أزمات الاقتصاد وكورونا تذيب الطبقة الوسطى في لبنان

أزمات الاقتصاد وكورونا تذيب الطبقة الوسطى في لبنان

14 ديسمبر 2020
تراجع القدرات الشرائية للبنانيين في ظل تهاوي الليرة وتداعيات كورونا (حسين بيضون)
+ الخط -

ارتفعت نسبة الفقر في المجتمع اللبناني العام الجاري، لمستويات غير مسبوقة، مع ضمور الطبقة الوسطى التي كانت تشكل غالبية القوى الديمغرافية في البلاد الآيلة نحو مزيد من الصعوبات بفعل جائحة فيروس كورونا الجديد وأزمات الاقتصاد.

نتيجة لذلك، يحوم الفقر فوق لبنان عقب تصاعد حدّة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تترافق مع استمرار انهيار العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار الأميركي، وإغلاق المزيد من المؤسّسات التجارية والصناعية، وسط غياب خطط الإنقاذ.

بحسب بيانات صندوق النقد الدولي، فإن الناتج المحلي الذي وصل إلى 53 مليار دولار خلال العام الماضي 2019، من المتوقع أن ينخفض بشكل غير مسبوق إلى 18 مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري.

ويبلغ سعر الدولار الواحد في السوق الموازية 8100 ليرة، مقابل 1515 ليرة في السوق الرسمية، بينما يبلغ متوسط 3200 ليرة، السعر المدعوم من المصرف المركزي.

وكشف الباحث في الشركة الدولية للمعلومات (غير حكومية)، محمد شمس الدين، أن نسبة الفقر المعلنة وإن كانت بشكل غير رسمي هي 55% من اللبنانيين، أي ما يصل إلى 2.3 مليون لبناني.

وقال شمس الدين لوكالة الأناضول في تقرير نشرته اليوم الاثنين: "هذه النسبة لم تكن وليدة الظروف الراهنة, وإنما نتيجة ظروف اقتصادية واجتماعية أخذت بالتراكم منذ 2010".

في 2010، سجل لبنان نسبة فقر عند 25%، صعدت حاليا إلى 55%، "أي أن نسبة الطبقة المتوسطة كانت 70% من المجتمع وتراجعت إلى 40% اليوم" بحسب شمس الدين.

وبسبب الأزمات الاقتصادية وتفشي فيروس كورونا، وإجراءات حكومية للحد من تفشي الفيروس، انتقل آلاف العاملين إلى طوابير البطالة في السوق المحلية، فيما تآكلت القوة الشرائية داخل الأسواق.

وبحسب شمس الدين، فإن "95% من اللبنانيين يتقاضون رواتبهم بالليرة، وهذه الرواتب فقدت قيمتها مع انهيار أسعار الصرف وانتعاش السوق الموازية".

وبسبب هبوط أسعار الصرف، تراجعت القيمة الفعلية للحد الأدنى للأجور من 450 دولارا إلى 82 دولارا فقط، في مجتمع تعتبر فيه تكاليف المعيشة مرتفعة مقارنة مع دول الطوق.

وتابع  شمس الدين أن "80 ألف لبناني فقدوا وظائفهم خلال عام واحد، في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2019 لغاية نفس الشهر من 2020".

بدوره، قال المشرف العام على خطة لبنان للاستجابة للأزمة في وزارة الشؤون الاجتماعية، عصام أبي علي، إن "نسبة الفقر تتجاوز 60%، أمّا نسبة اللبنانيين الذين يرزحون تحت خط الفقر المدقع فتقدر بنحو 25% حاليا".

وأضاف أن الوزارة تعمل "على التفاوض حاليا مع البنك الدولي، للحصول على قرض بقيمة 260 مليون دولار.. هذا القرض يتيح لنا إقامة شبكة أمان اجتماعي".

من جانبه، توقع رئيس المعهد اللبناني لدراسة السوق باتريك مارديني، "بلوغ الانكماش الاقتصادي لهذا العام 19.2%، بينما كان 6.7% في 2019".

وقال مارديني في حديث مع الأناضول، إن تضخم أسعار المستهلك قفز إلى 356% خلال العام الجاري، نتيجة فقدان الليرة 80% من قيمتها الفعلية.

وأضاف أن "ارتفاع الأسعار يعود إلى زيادة حجم الكتلة النقديّة بالليرة اللبنانيّة، وهذه الخطوة تُسمى تسييل الدين العام، أي أن لبنان يعمد إلى تغطية دينه عن طريق ضخ كميات من الليرة إضافية في السوق وهذا الأمر يؤدّي إلى ارتفاع تلقائي للأسعار".

وتابع : "ما دامت هذه السياسة مستمرة، ستزداد نسبة الفقر.. على المصرف المركزي أن يضبط عملية طبع الليرة خصوصا وأنها أكثر من تدفق الدولار".

ويواجه لبنان تراجعا متسارعا في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، مع تزايد حاجة البلاد للنقد الأجنبي وتراجع وفرته محليا، وسط هبوط حاد في سعر صرف الليرة.

إلا أن البنك المركزي يملك كميات من احتياطي الذهب، البالغ حجمها حتى مطلع الشهر الجاري، 286.8 طنا، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي.

كان البنك الدولي قد توقع في تقرير المرصد الاقتصادي للبنان، الصادر في وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أن يعاني لبنان من "ركود شاق وطويل"، وأن يسجل انكماشاً اقتصادياً بنسبة 19.2% بنهاية العام الجاري 2020، منتقداً السلطات اللبنانية بسبب "الغياب المتعمد لإجراءات فعالة" لإنهاء الأزمة الاقتصادية.
وقال البنك إن الفقر سيواصل التفاقم على الأرجح، ليصبح أكثر من نصف السكان فقراء بحلول عام 2021، فيما من المتوقع أن تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 194% ارتفاعاً من 171% في نهاية 2019.

(العربي الجديد، الأناضول)

المساهمون