المضاربون يراهنون ضد الدولار وتوقعات بهبوط حاد للعملة الخضراء

المضاربون يراهنون ضد الدولار بأعلى وتيرة في 10 سنوات... والخزانة الأميركية ترسل شيكات التحفيز

30 ديسمبر 2020
مبنى بورصة نيويورك في الحي المالي بمدينة نيويورك (الأناضول)
+ الخط -

ينهي المضاربون عام 2020 بمضاعفة رهاناتهم ضد العملة الأميركية، حيث انخفض مؤشر الدولار بأكثر من 6% العام الجاري مع تحول المستثمرين عن العملة الخضراء بأعلى معدل في 10 سنوات في ظل تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد، فيما بدات وزارة الخزانة الأميركية إرسال شيكات التحفيز الاقتصادي للمواطنين لمواجهة الصعوبات المعيشية.

وقال فيشنو فاراثان، مدير الاقتصاد والاستراتيجية في بنك "ميزوهو" في سنغافورة، لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية، اليوم الأربعاء، إنّ "لدى صناديق التحوط العديد من الأسباب الجيدة للمراهنة ضد الدولار"، مشيراً إلى أن عجز الموازنة الأميركية الآخذ في الاتساع سريعاً "يجعل من السهل اتخاذ قرار بيع الدولار على المكشوف".

كما ذكر محللون في بنك الاستثمار الأميركي "غولدمان ساكس"، أنّ العجز في الحساب الجاري، سيضغط على الأرجح على العملة الأميركية العام المقبل 2021.

وفي  أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حذر أكاديمي أميركي بارز من تداعيات انهيار مؤشرات حيوية في الاقتصاد الأميركي، متوقعاً أن يفقد الدولار 35% من قيمته بنهاية 2021، وتراجع سطوته في السوق الدولية، لتحل محله العملتان الصينية اليوان والأوروبية اليورو.

وقال ستيفن روتش، أستاذ الاقتصاد في جامعة "يال" بالولايات المتحدة، في مقال بصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية آنذاك، إن الدولار دخل المراحل الأولى لما يبدو أشبه بالهبوط الحاد في ظل انهيار معدلات الادخار المحلية بالولايات المتحدة، واتساع عجز الحساب الجاري.

وقال روتش إنّ هناك تدهوراً سريعاً في مؤشرات الاقتصاد الأميركي، وهناك مؤشرات على صعود العملتين الصينية والأوروبية الموحدة كبديلتين قابلتين للاستخدام، كما أن هناك إرهاصات لنهاية الهالة الخاصة المتمثلة في الاستثنائية الأميركية التي أعطت الدولار القدرة على الصمود طوال القسم الأعظم من حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وهناك هبوط ملحوظ في معدل الادخار الوطني الصافي، الذي يقيس مجموع الادخار تبعا للاستهلاك للشركات، والأسر، والقطاع الحكومي، إلى المنطقة السلبية، عند مستوى 1% بالسالب في الربع الثاني من العام الجاري، وهو لم يحدث منذ الأزمة المالية العالمية في الفترة 2008-2009.

وتبدو الصين في موقف أكثر قوة من الولايات المتحدة في مواجهة أضرار كورونا، إذ سرعان ما طوقت تداعيات الوباء وأعادت الاقتصاد إلى عجلة الإنتاج، وأصبحت أول اقتصاد يعود إلى النمو بنحو 3.2% في الربع الثاني من العام مقابل انكماش بنسبة 6.8% في الربع الأول.

في المقابل، يتعرض الاقتصاد الأميركي لانكماش هو الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة، فقد أظهر تقرير صادر عن وزارة التجارة الأميركية، نهاية أغسطس/آب الماضي، انكماش الاقتصاد خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 7.31%.

كما توقع مكتب الميزانية بالكونغرس، في وقت سابق من سبتمبر/أيلول الماضي، أن تسجل الميزانية الفيدرالية عجزاً بقمية 3.3 تريليونات دولار في السنة المالية 2020، التي تنتهي في 30 سبتمبر/أيلول الجاري، أي أكثر من ثلاثة أضعاف العجز المسجل في 2019.

ورجح مكتب الميزانية أن يتجاوز الدين، المقدر حتى مطلع إبريل/نيسان الماضي بنحو 24 تريليون دولار، حجم الاقتصاد خلال العام 2021، وهو أعلى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية.

