تداعيات سد النهضة على مصر: تبوير أراضٍ زراعية لبناء مدن سكنية

تداعيات سد النهضة على مصر: تبوير أراضٍ زراعية لبناء مدن سكنية

12 اغسطس 2021
توقعات بتناقص حاد في إنتاج بعص المحاصيل بسبب تبوير الأراضي (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

اتجهت الحكومة المصرية نحو تبوير آلاف الأفدنة في العديد من المحافظات بهدف إنشاء مدن سكنية جديدة، في خطوة حذّر مراقبون من أنها ستفاقم من أزمة الزراعة التي تتعرض لمخاطر كبيرة بسبب شح المياه، ولا سيما مع إصرار إثيوبيا على استكمال مخططاتها في تواصل ملء سد النهضة من دون التنسيق مع مصر والسودان.
وفي هذا السياق، بدأت الأجهزة المحلية في محافظة الغربية (شمال العاصمة القاهرة)، في إجراءات تبوير 300 فدان تابعة لوزارة الأوقاف، ومن أجود الأراضي الزراعية في المحافظة، من أجل إنشاء مدينة "طنطا الجديدة"، استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن الحد من المساحات الزراعية، جراء التداعيات السلبية لإنشاء سد النهضة الإثيوبي، وتراجع حصة البلاد من مياه النيل.

مصدر برلماني لـ"العربي الجديد": الـ300 فدان المستهدف تبويرها لإنشاء المدينة الجديدة تقع في زمام قرية "سبرباي"، التابعة لمدينة طنطا، وهي أرض مزروعة بالكامل

وقال مصدر برلماني مطلع لـ"العربي الجديد"، إن الـ300 فدان المستهدف تبويرها لإنشاء المدينة الجديدة تقع في زمام قرية "سبرباي"، التابعة لمدينة طنطا، وهي أرض مزروعة بالكامل، ومستأجرة لصالح هيئة الأوقاف، مضيفاً أن أجهزة المحافظة أخطرت المنتفعين، رسمياً، بقرار التبوير، بناءً على قرار القيادة السياسية إنشاء مدينة جديدة تضم 18 ألف وحدة سكنية، و150 فيلا، ومركزا للأنشطة الترفيهية، وآخر للخدمات الحكومية.
ورغم إعلان لجنة الإدارة المحلية في مجلس النواب تفقد المشروع، ضمن برنامج زيارتها الأخيرة لمحافظة الغربية، إلا أن اللجنة لم تتفقد موقع مدينة طنطا الجديدة (شمال)، في وقت تفقدت فيه المنطقة اللوجستية بقرية "سبرباي"، الملاصقة لأرض هيئة الأوقاف، وهو ما أثار حالة من الغضب بين أعضاء البرلمان الممثلين عن دائرة طنطا، وفقاً للمصدر الذي رفض ذكر اسمه.

وفي نهاية يوليو/تموز الماضي، استقبل محافظ الغربية، طارق رحمي، رئيس وأعضاء لجنة الإدارة المحلية في البرلمان، بدعوى الوقوف على ما تم إنجازه من مشروعات على أرض المحافظة، ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها، وعرض رؤية المحافظة لمجموعة من المشاريع الاستثمارية، والخدمية، والتنموية، التي تسعى المحافظة إلى تنفيذها، على غرار منطقة طنطا الترفيهية، ومدينة الملاهي الجديدة.
يذكر أن محافظ الغربية صرح، في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بأن موقع مدينة طنطا الجديدة سيكون خارج الحدود الإدارية للمحافظة، وبالتحديد في منطقة صحراوية قريبة من مدينة السادات، التابعة لمحافظة المنوفية، غير أنه تراجع، في 7 يناير/كانون الثاني 2021، معلناً إنشاء المدينة على أرض هيئة الأوقاف الزراعية بقرية "سبرباي"، انطلاقاً من توجه الدولة نحو تطوير عواصم المحافظات.

