2022، بزيادة تقترب من مليوني برميل مع انفتاح الصين وعدم عودة حركة الطيران بعد إلى مستويات ما قبل تفشي فيروس كورونا.

وأضاف الناصر: "مع انفتاح الصين ونقص الاستثمار، هناك بالتأكيد قلق على المدى المتوسط ​​إلى الطويل في ما يتعلق بوجود إمدادات كافية في السوق".

وفي أوائل إبريل/ نيسان الماضي، أعلنت" أوبك" تخفيضات مفاجئة في أسعار النفط، ما هدد أمن الطاقة  العالمي الضعيف بالفعل في العديد من البلدان الكبرى المستهلكة للنفط.

وقالت "أوبك" وقتها إنها تعتزم تقييد إنتاج الخام إلى 1.16 مليون برميل يومياً حتى نهاية العام الجاري. وسرعان ما انتقد البيت الأبيض القرار، حيث قال متحدث رسمي لصحيفة "وول ستريت جورنال": "لا نعتقد أن التخفيضات مستحسنة في هذه اللحظة، بالنظر إلى حالة عدم اليقين في السوق، وقد أوضحنا ذلك".

المساهمون