الأردن: الشارع يدفع الحكومة نحو رد قانون الضمان الاجتماعي

الأردن: الشارع يدفع الحكومة نحو رد قانون الضمان الاجتماعي

05 ديسمبر 2022
انتقادات حادة من المواطنين لتعديلات قانون الضمان الاجتماعي (فرانس برس)
+ الخط -

تتجه الحكومة الأردنية لإعادة النظر في المشروع المعدل لقانون الضمان الاجتماعي المرسل إليها في سبتمبر/ أيلول الماضي من قبل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، في ضوء الاعتراضات الواسعة التي قوبلت بها التعديلات من قبل المواطنين والجهات التي تعنى بالدفاع عن حقوق مشتركي الضمان والمطالبات المتكررة بضرورة سحب المشروع.

ومن أبرز التعديلات المقترحة إلغاء التقاعد المبكر ورفع سنّ التقاعد واحتساب راتب التقاعد وفقاً لمتوسط أجور المؤمَّن عليه طوال مدة اشتراكه بالضمان، وتنص التعديلات أيضاً على رفع سن تقاعد الشيخوخة للذكور من 60 إلى 62 عاماً والإناث من 55 إلى 59 عاماً لمن تقلّ اشتراكاتهم عن 36 شهراً (3 سنوات) وإلغاء التقاعد المبكر لكلّ من تقلّ اشتراكاته عن 84 شهراً (7 سنوات).

يعلق الخبير في مجال الضمان الاجتماعي موسى الصبيحي لـ"العربي الجديد": "لا يزال المجتمع ينتظر خطوة شجاعة مرتقبة من رئيس الوزراء برد مشروع القانون المعدل لقانون الضمان المرسل من إدارة مؤسسة الضمان السابقة". يضيف أنّ "التعديلات جاءت على 47 مادة في القانون النافذ حالياً وتنطوي على مغالطات وكوارث تأمينية وقانونية كثيرة وتهدد مستقبل الضمان وديمومته كما تهدد أرضية الحماية الاجتماعية، وقد أوضحنا ذلك بالتفصيل من خلال عشرات المنشورات السابقة وكشفنا سلبيات هذه التعديلات ومخاطرها على الجميع".

يتابع أنّ الكرة الآن في ملعب رئيس الوزراء وبقرار شجاع منه يستطيع أن يحسم الموضوع ويبعث برسالة طمأنة واضحة وقوية لأكثر من مليوني مواطن عامل وعائلاتهم بأنّ مستقبلهم آمن مع مؤسستهم وبأنّ منظومة التأمينات التي تُطبقها مؤسسة الضمان ستظل مترابطة متناغمة ومستجيبة لمتطلبات الحماية الاجتماعية للطبقة العاملة تحديداً، ولأبناء المجتمع عموماً.

ويشير إلى أنّ التعديلات المقترحة مؤذية لجميع الأطراف من دون استثناء؛ من مؤمَّن عليهم ومتقاعدين ومؤسسة ضمان وحكومة وأصحاب عمل واقتصاد وطني.
ويشدد الصبيحي على أنّ قانون الضمان الاجتماعي ليس بحاجة إلى تعديلات في الوقت الحاضر، فذلك يحتاج إلى إجراء دراسة إكتوارية (دراسة إحصائية تهدف إلى تحديد المخاطر)، وبالتالي تحديد إن كان هنالك حاجة لإجراء تعديلات والأطر التي ستتم تستدعي إعادة النظر.

يضيف أنّ كثرة تعديلات قانون الضمان الاجتماعي تثير قلق المشتركين وتزايد مخاوفهم على مستقبلهم والتأمين التي يترقبون الحصول عليها عند التقاعد، مشيراً إلى أهمية تعزيز المنافع التأمينية للمؤمَّن عليهم وتوفير التأمين الصحي الذي يدور الحديث عنه منذ سنوات طويلة.

من جانبه، يقول رئيس المرصد العمالي أحمد عوض لـ"العربي الجديد" إنّ تعديلات القانون ما زالت تجابَه بحالة من الرفض والاعتراض الشديدين من قبل المواطنين، ما يتطلب إعادة النظر فيها ودراسة أي تغييرات استناداً إلى مصلحة المؤمَّن عليهم من دون إلحاق الأذى بهم، والتراجع عن العديد من المنافع التأمينية التي مضت عليها سنوات طويلة.

يضيف أنّ على المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي العمل على تحسين موارد المؤسسة المالية من خلال التركيز على الاستثمارات التي يديرها ويشرف عليها صندوق استثمار أموال الضمان بما يساهم في تحسين الخدمات التأمينية ورفع الرواتب التقاعدية وتوفير مزيد من التأمينات، بخاصة التأمين الصحي الذي طال الحديث عنها.

ويوصي تقرير أعده مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية (مستقل) بإعادة النظر بمختلف التعديلات المقترحة أخيراً على قانون الضمان الاجتماعي، التي وصفها التقرير بأنّها تعديلات تراجعية، تمسّ مستويات الشمول والحمايات الاجتماعية للمشتركين.

ويطالب التقرير بالكشف عن نتائج الدراسة الإكتوارية الأخيرة التي أجريت على صندوق الضمان الاجتماعي، وطرحها للنقاش العام. ويشير التقرير إلى أن الاقتطاعات الحالية للضمان الاجتماعي مرتفعة وترهق منشآت الأعمال والعاملين على حد سواء، وأسهمت بشكل ملموس في إضعاف مسار تطور الاقتصاد الوطني وحالت دون توليد مزيد من فرص العمل.

يوصي تقرير أعده مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية (مستقل) بإعادة النظر بمختلف التعديلات المقترحة أخيراً على قانون الضمان الاجتماعي، التي وصفها التقرير بأنّها تعديلات تراجعية


وانتقد التقرير التعديلات المتعلقة بتطبيق التأمين الصحي على المشتركين والمتقاعدين، التي يتحمل تكاليفها العاملون فقط، إذ ستزيد من الاقتطاعات على المشتركين بنسبة 4 بالمائة يدفعها المشتركون في الضمان الاجتماعي والمتقاعدون و1 بالمائة لغايات المعالجة من مرض السرطان.

يشير التقرير إلى أنّ الصيغة المقترحة غير عادلة وتخالف أبسط المعايير المتعارف عليها عالمياً، حيث يتحمل مختلف الأطراف من عمال وأصحاب أعمال وحكومة تكلفة توفير التأمين الصحي، لا العاملون فقط.

ويرى التقرير أنّ هذه الصيغة تعكس التوجهات العامة للحكومة في تخليها عن مسؤولياتها في توفير الرعاية الصحية لمواطنيها في إطار الضمان الاجتماعي من جهة، ورفع يد القطاع الخاص في تحمّل جانب من عبء تكاليف التأمين الصحي للعاملين لديه من جهة أخرى.

يقول مدير مركز دراسات بيت العمال حمادة أبو نجمة، خلال حلقة نقاشية حول تعديلات القانون، إنّ الأردنيين يحتاجون إلى منهجية واضحة للتعديلات التي تحصل عبر اجتهادات فردية، علماً أنّ التعديل الأخير على القانون أجري عام 2019، وهذه ليست فترة بعيدة.