تدهور الاقتصاد ينهك أسواق غزة قبل رمضان

تدهور الاقتصاد ينهك أسواق غزة قبل رمضان

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
29 مارس 2022
+ الخط -

يشتكي البائع الفلسطيني حمدي طه من سوء الأحوال التي آلت إليها أسواق قطاع غزة بفعل حالة الغلاء والتي تفاقمت مؤخرًا لتطاول العديد من المواد الغذائية وفي مقدمتها السلع الأساسية في ظل التحضيرات لاستقبال شهر رمضان.

وتأتي حالة الغلاء التي تجتاح أسواق القطاع، تزامنًا مع الأوضاع الاقتصادية المُتردية التي يمر بها الفلسطينيون في قطاع غزة بفعل تواصل الحصار الإسرائيلي والذي لا يزال يخلف أزمات اقتصادية أدت إلى بطء عجلة البيع، وركود واضح في الأسواق، حتى مع استقبال المواسم السنوية.
ويُثقِل الغلاء على كاهل المواطنين الذين كانوا بالأساس يفضلون شراء المُستلزمات الضرورية، بفعل أوضاعهم الصعبة، والتي لا تتيح لهم شراء مختلف المُنتجات، وقد طاول الغلاء تلك المستلزمات. فيما يُرخي الغلاء بظلاله على مختلف البضائع.
وتكتظ الأسواق الغزية بمختلف أصناف البضائع في استقبال شهر الصوم، من مواد أساسية ومواد غذائية وأجبان وألبان ومُعلبات وتمور وفواكه مجففة وبهارات ومخللات وحلويات، إلى جانب الزينة والفوانيس الرمضانية وأحبال الإضاءة، إلا أن حركة البيع ضعيفة.

ويُرجع طه ضعف الإقبال إلى غلاء الأسعار، تزامنًا مع الوضع الاقتصادي السيئ الذي يمر به قطاع غزة، بسبب مجموعة عوامل، في مقدمتها توقف صرف شيكات الشؤون الاجتماعية (تصرفها السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لأشد الفقراء) منذ أكثر من عام، والحسومات على رواتب الموظفين سواء من التابعين للسلطة أو لحكومة غزة، إلى جانب عواقب الانقسام الفلسطيني والتي أثرت على نسب الفقر والبطالة. ويضيف: "كل ذلك أثر على حركة البيع داخل الأسواق".


ويبين طه في حديث مع "العربي الجديد" أنه على الرغم من تخوف الناس والأجواء غير المُشجعة، إلا أن التجهيزات لاستقبال رمضان كانت شبه طبيعية، حيث تم توفير التمور بمختلف أنواعها، وقمر الدين والتمر الهندي والكركاديه والخروب، مستدركًا "إلا أن الغلاء يعكر صفو التجهيزات".
ويستعرض طه بعض الأصناف الأساسية التي اختلفت أسعارها، مثل السكر والطحين وزيت القلي والتي أثرت على الناس، حيث زاد سعر لتر الزيت من 5 شيكلات حتى 8، أما كيس الدقيق (الطحين) وزن 25 كيلو فارتفع من 40 إلى 55 شيكل، وأما السميد فقد كان الكيس 50 كيلو بـ 90 شيكل، فوصل الآن إلى ما يزيد عن 130 شيكل، (الدولار = 3.20 شيكلات).

البائع الفلسطيني حازم السقا، والذي يختص في بيع المخللات بمختلف أصنافها، يقول لـ "العربي الجديد" إن أسواق قطاع غزة تستقبل شهر رمضان بأوضاع خاصة ومختلفة عن الأعوام السابقة. ويقول: "التجهيزات ممتازة، ويتوفر داخل السوق كل المستلزمات، إلا أن المشكلة تتمثل في ارتفاع الأسعار".

