بريطانيا: نقص عمالة قطاع الضيافة يهدّد برفع الأسعار

بريطانيا: نقص عمالة قطاع الضيافة يهدّد برفع الأسعار

13 يوليو 2021
يواجه قطاع الضيافة الآن صعوبة في توفير الخدمات اللازمة بسبب نقص الموظفين (Getty)
+ الخط -

من المقرّر أن تزيل الحكومة البريطانية القيود المفروضة على الحانات والمطاعم وغيرها من شركات الضيافة في إنكلترا اعتبارا من الاثنين المقبل، على أمل إنعاش الاقتصاد، بيد أنّ الأمر ليس بهذه البساطة في ظل معاناة هذه الصناعة من صعوبة العثور على عمّال.

فإلى جانب خسارة قطاع الضيافة الكثير من العملاء بعد الإغلاق القسري الذي فرضته جائحة كورونا، يواجه اليوم صعوبة في توفير الخدمات اللازمة بسبب نقص الموظفين، وسيجد مصاعب كبيرة في استيعاب الأعداد التي كانت ترتاده قبل الجائحة. فالمطاعم الفاخرة على سبيل المثال تشغل اليوم نسبة 75% فقط من طاولاتها المعتادة وحجوزاتها، وسيستمر هذا الوضع حتى بعد 19 يوليو/تموز الحالي.

ويطاول هذا النقص في الموظفين أيضًا سلاسل توريد الطعام والمنتجات الغذائية، وهو ما يزيد التكاليف بشكل عام، حيث يقول عاملون في هذه الصناعات إن أجور سائقي الشاحنات وعمال الضيافة وسلاسل التوريد الأخرى، بالإضافة إلى جامعي الخضار والفاكهة والتعبئة، ارتفعت جميعها من أجل جذب المزيد من القوى العاملة. 

ومن المتوقع أن يؤدي ذلك بالتالي إلى ارتفاع بنسبة 5% في أسعار المواد الغذائية بحلول الخريف، بحسب ما يقول إيان رايت، الرئيس التنفيذي لاتحاد الأطعمة والمشروبات الذي يمثل مئات الشركات في سلسلة التوريد الغذائي. 

وقد كشف سوبر ماركت "تيسكو"، الشهر الماضي، أن النقص في السائقين يؤخر عمليات التسليم ويخلق 48 طنًا إضافيًا من نفايات الطعام كل أسبوع، أي ما يعادل شاحنتين.

ووُصف هذا النقص في الموظفين على مستوى المملكة المتحدة وتأثيره على الأعمال التجارية بأنّه "عاصفة كاملة"، تهدد بالتسبب في انكماش الاقتصاد ورفع التضخم وخلق نقص في الغذاء وزيادة تكلفة تناول الطعام في الخارج.

وفي مايو/أيار، كان قطاع الحانات والمطاعم وحده يبحث عن 110 آلاف موظف، وفقًا لهيئة التجارة البريطانية للضيافة، وكانت 85% من الأماكن تتطلع إلى توظيف طهاة، في حين أن ما يقرب من 80% كانت بحاجة إلى موظفي استقبال. وهناك وظائف شاغرة على مستوى البلاد للجزارين والخبازين وعمال النظافة والتعبئة في المصانع، وحتى صانعي الشموع.

إلى ذلك، تشير التقديرات إلى أن صناعة تجهيز اللحوم تفتقد حوالي خُمس العمال الضروريين، مع استمرار بعض المصانع بنصف عدد موظفيها العاديين خلال هذا الوقت من العام. ويشكل عمال الاتحاد الأوروبي عادة ما يقارب 50% و80% من القوى العاملة في مصانع معالجة اللحوم. 

تُضاف إلى هذه المشاكل صناعة الفاكهة اللينة التي تحتاج إلى ما لا يقل عن 70 ألف عامل موسمي كل صيف، بينما ينقصها 5 آلاف هذا العام.

في السياق، يشير ستيفن تايلور، المدير الإداري لمزارع "وينتروود"، إلى أن 95% من الفاكهة والمنتجات التي يتم قطفها وتعبئتها في هذا البلد يقوم بها عمّال من أوروبا الشرقية.

أمّا العوامل التي أدّت إلى نقص العمالة في هذه القطاعات، فقد ساهمت بها كورونا جزئيا، بعد أن دفعت العديد من العمال الأجانب إلى العودة إلى أوطانهم، لكنها لم تكن سوى إضافة إلى المشاكل الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي وضعت قواعد تأشيرة جديدة تصعّب دخول فئات معيّنة من العمّال الأجانب إلى البلاد. فالعاملون في صناعة اللحوم على سبيل المثال يندرجون تحت العدد المحدد من النقاط اللازمة للدخول في إطار نظام الهجرة الجديد.

ويعتقد البعض أن العامل الرئيسي في أزمة نقص العمّال هو "مخطط الاحتفاظ بالوظائف" بسبب الجائحة، أو ما يعرف أيضاً بنظام الإجازة الذي وفرته الحكومة للموظفين، وهو يسمح بإبقاء 2.4 مليون موظف في طي النسيان، كما يمنعهم من التقديم على أي وظيفة، بينما يحتاج أرباب العمل في قطاعات مختلفة إلى العمّال.

وهو ما يعقّب عليه هيو أوزموند، مؤسس إحدى أكبر سلاسل الحانات في المملكة المتحدة، قائلاً إنّ "مخطط الاحتفاظ بالوظائف تحوّل من كونه منقذًا للصناعة إلى مشكلة حقيقية. لقد كان دعمًا جيدًا وضروريًا للغاية خلال فترة الإغلاق، ولكن مع خروجنا منها أثبت أنه عائق كبير". 

وترى الحكومة أنّ حل هذه الأزمة يكمن في توظيف بريطانيين في وظائف بريطانية، وأنّه يجب على أرباب العمل الاستثمار في القوى العاملة المحلية، بدلاً من الاعتماد على العمالة من الخارج. 

بيد أنّ العديد من أرباب العمل يقولون إن البريطانيين ببساطة لا يريدون القيام بالوظائف المعروضة، ولذلك، مع الخروج من الوباء هم بحاجة ماسّة لتوفير خدماتهم للعملاء، ومع ذلك لا يزالون يعانون من النقص الحاد في الموظفين.

المساهمون