العطل في الغسالة لا من المسحوق

العطل في الغسالة لا من المسحوق

15 ابريل 2021
النظام السوري تجاهل محاولة المحافظ المُقال رفع سعر دولار التحويلات الخارجية (فرانس برس)
+ الخط -

أعلن حاكم مصرف سورية المركزي المعزول حازم قرفول، قبل أيام، أن المصرف المركزي، بإمكانياته الحالية، لا يمكنه ضبط سعر الصرف المتذبذب ولا كسر نسبة التضخم.

لكنه قال إن المصرف يمكنه الاستمرار بدعم التجار عبر القروض وتمويلهم بسعر دولار خاص من أجل تنشيط أداء الأسواق، وبالتالي تصويب بعض النسب المتهاوية، من تضخم وفقر وبطالة وتراجع الإنتاج.

فالمصرف جهة اقتصادية وليست أمنية، بحسب قرفول، الذي لمّح إلى الحلول التي تتخذها حكومة الأسد بتحسين سعر صرف الليرة التي تهاوت من 2900 ليرة مقابل الدولار الواحد في مطلع العام، إلى 4 آلاف، قبل أن يتحسن سعر الصرف أخيراً.

ينطبق هذا سواء على الحلول الأمنية عبر مرسومي الأسد (3 و4 لعام 2020)، بتجريم كل من يتعامل بغير الليرة السورية، أو ملاحقة شركات الصرافة وابتزاز السوريين عبر تسعير متدن لتحويلات ذويهم الخارجية (نصف سعر الدولار بالسوق).

وجاء رد نظام الأسد على الحاكم مزدوجاً؛ شطره الأول تشكيل لجنة مختصة من مسؤولين حكوميين وخبراء ماليين وأصحاب خبرة، وإقصاء قرفول عنها، لتتخذ إجراءات مالية ونقدية، أسها وأساسها القمع والحلول القسرية، وتعيب على المصارف منح قروض مرتفعة وتحمّل قرارات الحاكم المخلوع وزر تدهور سعر صرف الليرة، ما قد، أو على الأرجح، ستتم محاسبته على أبسط مهامه، قريباً.

أما شطر الرد الثاني، فكان عزل الحاكم وتحميله وزر تهاوي سعر الصرف خلال ولايته، إذ لم يزد سعر الدولار في سبتمبر/ أيلول 2018، وقت خلف قرفول سابقه دريد درغان، عن 470 ليرة، ليتجاوز خلال مارس/ آذار الماضي 4 آلاف ليرة.

وتجاهل محاولات قرفول، من رفع سعر دولار التحويلات الخارجية ليوقف خسارة سورية لأكثر من 4 ملايين دولار يومياً، كانت تستر عري نظام الأسد وخلل الأسواق، والسعي لتوحيد سعر الصرف، بعد رفعه من 430 ليرة مقابل الدولار إلى 1256 على مرحلتين، للحد من نشاط السوق السوداء، إن لم نقل تقليل أذاها، وتعديل سعر الفائدة لتزيد عن نسبة التضخم، عله يسحب بعض فائض السيولة بالليرة السورية، التي يرتكب جرمها نظام بشار الأسد، عبر استمرار التمويل بالعجز وطبع أوراق نقدية كبيرة، آخرها ورقة 5 آلاف ليرة، مطلع العام الجاري.

نهاية القول سرّان:

الأول، أن من يعرف سورية ومصارفها يعرف أن محمد مخلوف، خال بشار المتوفى هذا العام، كان يديرها كمنظومة متكاملة وكان يُعرف بـ"السيّد 10%"، منذ أن تبوأ منصب مدير المصرف العقاري في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ويتحكم بقرارات المصرف المركزي، خاصة خلال فترة أديب ميالة، الذي خلف محمد بشار كبارة، بالتزامن مع إعلان استثمارات مخلوف- الأسد في مطلع الألفية.

ولأن مكان مخلوف الأب شاغر وبدأت أسماء الأسد تأخذ دوره كاملاً، بعدما صادرت مليكة، ابنه رامي، عزلت باسم الزوج المطيع بشار الحاكم المتمرد قرفول، وهي مدعية الخبرة المصرفية التراكمية، عبر عملها بمصرفي "دويتشه بنك" و"جيه.بي مورغان" في لندن  قبل أن تتزوج بشار الأسد عام 2000، لتأتي بمن باتوا يعرفون في سورية برجال أسماء الجدد.

أما السر الثاني، فخزائن مصرف سورية المركزي، دولارية وذهبية، باتت فارغة، بعد تبديد الاحتياطي المقدر بنحو 20 مليار دولار عام 2011، ولا صلاحيات للمصرف المركزي بعيداً من القرار الأمني والحلول القمعية التي يصدرها بشار الأسد.

هذا إن لم نأت على التكبيل الذي لحق بأبي المصارف بعد عقوبات "قانون قيصر" الأميركية التي طاولته حزمتها الثانية في يونيو/حزيران من العام الماضي.

بكلام آخر، ليست المشكلة في حازم قرفول ،كما لن يأتي خلفه بحل سحري، فمشكلة المصرف المركزي المزدوجة، الإفلاس ومصادرة الصلاحية، ستنعكس على المصارف، الحكومية والخاصة، وعلى سعر الصرف ومعيشة السوريين، وستوصل نظام الأسد، بالتضافر مع المشاكل الاقتصادية الأُخرى، إلى الهاوية لا محالة، ولو بدّل كل يوم حاكم المركزي.