المودعون اللبنانيون يدّعون ضد إضراب المصارف... وميقاتي يهدد القضاء

المودعون اللبنانيون يدّعون ضد إضراب المصارف... وميقاتي يهدد القضاء

19 مارس 2022
ميقاتي ينحاز للمصارف في وجه القضاء (حسين بيضون)
+ الخط -

توجهت رابطة المودعين اللبنانيين إلى القضاء في بيروت لإصدار قرار معجل التنفيذ بإلزام جمعية المصارف اللبنانية بعدم الإضراب، وفتح أبوابها أمام المودعين للاستفادة من الخدمات التي تعاقدوا معهم لتقديمها.

واعتبرت رابطة المودعين في بيان اليوم السبت أن "هذا الإضراب يقع تحت خانة التعسف باستعمال الحق كون الهدف منه هو ابتزاز القضاء والمودعين والدولة والضغط باتجاه التفلت من المساءلة، والتهرب من المسؤولية ويُمارس بسوء نية دون أي هدف سوى الإضرار بحقوق المودعين الإنسانية، الاجتماعية والاقتصادية".

ويأتي إضراب المصارف الذي أعلنت أنها ستنفذه يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين، بعدما ارتفعت خلال الأيام الماضية وتيرة القرارات القضائية التي تطاول كبار البنوك والمصرفيين ووصلت إلى حد التنفيذ الجبري لدفع الودائع للناس، وتجميد الأصول، ومنع السفر.

ودقت القرارات القضائية أخيراً باب شقيق حاكم المصرف المركزي رجا سلامة بتوقيفه من قبل مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، التي أمرت بإحضار الحاكم للمثول أمامها في دعاوى بتهم الإثراء غير المشروع، وتبييض الأموال، وتبديد المال العام.

وكان لافتاً اليوم السبت انحياز رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للمصارف عبر تهديد القضاء. حيث أعلن أنه ‏في حال لم يتجاوب القضاة (فيما يتعلق بوقف ملاحقة المصرفيين) ولا سيّما مدعي عام التمييز، فـ "منشيلو عالبيت" أو ما يعني إقالته من منصبه.

وعقد ميقاتي اليوم جلسة للحكومة لبحث المستجدات القضائية الأخيرة ترافقت مع تحرك احتجاجي نفذه المودعون أمام مدخل السراي الحكومي رفضاً لمخطط "القضاء على القضاء" حمايةً للمصارف.

وبالتزامن مع دعوة ميقاتي إلى جلسة اليوم، غردت القاضية عون "حكومة تريد وضع آلية للتعاطي القضائي مع المصارف، يعني أنه يجب أن نعطيهم قوس المحكمة ليجلسوا مكاننا ويقرروا عنا كيف يطبق القانون. من الممكن أن يطبقوه على من يسرق دراجة ولكن حذار تطبيقه على من يسرق بلد. فيا قضاة لبنان انتفضوا لكرامتكم انتفضوا لسيادة القانون لحماية الضعيف وحماية العدالة".

وعلى الرغم من دعوة ميقاتي أركان الجسم القضائي للاستماع إليهم اليوم في "الجلسة الاستثنائية" فإنهم لم يحضروا، وقد برّر رئيس الحكومة ذلك بأن "وزير العدل هنري خوري اتصل به أمس الجمعة وتمنى عليه أن يبقى الحوار بين الوزراء، وعندما سيتقدم بالرؤية التي يكونها للإصلاحات القضائية وحسن سير العمل في الجسم القضائي سيكونون معنا في الجلسة لنستمع إليهم".

وأردف ميقاتي "لا شيء يمنع مجلس الوزراء من دعوة رئيس مجلس القضاء الأعلى ومدعي عام التمييز ورئيس التفتيش القضائي للاستماع إليهم فمن عيّنهم يستطيع طلبهم".

في معرض رده على أسئلة الصحافيين عن استعادة المودعين أموالهم من المصارف قال ميقاتي "ضمن خطة التعافي الاقتصادي التي تضعها اللجنة المكلفة التفاوض مع صندوق النقد الدولي برئاسة نائب رئيس الحكومة، تم طرح الموضوع، وحوالى 90 في المائة من مجمل عدد المودعين في المصارف ستكون أموالهم مضمونة من قبل الدولة اللبنانية وستُدفع لهم، وهؤلاء هم صغار المودعين".
وعن الإجراء المتوقع في حال لم يتعاون أركان السلطة القضائية، وهل إقالتهم مطروحة، لا سيما منهم مدعي عام التمييز، أجاب: "لا شيء غير وارد، ولا شيء يمنع".

