تبييض وجه العملات الرقمية القبيح

تبييض وجه العملات الرقمية القبيح

23 نوفمبر 2022
منصات تسعى لتحسين صورة العملات الرقمية عبر حملات دعاية يشارك فيها نجوم مشهورين (Getty)
+ الخط -

تتعرض العملات الرقمية لضربات موجعة وقاسية هذه الأيام. المستثمرون يتدافعون للبيع على المكشوف لمنتجات تلك العملات المشفرة، في محاولة للتخلص منها ووقف نزف الخسائر المؤلمة.

أمس الثلاثاء، ألقت شرطة إستونيا القبض على رجلين متهمين بالاحتيال بعملات مشفرة بمبلغ وصلت قيمته إلى 575 مليون دولار، بتهم عدة منها التزوير والتآمر لارتكاب عمليات غسل أموال واستخدام شركات وهمية لغسل عائدات الاحتيال وشراء عقارات وسيارات فاخرة.

المؤسسات الاستثمارية تراهن على هبوط أسعار العملات الرقمية، وتنصح العملاء بسرعة البيع.

يواكب ذلك إفلاس منصات كبرى مثل "إف تي إكس" FTX، إحدى أكبر بورصات العملات المشفرة في العالم، التي تعرضت لأزمة سيولة حادة وتدافع العملاء على سحب أموالهم، ما دفعها إلى إعلان إفلاسها، وسط تقارير عن مخالفات مالية فادحة من جانب مسؤولي المنصة وتقديمهم للمحاكمة.

العاملون في قطاع العملات المشفرة يتوقعون حدوث اضطراب شديد في الأسواق، ويطلبون من المستثمرين الحذر

 

نائب رئيس مجلس الوزراء السنغافوري لورانس وونغ قال إن قضية FTX تنطوي على ادعاءات خطيرة تصل إلى "احتيال محتمل" ولا تقتصر فقط على مشكلة في حوكمة هذه المنصة.

شركة "جينيسيس" الكبرى المتخصصة في السمسرة بالأصول الرقمية تلوّح بتعرضها إلى حالة تعثر مالي، وتحذر المستثمرين المحتملين من أنها قد تحتاج إلى رفع دعوى الإفلاس، وتقول إنها تكافح لجمع أموال جديدة لوحدة الإقراض الخاصة بها.

العاملون في قطاع العملات المشفرة يتوقعون حدوث اضطراب شديد في الأسواق، ويطلبون من المستثمرين الحذر.

 أصحاب الأموال أنفسهم باتوا على استعداد بشأن خطر عدوى الإفلاس والتعثر الواسع في القطاع.

صاحب كل تلك التطورات زيادة كبيرة في مخاطر الثقة التي تحيط بتلك العملات في الفترة الأخيرة عقب تعرضها لهزات مالية وسرقات ضخمة.

فقبل أيام قُرصنَت إحدى منصات العملات الرقمية الشهيرة وسُرقت ملايين الدولارات، وقبلها بأيام كشفت وزارة العدل الأميركية أنها صادرت ما قيمته 3.36 مليارات دولار من عملات بيتكوين، سُرقَت من أحد مواقع الخدمات المخفية أو ما يعرف بـ"دارك نيت" على الإنترنت.

الجرائم الخاصة بسرقة العملات الرقمية سجلت بشكل عام ارتفاعاً غير مسبوق خلال العام الحالي، رغم الانخفاض القوي في التداول والتعامل الذي لحق بالأسواق.

ما أثار رعب المستثمرين في تلك العملات، أنه جرى الحديث على نطاق واسع عن استغلال عصابات تلك العملات الرقمية في غسل أموال قذرة على نطاق واسع عقب حرب أوكرانيا.

ما أثار رعب المستثمرين، أنه جرى الحديث على نطاق واسع عن استغلال عصابات تلك العملات الرقمية في غسل أموال قذرة على نطاق واسع عقب حرب أوكرانيا

ووفقاً لأحدث المعلومات، فقد بدأ متسللون بتبييض عملات مشفرة تُقدَّر قيمتها بنحو 477 مليون دولار، كانوا قد سرقوها من البورصة المنهارة FTX في عملة بيتكوين.

جديد تلك الضربات أيضاً، تراجع البنوك المركزية الكبرى عن إصدار عملات رقمية، وهي الخطوة التي كان الجميع يراهن عليها في إطار دعوات لتنظيم قطاع العملات والأصول المشفرة.

من بين هذه البنوك المركزي السويسري، فقد قال عضو مجلس محافظي البنك، أندريا ميشلر، إن البنك لا يرى حالياً فائدة مقنعة لتدشين عملة رقمية تابعة له. 

كذلك ابطأت بنوك مركزية عالمية أخرى من عمليات إصدار عملات رقمية معترف بها من قبل الدولة والسلطات النقدية.

ضربات متتالية تعرضت لها العملات المشفرة، ودفعت عملة بيتكوين إلى التدحرج إلى أقل من 16 ألف دولار مقابل 68 ألف دولار في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.

إزاء تلك الضربات، سارع كبار المستثمرين في العملات الرقمية إلى محاولة تبييض وجه تلك العملات وعودة الجاذبية والمستثمرين الهاربين إليها.

من بين تلك المحاولات، إطلاق منصة "بينانس" لتبادل العملات المشفرة حملتها الإعلانية العالمية، التي تضم نجم كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو.

كبار المستثمرين في العملات الرقمية يسعون إلى محاولة تبييض وجه تلك العملات وعودة الجاذبية والمستثمرين الهاربين إليها

واللافت في الأمر، أنّ مشاركة رونالدو في الحملة تأتي بالتزامن مع حملة التشكيك في سوق العملات المشفرة، وفي الوقت الذي رفع فيه مستثمرون دعاوى قضائية على نجوم رياضيين روجوا لمنصة "إف تي إكس" مثل توم برايدي وستيف كاري.

مستقبل العملات الرقمية بات غامضاً، بل ربما لا مستقبل لها من الأصل إلا إذا قامت البنوك المركزية والحكومات والمؤسسات بوضع أطر وقواعد لتنظيم هذه الصناعة الضخمة التي باتت تثار حولها علامات استفهام خاصة مع استخدامها على نطاق واسع في عمليات غسل الأموال وتهريب كما حدث مع كبار المستثمرين الروس عقب العقوبات الغربية التي طاولت الاقتصاد الروسي بسبب حرب أوكرانيا.

المساهمون