محافظ الغربية صرح، في نوفمبر 2020، بأن موقع مدينة طنطا الجديدة سيكون في منطقة صحراوية، غير أنه تراجع، في 7 يناير 2021، معلناً إنشاء المدينة على أرض زراعية

وأشار إلى أن المدينة الجديدة ستكون نموذجاً مصغراً من العاصمة الإدارية الجديدة، الواقعة في قلب صحراء القاهرة، مستطرداً بأن مدينتي طنطا والمحلة من أكثر المدن المكتظة بالسكان في دلتا مصر، وبالتالي قررت المحافظة إنشاء مدينة طنطا الجديدة لتكون أول مدينة ذكية في محافظات الدلتا.
وادعى المحافظ أن الغرض من تدشين المدينة الجديدة هو خلخلة الكثافة السكانية في طنطا، وفك الاختناقات المرورية، مبيناً أنه سيتم نقل المصالح الحكومية من داخل مدينة طنطا، وإنشاء منطقة خدمات ترفيهية في المدينة الجديدة، وأخرى تضم 112 عمارة سكنية، و473 برجاً يبلغ ارتفاع الواحد منها 11 دوراً، بالإضافة إلى منطقة للفيلات بواقع 150 فيلا.
وحسب مراقبين، فإن مدينة طنطا الجديدة ستكون مقدمة لتبوير الآلاف من الأفدنة الزراعية، بحجة إنشاء المدن السكنية الجديدة في مختلف المحافظات، وسط توقعات بفقد مصر نحو 20 مليار متر مكعب من حصتها المائية البالغة حالياً نحو 55.5 مليار متر مكعب، في حال ملء السد الإثيوبي خلال فترة زمنية قصيرة، أي ما يعني فقدها قرابة أربعة ملايين فدان زراعي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

واتجهت الحكومة إلى تحويل أراض زراعية بأماكن أخرى من أجل تحويلها إلى أراضٍ سكنية، ومنها محطة بهتيم للبحوث الزراعية (380 فداناً)، إذ ‏ذهبت ‏لجنة من القوات المسلحة في وقت سابق لرفع إحداثيات أرض المحطة، من دون علم ‏القائمين ‏عليها، لإدراجها ضمن مشروعات التطوير العقاري لمدينة شبرا ‏الخيمة.‏
كما ذهبت إلى محطة كفر حمام ‏للبحوث الزراعية بمحافظة الشرقية (شمال) لجان مساحية لرفع إحداثيات أرض المحطة (36 فداناً) بهدف ‏إنشاء عمارات سكنية، بحسب رد مسؤولي اللجان على تساؤلات ‏باحثي المحطة. وفي محطة بحوث ‏الدواجن ‏بالإسكندرية (شمال) البالغ مساحتها 12 ‏فداناً، ‏وردت معلومات لمسؤولين بالمحطة بتحويلها ‏إلى منطقة ‏سكنية.‏

من التأثيرات السلبية المتوقعة لملء سد النهضة، التناقص الحاد في المساحات المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها قصب السكر والأرز

وكان مجلس النواب المصري قد وافق، نهائياً، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن الموارد المائية والري، والذي استهدف حظر زراعة المحاصيل "الشرهة للمياه"، وفرض غرامات مالية كبيرة على المزارعين مقابل الاستفادة من الموارد المائية، ومنح تراخيص استخدام ماكينات رفع المياه، فضلاً عن تحميلهم نسبة 10% من قيمة تكاليف إنشاء أو شبكات المصارف المغطاة وإحلالها وتجديدها.
وحسب دراسات حديثة، من التأثيرات السلبية المتوقعة لملء سد النهضة، التناقص الحاد في المساحات المزروعة بالمحاصيل الشرهة للمياه، وعلى رأسها زراعة قصب السكر والأرز، وهما من المحاصيل الاستراتيجية الهامة في مصر.

كما ستتأثر زراعة محاصيل الخضر والفاكهة، وكذلك الحبوب، مثل القمح والذرة الصفراء، وبالتالي زيادة أسعار الأعلاف، وتحميل الاقتصاد المصري تبعات ذلك بالاستيراد من الخارج لتغطية احتياجات المواطنين.

المساهمون