الجنيه المصري معرّض لخسارة 23% شرطاً لقرض من صندوق النقد

الجنيه المصري معرّض لخسارة 23% شرطاً لقرض من صندوق النقد الدولي

12 اغسطس 2022
يقدّر الخبراء أن الجنيه متداول بأكثر من قيمته 5% بالحد الأدنى و23% بالحد الأقصى (Getty)
+ الخط -

تؤكد توقعات مختلفة أن مصر ستكون مضطرة لتحرير سعر عملتها، بحيث يخسر الجنيه ما يصل إلى 23% من قيمته، استجابة لشروط صندوق النقد الدولي مقابل منحها قروضا تلبي احتياجات خزينتها المثقلة بالأعباء.

فماذا في التفاصيل؟

تعتقد وحدة "بلومبيرغ إيكونوميكس" أن الجنيه المصري يحتاج إلى الهبوط بنسبة عالية تناهز 23% من أجل مساعدة الاقتصاد على التكيّف وتقليص فجوة التمويل، وفقا لمعلومة أوردتها "بلومبيرغ"، فيما تتطلع الحكومة إلى الحصول على قرض جديد من صندوق النقد.

إلا أن تقديرات أُخرى تبقى أقل بكثير من هذه النسبة. فمن وجهة نظر "دويتشه بنك إيه جي" و"غولدمان ساكس غروب إنك"، فإن العملة مقوّمة بأعلى من قيمتها حاليا بنحو 10%، وفقا لسعر الصرف الفعلي الحقيقي، في حين أن "سيتي غروب" لديها تقدير أقل بنسبة 5%.

ويأتي الجدل حول مدى التصحيح المطلوب لسعر العملة، فيما تتزايد الحاجات الملحة للاقتصاد البالغ حجمه 400 مليار دولار رغم خفض قيمة الجنيه بأكثر من 15% في مارس/ آذار الماضي، ليلقي ارتفاع الدولار منذ ذلك الحين بثقله على عملات شركاء مصر التجاريين، في حين تسببت صدمات الطاقة والغذاء من الغزو الروسي لأوكرانيا في توتير الأوضاع المالية داخل مصر.

ويتداول بعض الخبراء أيضا مزيدا من الانخفاضات، حتى بعدما سجلت العملة المصرية 11 أسبوعا من الخسائر في السوق الخارجية، وهي أسوأ سلسلة متتالية لها منذ ما يقرب من عقد. وفي سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، كان العقد لمدة 3 أشهر جرى تداول الدولار بحوالى 21 جنيها يوم الأربعاء، أي أضعف بنسبة 9% من السعر الفوري في الخارج.

موقف
التحديثات الحية

في هذا السياق، يقول كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في "بلومبيرغ" زياد داوود: "قد يشعر صانعو السياسة بالقلق بشأن الآثار الجانبية لتخفيض قيمة العملة، مثل ارتفاع التضخم عندما يكون بالفعل في خانة العشرات، وخطر الاضطرابات الاجتماعية. وقد ينتهي الأمر بمصر إلى تخفيض قيمة عملتها، لكن بأقل مما يحتاج إليه الاقتصاد".

يُشار إلى أن مصر لجأت إلى صندوق النقد للحصول على مساعدة جديدة في مارس/آذار، وحصلت على تعهدات بأكثر من 22 مليار دولار من الودائع والاستثمارات من السعودية والإمارات وقطر.

وفي انعكاس للضغط المتزايد على الموارد المالية لمصر، انخفض صافي الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي إلى 33.14 مليار دولار في يوليو/ تموز، وهو أدنى مستوى منذ يونيو/ حزيران 2017.

وتذهب التكهنات إلى أن الصندوق سيطالب بمزيد من المرونة في سعر صرف الجنيه، كجزء من الشروط المرتبطة بحزمة جديدة دفعت العملة أقرب نحو أدنى مستوى قياسي وصلت إليه عام 2016.