بينما أعلنت إدارة دونالد ترامب عزمها على اقتراض ثلاثة تريليونات دولار في الربع الثاني لمواجهة تداعيات تفشي الفيروس، ليقفز إجمالي الديون إلى أكثر من 27 تريليون دولار، الأمر الذي قد يكون بمثابة ورقة في يد الصين لتوجيه ضربة قوية إلى الولايات المتحدة، حال بيع ما بحوزتها من أذون وسندات خزانة أميركية (أدوات دين)، سواء جاء ذلك رداً على استهداف الشركات العملاقة وتقويض التجارة الصينية أو القفز من مركب الاقتصاد الأميركي المترنح.

وتبدو الصين والكتلة الأوروبية قريبتين من توقيع اتفاق تجاري، قد يضع الولايات المتحدة في مأزق كبير، لاسيما أنها حاولت على مدار أكثر من عامين كبح تمدد النفوذ الصيني بشن حرب تجارية عنوانها الرسوم الجمركية الانتقامية، إلا أن كافة المؤشرات تظهر أن الصين واصلت تمددها حتى داخل الأسواق الأميركية التي لا يزال الميزان التجاري يميل لصالحها على حساب الولايات المتحدة.

فقد أظهرت البيانات الرسمية أن الفائض التجاري الصيني في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بلغ رقماً قياسياً قدره 74.4 مليار دولار، وأن نحو 46% من هذا الفائض مع الولايات المتحدة.

وتوقع مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال الدولي في تقرير سنوي نُشر، يوم السبت الماضي، أن تتجاوز الصين الولايات المتحدة الأميركية، لتصبح أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2028، وذلك قبل خمس سنوات مما كان متوقعا، بسبب تباين تعافي البلدين من جائحة كورونا.

وقال التقرير "لبعض الوقت، كان صراع الاقتصاد والقوة الناعمة بين الولايات المتحدة والصين من الموضوعات الرئيسية التي تهيمن على الاقتصاد العالمي"، مضيفا أن "جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية تجعل هذا التنافس يميل بالتأكيد لصالح الصين".

وتتوقع الصين نمواً اقتصادياً متوسطه 5.7% سنويا بين 2021 و2025، قبل أن يتباطأ إلى 4.5% سنويا من 2026 إلى 2030. في المقابل من المتوقع أن تسجل الولايات المتحدة نموا سنويا بنسبة 1.9% بين 2022 و2024 ثم إلى 1.6% بعد ذلك.

وأظهرت بيانات رسمية، تسجيل الشركات الصناعية الصينية نمواً قياسيا جديداً في أرباحها على أساس سنوي خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لتصل إلى 729.32 مليار يوان (111.5 مليار دولار)، بزيادة بلغت نسبتها 15.5% مقارنة بنفس الشهر من العام 2019.

في المقابل تتخبط إدارة الرئيس المنتهية ولايته في مواجهة تداعيات كورونا، بينما يزداد الموقف صعوبة بالنسبة لإدارة الرئيس المنتخب جو بايدن الذي لم يخف توجهه نحو كبح الزحف الصيني.

وتركزت الجهود الأميركية خلال العام الجاري على إنعاش الاقتصاد الذي أصابه فيروس كورونا في العمق، ما كلف أكبر اقتصاد في العالم مئات مليارات الدولارات لدعم المواطنين الذين أحيلوا للبطالة وتقلصت دخولهم وأصبح الملايين منهم غير قادرين على دفع الإيجارات وتلبية الاحتياجات المعيشية.

ومساء أمس الثلاثاء، أعلن ستيفن منوشين وزير الخزانة الأميركي، أن الوزارة بدأت في إرسال شيكات التحفيز الاقتصادي إلى المواطنين ، مشيراً إلى أن هذه الشيكات ستبدأ في الوصول إلى بعض الحسابات عن طريق الإيداع المباشر في وقت مبكر، الأربعاء، وستستمر حتى الأسبوع المقبل.

وأضاف أن هذه الإعانة ستوفر دعماً اقتصادياً حاسماً لأولئك الذين تأثروا بالجائحة، موضحا أن الدعم يصل إلى 600 دولار للفرد، وفق حزمة الإغاثة التي أقرها ترامب للمواطنين يوم الأحد الماضي بقيمة 900 مليار دولار من إجمالي إنفاق حكومي بنحو 2.3 تريليون دولار.

المساهمون