وأضاف ميقاتي "أكدنا على قرار متخذ سابقاً بتكليف وزير العدل وضع رؤية لمعالجة الأوضاع القضائية ومعالجة مكامن أي خلل قد يعتريها وعرضها على مجلس الوزراء قريباً".

كما كلف مجلس الوزراء وزير المال الطلب من مصرف لبنان اتخاذ الإجراءات اللازمة وبشكل فوري لعدم تحديد سقوف السحب للمعاشات والرواتب الموطّنة لدى المصارف.

وأشار ميقاتي إلى أننا "تبلغنا خلال الجلسة من نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي سرعة العمل على إنجاز مشروع خطة التعافي ومشاريع القوانين المرتبطة بها تمهيداً لعرضها وإقرارها من قبل مجلس النواب، وتمنينا على المجلس النيابي الإسراع بإقرار مشروع الكابيتال كونترول".

واعتبر رئيس الحكومة أن الجلسة اليوم ليست مخصصة لحماية المصارف أو شخص حاكم مصرف لبنان بل لحماية المؤسسات والبلد، لحفظ التوازنات ومنع الوصول إلى مكان نخسر فيه جميع القطاعات.

ورداً على الاتهامات التي سيقت بحق مجلس الوزراء بالتدخل في عمل السلطة القضائية، أكد ميقاتي أنه مع مبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء، ولكن هناك توازن وتكامل وتعاون بين السلطات وعندما نرى أن التوازن لم يعد موجوداً عندها نجتمع لإعادة التوازن إلى السلطة القضائية.

على صعيدٍ متصل، دعا ميقاتي جمعية المصارف لأن تكون على المستوى الوطني الذي نعرفها به وألا تذهب إلى الأمور السلبية بل إلى تلك الإيجابية والتعاون للخروج من الأزمة.

وتوقف ميقاتي عند الدعاوى التي ترفع بحق المصارف والقرارات التي تصدر عنها وتقضي بالحجز عليها، فقال "علينا ألا نفرح بالحجوزات على المصارف وهذه "الحركات" لأن من يقوم بالدعاوى هم كبار المودعين وإذا وضعوا يدهم على الأموال فلن يبقى أي شيء لصغار المودعين، من هنا هدفنا إعادة الوضع إلى إطاره الصحيح لضمان الحقوق كاملة خصوصاً لصغار المودعين".

وخلال الجلسة، توقف وزير العمل مصطفى بيرم (حصة حزب الله الحكومية) عند وجود شبهة لدى الرأي العام بأن الحكومة تحركت لحماية المصارف ولم تتحرك من أجل المودعين وحقوق الناس، مشيراً إلى أن المعالجة يجب أن تطاول معالجة الأسباب المنتجة للأزمة، وأولها حماية حقوق الناس والمودعين الذين تعرضوا لسوء ائتمان ولا شأن لهم بأن يتحملوا وزر ما حصل بين المصارف ومصرف لبنان والسياسيين.

مع الإشارة إلى أن الحكومة نفسها التي "انتفضت" اليوم لم تتحرك بوجه عرقلة التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت وعمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، بل تعطلت لأشهر رضوخاً لتهديدات وزراء "حزب الله" و"حركة أمل" ولم تعقد أي جلسة لفترة طويلة رغم السرعة المطلوبة للتحرك وإقرار خطة التعافي المالي التي تنتظرها الجهات الدولية وللجم الانهيار الشامل.

وبالتزامن مع الحديث أمس عن نية لدى مجلس الوزراء تعليق القرارات القضائية الصادرة بحق المصارف ورؤساء مجالس إدارتها وشقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، نفذت "رابطة المودعين" حملة لافتة بإرسال رسالة نصية إلى جميع الوزراء في حكومة ميقاتي تؤكد لهم فيها أن "أي وزير يساهم بقرار يحمي من أمعن في إذلال الناس سوف يعتبر من قبلنا أجيراً لدى المصارف وسوف يعامل على هذا الأساس".

وبحسب معلومات "العربي الجديد"، لم يردّ إلا وزير المهجرين عصام شرف الدين على الرسالة بالتأكيد أنه من متابعي هذا الملف ووقوفه إلى جانب المودعين، مع الإشارة إلى أن الوزير معروف بمواجهاته المستمرة في مجلس الوزراء وبخاصة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

كما ردّ وزير الطاقة وليد فياض بأنه لن يحضر لأنه مسافر خارج البلد. مع الإشارة إلى أن الجلسة تغيب عنها أيضاً وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، ووزير الأشغال العامة والنقل علي حمية.

المساهمون