الاحتلال يشدّد القيود على أسواق غزة لابتزاز المقاومة

الاحتلال يشدّد القيود على أسواق غزة لابتزاز المقاومة

07 يونيو 2021
تضييق على نقل البضائع عبر معبر كرم أبو سالم (عبد الحكيم أبو رياش/فرانس برس)
+ الخط -

أبقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على القيود المفروضة على حركة البضائع والمواد الخاصة بالقطاع الصناعي في قطاع غزة التي كانت تصل عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، المنفذ الأساسي لمرور البضائع، رغم انتهاء العدوان الأخير والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق للنار برعاية مصرية.
وعطلت القيود الإسرائيلية المتمثلة في منع إدخال وقود محطة توليد الكهرباء ومواد البناء وعشرات المواد الخاصة بالصناعات المحلية في القطاع، عمل الكثير من المصانع التي لم يدمرها العدوان الأخير، وأدت إلى لجوء بعضها إلى تقليل القدرة الإنتاجية.
ومن شأن هذه الإجراءات أن تنعكس بالسلب على حجم الواردات المحلية التي تحصلها وزارة المالية في غزة التابعة لحركة حماس.
ويبدو الإصرار الإسرائيلي على فرض هذه القيود والاستمرار فيها رغم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار يهدف إلى الضغط على حركة حماس مالياً، خصوصاً في ظل الحديث عن منع إدخال المنحة القطرية المخصصة لـ 100 ألف أسرة فقيرة في القطاع والتي تصرف منذ أكثر من عامين.
ويتزامن الإبقاء على القيود القائمة مع استمرار مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار بجهود مصرية وقطرية ودولية تبذل لمنع تجدد المواجهة من جديد، بالرغم من أن حركة حماس أبلغت الأطراف أن أي تعطيل للإعمار أو عرقلة إدخال المنحة القطرية سيؤجج الوضع من جديد.

في الأثناء، يقول مدير عام التجارة والمعابر في وزارة الاقتصاد في غزة، رامي أبو الريش، إن الاحتلال يتذرع بأسباب أمنية واهية في عرقلة إدخال الشاحنات التجارية إلى القطاع ويبقي على عمل المنفذ التجاري الوحيد للقطاع جزئياً.
ويوضح أبو الريش لـ"العربي الجديد" أن الاحتلال يدخل فقط السلع الغذائية الأساسية مثل زيت الطهي والسكر والدقيق وكميات محدودة جداً من الأعلاف والوقود وبعض الأدوية والمساعدات الخاصة بالمؤسسات الدولية والإغاثية العاملة في القطاع.
وحسب المسؤول في وزارة الاقتصاد في غزة، فإن إجمالي الشاحنات التي يسمح الاحتلال بمرورها يومياً منذ انتهاء العدوان الأخير لا تتجاوز 100 شاحنة، فيما يواصل وضع القيود على كل الشاحنات والبضائع المتعلقة بالقطاعات التجارية والصناعية.
وقبل العدوان الأخير على القطاع، كان الاحتلال يسمح بإدخال قرابة 400 إلى 500 شاحنة لمختلف القطاعات، وكانت تتراوح الشاحنات في بعض السنوات ما بين 600 و800 شاحنة، إلا أن تراجع الحالة الاقتصادية والحصار أسهما في انخفاض عدد الشاحنات الواردة.
وعن الإجراءات والقيود الإسرائيلية، يذكر أبو الريش أن الاحتلال يمنع تصدير أي من السلع المصنعة محلياً وحتى "حديد الخردة" المستعمل والخضروات والأثاث.
وأدت القيود الإسرائيلية المفروضة على حركة البضائع من وإلى القطاع، إلى التأثير سلباً على أنشطة النقل والمواصلات والعاملين في هذا القطاع، فضلاً عن تعطل الكثير من المنشآت وعملها بالحد الأدنى، نتيجة شح المواد الخام والمواد الصناعية.
وأسهم العمل الجزئي في المنفذ التجاري الوحيد لقطاع غزة في زيادة فائض المعروض من الخضروات، ما انعكس بالسلب على المزارعين، إذ تدنت أسعار الكثير من السلع إلى مستويات غير مسبوقة، الأمر الذي سيؤدي إلى عدم قدرة بعضهم على العمل في الموسم المقبل.

