ترامب يواصل إحكام قبضته على أقوى مؤسسة مالية بالعالم

ترامب يواصل إحكام قبضته على أقوى مؤسسة مالية بالعالم

14 نوفمبر 2020
يتعرض الاقتصاد الأميركي لانكماش هو الأسوأ في تاريخ البلاد(فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، متمسك بإحكام قبضته على أقوى مؤسسة مالية في الولايات المتحدة، مواصلا تحركاته لعدم الاعتراف بفوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية التي جرت في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، والتي ظلت خلال الأيام الماضية مقتصرة على تحركات قضائية وسياسية من شأنها الطعن في نزاهة الانتخابات وثني زعماء العالم عن تهنئة بايدن بالرئاسة. 
وفي ظل أجواء سياسية غير مسبوقة لنقل السلطة وانتشار جائحة فيروس كورونا، تتزايد الصعوبات المالية لأكبر اقتصاد في العالم، ما ينذر بأزمات مدوية حال استمرار هذه الاضطرابات. 
فقد أعلنت وزارة الخزانة أن الحكومة بدأت السنة المالية 2021 بعجز في ميزانية أكتوبر/ تشرين الأول قدره 284 مليار دولار، وهو رقم قياسي للشهر، إذ زاد بقوة الإنفاق المرتبط بفيروس كورونا مقارنة به قبل عام وانخفضت الإيرادات. 
ويرتفع العجز المسجل بنسبة 111% مقارنة بعجز أكتوبر/ تشرين الأول 2019 البالغ 134 مليار دولار، وزيادة 61% مقارنة بالرقم القياسي السابق لنفس الشهر من العام 2009 خلال الأزمة المالية العالمية، والذي بلغ 176 مليار دولار. 

ويأتي عجز الشهر الأول من السنة المالية الجديدة، عقب عجز قياسي لعام كامل بلغ 3.132 تريليونات دولار للسنة المالية 2020، التي انتهت في 30 سبتمبر/ أيلول، ما يزيد بأكثر من ثلاثة أمثال العجز في السنة السابقة بسبب إنفاق الدعم المرتبط بمواجهة تداعيات كورونا. 

ويقول مسؤولون في وزارة الخزانة إن العجز في 2020 كبحه جزئيا انخفاض الإنفاق وإيرادات قوية في الأشهر الأولى من السنة المالية، قبل أن تؤدي الجائحة لإغلاق أجزاء كبيرة من الاقتصاد في مارس/ آذار. 
وقال مارك جولدوين، وهو نائب أول لرئيس اللجنة من أجل ميزانية اتحادية مسؤولة، وفق وكالة رويترز، إن العجز المالي في العام الجاري قد يصل إلى ما بين 1.5 تريليون وتريليوني دولار إذا لم يمرر الكونغرس المزيد من مشروعات قوانين الإنفاق المرتبطة بفيروس كورونا. 
وقبل الجائحة، كانت الولايات المتحدة تمضي على مسار تسجيل عجز تريليون دولار في السنة المالية 2021، بسبب تخفيضات ضريبية دعمها الجمهوريون في 2017 أدت إلى تراجع الإيرادات. 
ويتعرض الاقتصاد الأميركي لانكماش هو الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة، فقد أظهر تقرير صادر عن وزارة التجارة الأميركية نهاية أغسطس/آب الماضي انكماش الاقتصاد، خلال الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة 7.31%. 

وبعد أن حاول ترامب إقناع الناخبين بأن فوزه فقط هو الذي سيحافظ على ارتفاع أسعار الأسهم، التي يهتم بها أغلب الأميركيين بسبب استثمار نسبة غير قليلة من أموال التأمينات والمعاشات الخاصة فيها، ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية بصورة كبيرة خلال تعاملات الأسبوع المنتهي، رغم ظهور بوادر اقتراب بايدن من البيت الأبيض. 
وخلال تعاملات أسبوع الانتخابات، الذي بدا فيه بايدن متقدماً منذ اللحظة الأولى على منافسه، شهدت مؤشرات الأسهم الأميركية أفضل أسبوع لها منذ شهر إبريل/نيسان الماضي، حيث ارتفع خلاله مؤشر "اس آند بي 500" بنسبة 7.3%، وربح مؤشر ناسداك 9%، واقتربت مكاسب مؤشر داو جونز الصناعي من 7%. 
وشهد الأسبوع الذي تضاءلت فيه بصورة رسمية للمرة الأولى فرص بقاء ترامب في البيت الأبيض لأربع سنوات قادمة، أفضل نسبة ارتفاع لمؤشر "اس آند بي 500" منذ انتخابات عام 1932. 
لكن تحركات ترامب للطعن في الانتخابات وعرقلة نقل السلطة إلى بايدن، فضلا عن تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو التي رفض فيها الاعتراف بخسارة ترامب أثارت مخاوف المستثمرين بشأن استقرار البلاد خلال الأسابيع المقبلة. 

وأغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة وول ستريت، على تراجع مع نهاية تعاملات، الخميس الماضي، حيث هبط مؤشر داو جونز الصناعي القياسي بنحو 317.4 نقطة أو 1.1%، ليصل إلى 29080.1 نقطة. 
كما خسر مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الأوسع نطاقاً 35.6 نقطة أو 1%، ليصل إلى 3537 نقطة، وهبط مؤشر ناسداك المجمع لأسهم التكنولوجيا بمقدار 76.8 نقطة، أو 0.7%، ليغلق عند مستوى 11709.5 نقاط. 
وبجانب التحركات القضائية والسياسية التي تنم عن رفض الرئيس الجمهوري ترامب تسليم السلطة بشكل سلس إلى منافسه الديمقراطي بايدن، يستعد مجلس الشيوخ للتصويت على جودي شيلتون مرشحة ترامب المثيرة للجدل لعضوية مجلس محافظي بنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) الأكثر تأثيراً في العالم. 

وذكرت صحيفتا واشنطن بوست، مساء الخميس، أنه يُتوقع أن يوافق مجلس الشيوخ على شيلتون، ما يمنح ترامب فرصة أخرى لوضع بصمة طويلة الأجل على أحد أقوى الكيانات الحكومية. 

وشيلتون، المستشارة الاقتصادية في حملة ترامب الانتخابية في 2016، لم تكتف بمهاجمة البنك الفيدرالي وسياساته، وإنما كانت مؤيدة على طول الخط لكل ضغوط ترامب على البنك بما فيها ما استهدف تنازل البنك عن استقلاليته وإجباره على العمل تحت مظلة البيت الأبيض، الأمر الذي جعل البعض ينظر إلى ترشيحها على أنه مسيس. 
ويحظى ترشيح شيلتون بأهمية كبيرة في توقيتٍ يواجه البنك أحد أكبر التحديات في تاريخه، وربما أكبرها على الإطلاق. 
وفي ظل هذه الأجواء، فإن تولي بايدن مقاليد البلاد لن يكون سهلاً في ظل إرث ثقيل خلفته سياسة ترامب وقراراته الاقتصادية الداخلية والخارجية. 
ومع تحمّس بايدن والديمقراطيين لإقرار حزمة إنقاذ ضخمة، يتوقع المراقبون ارتفاع عجز الموازنة بشكل أكبر من المعدلات الحالية، وبالتالي الدين الأميركي. 
 

المساهمون