الصين وأوروبا نحو اتفاق اقتصادي يثير قلق أميركا

الصين وأوروبا نحو اتفاق اقتصادي يثير قلق أميركا

29 ديسمبر 2020
الاقتصاد الصيني بدا أكثر قوة بعد جائحة كورونا (Getty)
+ الخط -

يبدو أنّ الصين والاتحاد الأوروبي على وشك التوصل إلى اتفاق حول الحماية المتبادلة للاستثمارات، والتي ستتوج سبع سنوات من المحادثات بين القوتين الاقتصاديتين.

إنها لا تعد اتفاقية تجارة حرة تتعلق بالمعاملات التجارية، ولكنها نص يهدف إلى ضمان ظروف نشاطات المقاولين لدى استثمارهم في الاتحاد الأوروبي والصين.

وانطلقت المحادثات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 خلال زيارة قام بها هرمان فان رومبوي، رئيس المفوضية الأوروبية آنذاك، إلى بكين، خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ. وعُقدت، منذ ذلك الحين، 35 جلسة تفاوض، منها 10 خلال العام الجاري 2020، وفق تقرير لوكالة "فرانس برس".

وتعد الأموال المطروحة ضخمة للغاية، حيث يبلغ رصيد استثمارات الأوروبيين (بخلاف المملكة المتحدة) في الصين ما يقرب من 150 مليار يورو، فيما يصل ذلك المتعلق بالصين في الاتحاد الأوروبي إلى 113 مليار يورو.

واستثمر الأوروبيون، على مدى السنوات العشر الماضية، ما معدله أكثر من سبعة مليارات يورو في الصين سنوياً، مقابل 5.6 مليارات يورو للصين في الاتحاد الأوروبي.

ويعد الاتحاد الأوروبي منذ أمد بعيد الشريك التجاري الأكبر للصين، التي أصبحت أيضا في الربع الثالث من العام الجاري الشريك الأكبر للاتحاد الأوروبي، متقدمة على الولايات المتحدة.

يريد الأوروبيون أن تُعامل شركاتهم في الصين مثل معاملة شركات العملاق الآسيوي في الاتحاد الأوروبي. ويتوقع أن يضمن الاتفاق احترام الملكية الفكرية للشركات الأوروبية وأن يحظر عمليات النقل القسري للتكنولوجيا ويفرض قواعد شفافية على المساعدات التي تتلقاها الشركات العامة الصينية.

ووضعت الصين قائمة "سلبية" تضم نحو 30 قطاعاً رئيسياً تستبعد فيها أو تقيد الاستثمار الأجنبي، لا سيما المناجم والطاقة والإعلام والثقافة. وفي وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أعلنت أيضا قواعد جديدة تُخضع الاستثمار في الصناعات المتعلقة بالدفاع للتدقيق، فيما تواجه المساهمة بأكثر من 50% في الزراعة والطاقة والنقل والتمويل نفس المصير.

وسبق أن وضعت أوروبا منذ أكتوبر/ تشرين الأول "إطاراً" يهدف لاختيار الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الاستراتيجية، على أساس تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء، والتي قد يكون بعضها أفضل جاهزية من البعض الآخر للتعامل مع ذلك.

وتبدي الصين استياءها من إجراءات الحماية التي يضعها الأوروبيون على قطاعاتهم "الاستراتيجية"، حيث تم استبعاد أبرز منتج للهواتف الذكية، هواوي، من سوق معدات الجيل الخامس في العديد من دول الاتحاد الأوروبي. لذلك تطلب بكين ضمان الوصول إلى الأسواق العامة في الاتحاد الأوروبي وإلى قطاعات مثل الاتصالات والبنية التحتية للطاقة.

في المقابل تطلب بروكسل من بكين أن تتبنى مجمل الاتفاقيات "الأساسية" الثمانية لمنظمة "العمل" الدولية، في حين أنها لم تصادق حتى الآن سوى على أربع اتفاقيات فقط. ولم توافق بعد بشكل خاص على النصوص المتعلقة بحظر العمل القسري وضمان الحريات النقابية.

والاتفاق المرتقب بين الجانبين يثير انزعاج الولايات المتحدة التي دخلت في حرب تجارية شرسة مع الصين منذ أكثر من عامين، وفي ظل هذه الحرب تسعى الصين إلى جذب الأوروبيين إلى طرفها، حيث عرضت اقتراحات في نهاية المطاف تتعلق بالوصول إلى الأسواق في قطاعات مثل التمويل والاتصالات والمستشفيات الخاصة والنقل، من أجل إقناع الأوروبيين.

لكن الولايات المتحدة بقيادة جو بايدن، قد تعمد إلى الضغط أيضاً على الاتحاد الأوروبي، للتخلي عن هذا التقارب. وكتب جيك ساليفان الذي يشاع أنه سيعين مستشاراً للأمن القومي، اليوم الثلاثاء، على تويتر "ترحب إدارة بايدن-هاريس بإجراء مشاورات مبكرة مع شركائنا الأوروبيين بشأن مخاوفنا المشتركة حيال ممارسات الصين الاقتصادية".

وزادت جائحة فيروس كورونا الجديد من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة الصين بعد أن وقع أكبر اقتصادين في العالم في يناير/كانون الثاني الماضي على المرحلة الأولى من اتفاق تجاري يمهد لإنهاء حرب الرسوم التجارية الانتقامية المتبادلة بين الجانبين.

وبدت الصين أكثر قوة من الولايات المتحدة من حيث الخروج السريع من تداعيات الجائحة، وتحقيق اقتصادها مؤشرات نمو هي الأعلى عالمياً. فقد أظهرت البيانات الرسمية أن الفائض التجاري الصيني في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بلغ رقماً قياسياً قدره 74.4 مليار دولار، وأن نحو 46% من هذا الفائض مع الولايات المتحدة.

وتوقع مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال في تقرير سنوي نُشر، يوم السبت الماضي، أن تتجاوز الصين الولايات المتحدة الأميركية، لتصبح أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2028، وذلك قبل خمس سنوات مما كان متوقعا، بسبب تباين تعافي البلدين من جائحة كورونا.

وقال التقرير "لبعض الوقت، كان صراع الاقتصاد والقوة الناعمة بين الولايات المتحدة والصين من الموضوعات الرئيسية التي تهيمن على الاقتصاد العالمي"، مضيفا أن "جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية تجعل هذا التنافس يميل بالتأكيد لصالح الصين".

وتتوقع الصين نمواً اقتصادياً متوسطه 5.7% سنويا بين 2021 و2025، قبل أن يتباطأ إلى 4.5% سنويا من 2026 إلى 2030. في المقابل من المتوقع أن تسجل الولايات المتحدة نموا سنويا بنسبة 1.9% بين 2022 و2024 ثم إلى 1.6% بعد ذلك.

وأظهرت بيانات رسمية، تسجيل الشركات الصناعية الصينية نمواً قياسيا جديداً في أرباحها على أساس سنوي خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لتصل إلى 729.32 مليار يوان (111.5 مليار دولار)، بزيادة بلغت نسبتها 15.5% مقارنة بنفس الشهر من العام 2019.

المساهمون