الألمان يتقشفون... إقبال على الأرخص

الألمان يتقشفون... إقبال على الأرخص

16 مايو 2022
كثيرون تخلوا عن الشراء عبر المنصات وفضلوا الذهاب للمتاجر لتقليص الإنفاق (Getty)
+ الخط -

تغير السلوك الشرائي لدى المواطنين الألمان بشكل لافت، في أعقاب الزيادات الكبيرة التي تشهدها أسعار العديد من المنتجات، التي تأثرت بتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، إذ تتجنب الكثير من الأسر العلامات التجارية باهظة الثمن، والاهتمام بشكل أكبر بالعروض التسويقية، التي تركت بصمتها على الاستهلاك في البلاد.

وأظهرت بيانات صادرة عن معهد أبحاث مبيعات التجزئة "إي سي سي" في مدينة كولن غربي ألمانيا، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن ما يقرب من ثلثي الأشخاص بنسبة 64% يريدون توفير المزيد عند التسوق في المستقبل القريب ويتم تأجيل المشتريات غير الأساسية.

ويأتي التقشف في الإنفاق بينما أنفق الألمان خلال جائحة كورونا جزءاً كبيراً من الأموال على المواد الغذائية ذات الجودة العالية والمنتجات الأكثر تكلفة، نظراً لعدم تمكنهم حينها من زيارة المطاعم أو الحانات أو السفر خلال الإجازات بسبب قيود كبح انتشار الوباء.

هذه الأنماط الاستهلاكية أشار إليها أيضاً الخبير في مبيعات التجزئة في شركة أبحاث السوق جي إف كاي، روبرت كيشكيس، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية أخيراً، موضحاً أنّ الأسر تستجيب بسرعة كبيرة لتغير الظروف المعيشية.

وأضاف كيشكيس: "هناك شعور من الناس بعدم الاستقرار مع تقلص قدرتهم على تحمل المصاريف الإضافية، وهذا ما انسحب على سلوكهم في التسوق".

وفي السياق، ذكرت شبكة ايه آر دي الإخبارية، نهاية الأسبوع الماضي، أنّ التجارة في مجال المنسوجات والملابس والأحذية والسلع الجلدية تراجعت خلال إبريل/نيسان الماضي بنسبة 8.4% مقارنة بشهر مارس/ آذار، فيما حققت محطات الوقود 11.5% مبيعات أقل، فضلا عن تراجع الطلبات عبر الإنترنت بنسبة 7.7%.

علاوة على ذلك، أشار كيشكيس، إلى أن المستهلكين تجاهلوا العديد من المواد الاستهلاكية مع ارتفاع التكاليف، لافتا إلى أن البعض بات يتناول كميات أقل من اللحوم، وأنّ تجار النبيذ مثلاً يشتكون من تراجع ملحوظ قي المبيعات.

ومع تخوف المستهلكين من تداعيات الغلاء، فإنّ قطاعات الصناعات الغذائية تتخوف من تفاقم الأوضاع إذا ما استمرت أسعار المواد الخام في الارتفاع على ضوء الحرب في أوكرانيا، داعية إلى تحركات حكومية لمواجهة المشكلة.

في تصريحات مع صحيفة بيلد أخيراً، قال كريستيان فون بوتشير، رئيس الاتحاد الفيدرالي لصناعة الأغذية: "في مرحلة ما لن يكون السؤال ما هو مقدار تكلفة المواد الخام الخاصة بطعامنا في السوق العالمية، ولكن إذا ما كان لا يزال بإمكاننا الحصول على أي منها"، داعيا وزير الزراعة الاتحادي جيم أوزديمير إلى "التحول من برنامج حزب الخضر إلى إدارة الأزمات النشطة".

وأوضح: "لا يمكن لأحد أن يقول لأي من المزارعين الألمان أن يزرعوا ما نسبته 20% من الأراضي بالمزروعات العضوية، لا سيما أنّ التضخم عبء يضرب بشدة الشرائح الأفقر في السكان، وبالأخص عندما يواجه الاقتصاد صعوبة في النمو".

وفي إلقاء الضوء على تغير الأنماط الاستهلاكية وأساليب توفير الأسر في الإنفاق، أشارت شبكة ايه آر دي الإخبارية، في تقرير لها قبل أيام، إلى أن الناس لجأت إلى العروض الخاصة وتخلت عن البضائع ذات العلامات التجارية وبدأت تقارن بين المعروضات على الرفوف لاختيار الأرخص، لافتة إلى أنّ ما يقرب 61% من المستهلكين يهتمون بالأسعار أكثر من السابق.

وفي السياق، ذكر الخبير في مبيعات التجزئة كيشكيس، أنّ "الناس أصبحوا أكثر حرصاً على عدم شراء كميات من السلع كي لا يتم التخلص من أي شي منها".

كما تخلى كثيرون عن التسوق عبر المنصات وفضلوا الذهاب بأنفسهم إلى المتاجر من أجل تقليص الفاتورة الشرائية والمقارنة بين السلع، فضلاً عن الاستغناء عن الكماليات، وتأجيل شراء الأثاث والإلكترونيات والتركيز على الضروريات، وفق ما ذكر مارتين فاسناخت من كلية دبليو اتش يو للأعمال في مدينة دوسلدورف.

وتأتي هذه التغييرات، بينما يتوقع محللون المزيد من تضخم الأسعار خلال الفترة المقبلة. وقال مدير معهد الاقتصاد الكلي وأبحاث دورة الأعمال، سيباستيان دوليان، في تصريحات لشبكة إيه أر دي، إن أسعار الطاقة المنزلية على وجه الخصوص ستصبح أكثر كلفة خلال أسابيع، وهذا ما سيلاحظه المستأجرون لاحقاً.

ويضغط الغلاء على القدرات الشرائية للكثيرين. وقال الخبير الاقتصادي هنريك مولر إنّ تراجع القدرة الشرائية يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي في الغرب.

المساهمون