بدوره، يؤكد الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة، أدهم البسيوني، لـ"العربي الجديد"، أن خسائر القطاع الزراعي في غزة نتيجة للعدوان الإسرائيلي بلغت قرابة 204 ملايين دولار، من ضمنها جزء كبير متعلق بالخسائر المالية الناتجة عن استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري.
ويشير البسيوني إلى أن وزارته لجأت، نهاية الأسبوع الماضي، إلى تعليق استيراد الفواكه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، رداً على إجراءاته الأخيرة في القطاع وإغلاق الحركة التجارية المتعلقة بتصدير الخضروات من القطاع وعرقلة إدخال المواد الخاصة بالقطاع الزراعي والحيواني.
وشهدت الأيام الأخيرة حديثاً إسرائيلياً عن إجراءات جديدة مع القطاع في إطار النتائج المترتبة على الجولة العسكرية الأخيرة، فضلاً عن سماح الاحتلال للمستوطنين وأهالي الجنود الأسرى بعرقلة إدخال بعض الشاحنات من السلع الأساسية والمتعلقة بالجهات الدولية لغزة.
إلى ذلك، يقول رئيس اللجنة الشعبية لكسر حصار غزة، جمال الخضري، إن الاحتلال يمنع منذ 4 أسابيع إدخال قرابة 3 آلاف حاوية من البضائع والمستلزمات التجارية عبر معبر كرسم أبو سالم، رغم أن هذه الحاويات تم استيرادها عبر موانئه البحرية.
ويشير الخضري لـ "العربي الجديد" إلى أن الاحتلال باستمرار إغلاقه المعبر التجاري الوحيد يفاقم الأزمات المعيشية، عبر زيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي بمنع إدخال المنحة القطرية المخصصة لوقود المحطة، ما يفاقم الحالة الإنسانية والاقتصادية المنهكة بفعل الحصار والدمار.
ووفقاً لرئيس اللجنة الشعبية لكسر حصار غزة، فإن هذه الإجراءات تُكبد القطاعات الاقتصادية مزيداً من الخسائر المباشرة وغير المباشرة، وتتسبب في حالة من الشلل بالأسواق بسبب نفاد عديد من المستلزمات الأساسية، سواء الاستهلاكية أو المواد الأولية التي تخدم القطاع الصناعي والإنتاجي لتلبية حاجات السكان الإنسانية.
ويحذّر الخضري من تبعات تعطل مئات العمال وأصحاب المحال التجارية والورش الصناعية الذين انضموا إلى قائمة المُعطلين عن العمل نتيجة لاستمرار إغلاق المعابر وآثاره المتصاعدة يوماً بعد يوم، والتي تطاول جميع القطاعات الصحية والاقتصادية، والبيئية والزراعية والصناعية.
وفي وقتٍ سابق، حذر رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، الوسطاء والاحتلال الإسرائيلي من المماطلة في البدء في عملية إعادة إعمار القطاع، أو العودة إلى نفس الحالة التي كانت قائمة قبل المواجهة الأخيرة في مايو/أيار الماضي، مؤكداً أن حركته ستحرق الأخضر واليابس لإنهاء الحصار.

يؤكد الناطق باسم وزارة الزراعة في غزة، أدهم البسيوني، لـ"العربي الجديد"، أن خسائر القطاع الزراعي في غزة نتيجة للعدوان الإسرائيلي بلغت قرابة 204 ملايين دولار


في موازاة ذلك، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، أسامة نوفل، إن السلوك الإسرائيلي الأخير بالإبقاء على القيود قائمة لم يحدث في المواجهات الثلاث السابقة وجولات التصعيد، إذ كان الاحتلال يعمل على فتح المعابر بشكل مباشر ويوسع مساحة الصيد.
ويوضح نوفل لـ "العربي الجديد" أن ما يجري هو ابتزاز لفصائل المقاومة، وحركة حماس على وجه الخصوص، في ظل وجود مفاوضات غير مباشر بين الفصائل وإسرائيل بوساطة مصرية للوصول إلى رؤية شاملة وتفاهمات في أعقاب الحرب الأخيرة.
وحسب الباحث في الشأن الاقتصادي، فإن الاحتلال كان يسمح قبل العدوان الأخير بإدخال 400 شاحنة بالحد الأدنى، بما في ذلك وقود محطة الكهرباء وسلع أخرى كمواد البناء وأخرى لصالح القطاع الخاص والقطاع الصناعي، إلا أنه يمنع منذ قرابة شهر إدخال كل هذه المواد.
وتشكل نسبة الشاحنات الواردة عبر منفذ كرم أبو سالم التجاري نحو 83 في المائة من إجمالي البضائع والسلع الواردة للقطاع، فيما تدخل بعض السلع الأخرى عبر بوابة صلاح الدين المرتبطة بالأراضي المصرية، إلا أنها لا تلبي الاحتياجات الكاملة لغزة.
ويبيّن نوفل أن إجمالي القدرة التشغيلية الخاصة بالقطاعات الصناعية كانت قبل المواجهة الأخيرة تصل إلى 40 في المائة، إلا أنها انخفضت خلال الفترة التي أعقبت العدوان الأخير إلى أقل من 20 في المائة، مع إمكانية توقفها كلياً بسبب القيود المفروضة.

المساهمون