الاحتكار والتهريب يعززان أزمة الغاز في لبنان

الاحتكار والتهريب يعززان أزمة الغاز في لبنان

18 ديسمبر 2020
تحولت قارورة الغاز إلى سلعة نادرة (جوزف براك/ فرانس برس)
+ الخط -

عادت أزمة الغاز المنزلي لتطلّ برأسها من جديد في لبنان، وهذه المرّة من بوابة مناطق الشمال في ظلّ الحديث عن تقنين قاسٍ تمارسه شركات التوزيع في المنطقة.

وقالت مصادر "العربي الجديد" إن أسباب تصاعد المشكلة ترتبط بعمليات تهريب قوارير الغاز إلى سورية، إضافة إلى وجود احتكار فاضح للمادة يجعل من المواطن اللبناني رهينةً لجشع التجار، وضحية تفلّت الأسعار وارتفاعها الجنوني. ويأتي هذا في ظل غياب تام للدولة والأجهزة المعنية رقابةً، وعقاباً.

وعبّر أهالي عدد من المناطق الشمالية عن استنكارهم وغضبهم من الشح في مادة الغاز والتقنين الحاصل في إمدادات الأسواق، وارتفاع سعر قارورة الغاز المنزلي، بشكلٍ يحرمهم من شرائها في ظلّ تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وغلاء أسعار مختلف المواد والسلع الغذائية.

ويستخدم الغاز على نطاق واسع في لبنان خلال فصل الشتاء كوسيلة للتدفئة، وأتت الأزمة اليوم بالتزامن مع منخفض جوي يضرب لبنان يترافق مع رياح قوية وعواصف رعدية وأمطار غزيرة وبرد قارس يحل على غالبية المناطق.

ولفت ممثل نقابة موزعي الغاز ومستلزماتها في الشمال مصطفى العتر، في اتصال مع "العربي الجديد"، إلى أنّ شركات الغاز الكبرى في البلد وعددها يصل الى أربع أو خمس تحتكر مادة الغاز وتقسم المناطق بينها وتحرم المواطنين الشماليين منها والموزعين الذين يعجزون ايضاً عن الحصول عليها، أما الكميات القليلة المتوافرة في المحال التجارية فسعرها ضعف السعر الرسمي تقريباً.

وأشار العتر أيضا إلى أنّ الاحتكار ليس جديداً والأزمة مرت على لبنان العام الماضي، "بحيث أصبحنا نشتري مادة الغاز من بيروت، في ظلّ وجود شركة واحدة في الشمال هي إيكو غاز، وهي لا تكفي لتأمين حاجيات المنطقة كلّها وخصوصاً مع ارتفاع الطلب على الغاز وزيادة الاستهلاك في موسم الشتاء".

وقال العتر، إنّ اجتماعاً سيعقد مع وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، راوول نعمة، لبحث الأزمة معه، والحديث عن التقنين والاحتكار وأيضاً التهريب، "الذي ليس من واجبنا أن نقدم إثباتات على وجوده، بل على الدولة وأجهزتها الرقابية المعنية أن تلاحقه وتضع حدّاً له، وإلّا فوضعنا سينتقل من سيئ إلى أسوأ".

بدوره، لفت نقيب موزعي الغاز في لبنان وخبير النفط والغاز، فريد زينون، لـ"العربي الجديد"، إلى أن على الدولة اللبنانية أن تواجه التهريب وتلاحقه خصوصاً بعدما حلّقت أسعار الغاز في السوق السوداء ولا سيما في منطقة عكار. وأشار النقيب إلى أنّ أسباب الأزمة مرتبطة بالتقنين الحاصل، والتأخر بفتح مصرف لبنان المركزي الاعتمادات اللازمة للبواخر ودفع المبالغ المتوجبة لشركات الاستيراد ومجموعها 35 مليون دولار، لتغطية حاجات السوق ولا سيما أننا في فصل الشتاء.

إذ إن الطلب يرتفع جداً خلال هذا الفصل على مادة الغاز التي تعدّ أساسية لتشغيل وسائل التدفئة المنزلية، خصوصاً في ظل انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع كلفة استخدام الوسائل الكهربائية من خلال المولدات ذات الكلفة المرتفعة.

وأضاف أن كل هذه الأزمة تحصل بالتزامن مع دعم استيراد المحروقات من قبل البنك المركزي، وبالتالي يمكن توقع حدة المشكلة في حال رفع الدعم عن المحروقات كما يتم التسويق منذ أسابيع، وتداعيات هذه الخطوة الكارثية على الأسعار وعلى المواطنين.

ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية طاحنة توصف بأنها الأقسى منذ الحرب الأهلية، وسط تناقص احتياطي النقد الأجنبي إلى مستويات شديدة الخطورة، دفعت إلى عقد اجتماعات متواصلة لبحث وقف دعم استيراد المواد الأساسية من محروقات ودواء وقمح مخصص للخبز العربي، بالتزامن مع انهيار سعر صرف العملة المحلية في مقابل الدولار.

المساهمون