وعلى صعيد عملهم، يوضح أن المواد الخام التي تصل إلى قطاع غزة عن طريق المعابر، ارتفعت بشكل كبير، موضحًا أن المواد المستخدمة في تصنيع المخللات ارتفعت كذلك، ما سيؤثر بالسلب على الأسعار، حيث ارتفع سعر عبوة الخل المُركز من 155 شيكل ووصل إلى 380، ومن ثم إلى 420، فيما وصل مؤخرًا إلى سعر 600 شيكل، أما الملح فقد ارتفع سعر الكيس من 16.5 شيكل إلى 20 شيكل.
ولم يقتصر غلاء الأسعار على المواد الأساسية فقط مع اقتراب حلول شهر رمضان، حيث ارتفعت كذلك أسعار بعض اللوازم الثانوية مثل أحبال الزينة الرمضانية والفوانيس والإضاءة، وفق قول البائع فايز البيطار، الذي يوضح أن حالة الغلاء عالمية، إلا أن أسواق غزة تتمتع بخصوصية مختلفة، وذلك بسبب تأثير الحروب والحصار والأوضاع الاقتصادية المتردية.
ويضيف أن هناك عوامل أخرى، مثل جشع بعض التجار الذين قاموا بمضاعفة الأسعار، كذلك الضرائب التي يتم فرضها على الواردات، ما أثر سلبًا على الأسعار، ومن ثم على الإقبال.
ويرجع الخبير الاقتصادي أسامة نوفل ارتفاع الأسعار إلى الأزمة الأوكرانية الروسية، ويقول: "نتابع الأسعار في البورصة العالمية، هناك ارتفاع جنوني في الأسعار في كل دول العالم، فعلي سبيل المثال هناك ارتفاع يقدر بنحو 40 إلى 50% في أسعار القمح، علاوة على ارتفاع أسعار الحديد والاسمنت والعديد من السلع الأساسية، وغير الأساسية.

البائع الفلسطيني حازم السقا، والذي يختص في بيع المخللات بمختلف أصنافها، يقول لـ "العربي الجديد" إن أسواق قطاع غزة تستقبل شهر رمضان بأوضاع خاصة ومختلفة عن الأعوام السابقة

ويبين نوفل لـ "العربي الجديد" أن ارتفاع الأسعار والذي يؤثر سلبًا على الحركة التجارية، يأتي في ظل توفر مخزون السلع على الرغم من الندرة في جميع أنحاء العالم، إلا أن "الأوضاع الاقتصادية الصعبة تتحكم كذلك في حركة البيع والشراء داخل تلك الأسواق".
وتقول وزارة الاقتصاد في قطاع غزة إنها أعفت التجار من الجمارك على الدقيق، فيما قامت بتجميد أسعار الوقود، وقد تحملت وزارة المالية فروق الأسعار، إلى جانب تنفيذ العديد من الجولات التفقدية على الأسواق لضمان الأسعار، وإحالة العديد من التجار إلى النيابة العامة بتهمة الاحتكار ورفع الأسعار.

وفي السياق، يوضح وكيل وزارة الاقتصاد الوطني في غزة، عبد الفتاح الزريعي، أن قطاع غزة لديه كميات كافية من المواد الأساسية ومن الدقيق لعمل المخابز، بالإضافة إلى الكميات الواردة، نافيًا أن يكون هناك اختفاء لأي سلعة، وأن ارتفاع في الأسعار "تم بشكل مدروس مع وزارة الاقتصاد من أجل التغلب على الارتفاع في الأسعار من مصادر التوريد".
ويبين الزريعي لـ"العربي الجديد" أن الأسعار ارتفعت بفعل الزيادة العالمية، حيث زادت أسعار الحبوب وأسعار الدقيق والوقود والطاقة والزيوت والمواد الأساسية، إلا أن حكومة غزة "تحاول أن يكون التغير في الأسعار في الحد الأدنى على المواطنين، وذلك من خلال أخذ بعض الإجراءات على المعابر، عبر التسهيلات الضريبية والإعفاءات الجمركية".
ويؤكد الزريعي وجود مخزون كاف من السلع الأساسية في غزة، مطالبًا المواطنين بمواجهة السلوكيات السلبية لبعض التجار غير الملتزمين بالتسعيرة الرسمية للسلع الاستهلاكية والتي تمثل الحد الأقصى لسعر البيع.

ذات صلة

الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة
دانييلا فايس

سياسة

تواصل عرّابة الاستيطان وأحد أشد قادته دانييلا فايس تصريحاتها الفاشية المعادية للفلسطينيين، منادية بترحيلهم من غزة وسائر فلسطين والعودة للاستيطان في غزة.
الصورة

منوعات

كشفت منظمة المراقبة الرقمية الإسرائيلية "فيك ريبورتر"، اليوم الثلاثاء، عن حملة إسرائيلية للتأثير على الرأي العام الغربي، بما يخدم إسرائيل ومصالحها وروايتها.
الصورة

سياسة

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن القتل والقصف وسفك الدماء مستمرة في غزة على الرغم من حلول شهر رمضان الذي يحتفل به المسلمون في أنحاء العالم.