ومع ذلك، قال محللو "سيتي غروب"، بمن فيهم ليديا رانغبانيكن، في تقرير، إن مدى ما تبقى من المبالغة في التقييم "ينبغي أن يثير استياء صندوق النقد الذي يبدو أنه يتمتع بشروط إقراض أكثر صرامة في معظم الأسواق غير السائلة"، مضيفين: "لقد استمر المستثمرون في تحديد المزيد من تخفيضات قيمة العملة"، في ضوء انخفاض صافي الأصول الأجنبية.

وفي عام 2016، وافقت الحكومة على برنامج صندوق النقد بقيمة 12 مليار دولار وخفضت قيمة العملة، والتزمت بإجراءات أثرت في جاذبيتها للمستثمرين الأجانب. ونظرا لأسعار الفائدة المرتفعة في مصر، واستقرار الجنيه، وسجلها الحافل من التحركات الصديقة للسوق، ضخ الأجانب مليارات الدولارات في سوق ديونها.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

لكن ضغوط الأسعار دفعت الآن معدلات التضخم المعدلة إلى ما دون الصفر، حيث قامت البنوك المركزية في أماكن أخرى بتشديد السياسة. وقالت الحكومة في مايو/أيار إن المستثمرين الأجانب سحبوا نحو 20 مليار دولار من سوق الدين المحلي منذ بداية العام الجاري.

السندات المصرية الأسوأ أداء في الأسواق الناشئة

وفاجأ البنك المركزي المصري معظم المتنبئين في يونيو/ حزيران المنصرم، بإبقاء سعر فائدته القياسي ثابتا من دون تغيير بعد أكبر زيادة له في نحو نصف عقد الشهر السابق. وفقدت السندات المحلية 2.2% هذا الشهر، مما يجعلها الأسوأ أداء في الأسواق الناشئة، وفقا لمؤشرات "بلومبيرغ". ولم يعد بعد الطلب الأجنبي، فيما لا تزال نتائج مزادات السندات ضعيفة.

وقالت آنا فريدمان وكريستيان ويتوسكا من "دويتشه بنك ريسيرتش"، في تقرير، إن "استمرار دورة التشديد سيسهم في تجديد اهتمام المستثمرين بالأسواق المحلية، ويمكن أن يخفف بعض ضغوط أسعار الصرف"، متوقعين "مزيدا من الخفض لقيمة العملة"، لكنهم أضافوا: "نتوقع المزيد من الانخفاض التدريجي في قيمة العملة بدلا من الانخفاض الحاد".

مصر تسعى لاقتراض 2.5 مليار دولار من البنوك

هذا وتدرس مصر الحصول على قرض بنحو 2.5 مليار دولار، وفقا لأشخاص مطلعين على الخطط، في ظل اشتداد الضغوط الاقتصادية على الدولة التي تقع في شمال أفريقيا، حسب ما أوردته "بلومبيرغ". في المقابل، قال مسؤولون في الحكومة المصرية إنهم ليست لديهم معلومات عن هذا الأمر.

وتُجري الحكومة محادثات مع بنوك إقليمية ودولية بشأن تفاصيل التمويل، وفق ما كشفه أشخاص مطلعون على الأمر، وطلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لأن المحادثات خاصة، مؤكدين أن المناقشات أولية وقد لا يسفر عنها اتفاق.

ويأتي ذلك بينما تتزايد الحاجة الملحة للاقتصاد المصري البالغ 400 مليار دولار لتأمين المزيد من السيولة الأجنبية في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لسد العجز، حيث أثرت أسعار النفط والسلع المرتفعة بشدة على أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، كما تراجع عدد السياح من روسيا وأوكرانيا.

ومع انتشار التبعات الجانبية، تسعى مصر لجمع 41 مليار دولار لسداد عجز الحساب الجاري والديون المستحقة بحلول نهاية عام 2023.