أوبك تستجيب لمطالب واشنطن بزيادة الإنتاج

أوبك تستجيب لمطالب واشنطن بزيادة الإنتاج وتحافظ على التعاون مع روسيا

03 يونيو 2022
جانب من اجتماعات وفود أوبك بمقر المنظمة في فيينا مارس الماضي (Getty)
+ الخط -

أسفر اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها والمعروفة باسم تحالف (أوبك+) الخميس عن قرار بزيادة الإنتاج النفطي بنسبة 50% إلى 648 ألف برميل في يوليو/تموز، وبكمية مماثلة في أغسطس/آب، وهو ما يتخطى الزيادات الشهرية السابقة البالغة 432 ألف برميل يوميا، على أن تبدأ الزيادة في بداية الصيف الجاري، وتستمر لمدة شهرين حتى أغسطس. ويأتي القرار وسط مخاوف من أن يبطئ ارتفاع أسعار الطاقة نمو الاقتصاد العالمي خاصة مع استمرار حرب أوكرانيا وموجة تضخمية.

ومن المتوقع أن تعرض الزيادة المقترحة في الإنتاج، اليوم الجمعة، على الدول النفطية العشر المتعاونة مع منظمة "أوبك+" للموافقة عليها. وقال مصدران في أوبك+ الخميس، وفق رويترز، إن أعضاء في أوبك قرروا زيادة إنتاج النفط لتعويض تراجع الإنتاج الروسي. وأشار أحد مصادر أوبك+ المطلعة على الموقف الروسي، إلى أن موسكو قد توافق على زيادة إنتاج الدول الأخرى لتعويض تراجع إنتاج روسيا، ولكن ليس بالضرورة تعويض كل النقص.
يذكر أن الزيادة المتوقعة في الإنتاج النفطي خلال شهور الصيف والتي أقرها التحالف أمس تأتي متوافقة مع الطلب الأميركي، ويأتي القرار متزامناً مع زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمنطقة الخليج وسط حديث عن ترتيبات لزيارة السعودية.
وسبقت اجتماع أمس توقعاتٌ من محللين ومراقبين لسوق الطاقة العالمي بعدم حدوث مفاجآت في اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الذي انعقد في مقر المنظمة بفيينا، على الرغم من تقارير سابقة ذكرت أن المنظمة ستعلق عضوية روسيا في التحالف النفطي القائم بين منظمة "أوبك" والمنتجين خارجها تحت مسمى "أوبك+"، وزيادة سقف الإنتاج الحالي للمساهمة في خفض الأسعار المرتفعة التي تهدد الاقتصاد العالمي. ويضم تحالف "أوبك+" 10 دول غير أعضاء في المنظمة البترولية أكبرها روسيا.
ووضعت أسواق الطاقة في حساباتها حتى منتصف نهار أمس الخميس، احتمال زيادة إنتاج منظمة "أوبك" لحصص الإنتاج، خاصة من الدول التي تملك "طاقات فائضة غير مستغلة"، وعلى رأسها السعودية والإمارات والعراق.
وبالتالي لاحظت "العربي الجديد"، أن الخامات البترولية شهدت في تعاملات أمس مبيعات مكثفة من قبل المستثمرين، حيث خسرت الخامات البترولية الرئيسية نحو 3 دولارات من سعرها في منتصف نهار الخميس. وبلغ سعر خام برنت لعقود يوليو/ تموز 113.34 دولاراً للبرميل، بينما بلغ سعر خام غرب تكساس 112.37 دولاراً للبرميل. وكان الحديث الدائر في سوق الطاقة العالمي عن احتمال زيادة فورية للإنتاج، وتعليق التعاون مع روسيا، ولكن الاجتماع لم يتناول مستقبل التعاون مع موسكو وأخذ في الاعتبار العلاقة التي تربط الأعضاء الكبار في المنظومة البترولية مع موسكو.
في هذا الشأن، قالت مسؤولة قسم الطاقة بمصرف "آر بي سي" البريطاني، هيلما كروفت: "أعتقد أن قيادة أوبك لا تسعى في الوقت الراهن لإذلال روسيا، على الرغم من أنهم ملتزمون بإصلاح علاقاتهم مع واشنطن".
وقبيل قرار التحالف النفطي أمس، توقعت كروفت أن اجتماع الخميس ربما لن يمرر زيادة الإنتاج فوق السقف المتفق عليه وفقاً لاتفاق تعاون "أوبك+" بشكل فوري، أي بزيادة الحصة الحالية بنحو 432 ألف برميل يومياً خلال الشهر الجاري". وترى كروفت أن الزيادة في إنتاج المنظمة النفطي ربما سيعلن عنها حالياً، ولكنها فعلياً قد تحدث في الصيف".
وعلى الرغم من الضغوط الأميركية، فإن "أوبك" لا تملك طاقات نفطية فائضة كبيرة، كما يثار في بعض التقارير. في هذا الصدد، تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية الصادرة في مارس/ آذار الماضي إلى أن لدى كل من السعودية والإمارات طاقات فائضة تقدر بنحو 1.8 مليون برميل يومياً. والطاقة الفائضة تعني الإنتاج المتوقع أن يتم تصديره في فترة شهر أو أقل.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الثلاثاء، أن بعض أعضاء أوبك يدرسون فكرة تعليق مشاركة روسيا في الاتفاق على خطة الإنتاج، لإتاحة الفرصة أمام بقية المنتجين لضخ مزيد من النفط بموجب طلبات من الولايات المتحدة ودول أوروبية.
ونسبت "وول ستريت جورنال"، إلى عضو من أعضاء وفود "أوبك" قوله، إن" أعضاء المنظمة بدأوا النقاش حول مستقبل روسيا في المنظومة النفطية، أوبك بلس، حتى قبل قرار دول الاتحاد الأوروبي حظر واردات النفط الروسي". وترى المنظمة، حسب مسؤول أوبك، أن روسيا لم تعد قادرة على تلبية حصتها في سقف الإنتاج.
غير أن مَصدرين في أوبك+ قالا لوكالة رويترز، إن اجتماعا فنيا عقد الأربعاء لم يناقش الفكرة. وقال ستة مندوبين آخرين في أوبك+ إن المجموعة لم تتناول الفكرة.

وتشير توقعات الشركات البترولية الروسية، إلى أن معدل الإنتاج اليومي الروسي تراجع بنحو مليون برميل يومياً، ومن المتوقع أن يتراجع الإنتاج أكثر بعد قرار حظر أوروبا واردات النفط الروسي الذي سيؤثر على خسارة الشركات الروسية لنحو 66% من وارداتها لأوروبا فوراً و90% في نهاية العام الجاري حسب بيانات المفوضية الأوروبية.
وقال مسؤول أوبك الذي طلب عدم ذكر اسمه لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "إن أعضاء أوبك باتوا مقتنعين بأن روسيا في الوقت الراهن خارج نظام التعاون النفطي القائم على تقاسم الحصص".
يذكر أن أوبك سبق أن أعفت بعض أعضائها من شروط الحصص الإنتاجية، ومن بينهم العراق الذي تعرض للحظر في التسعينيات من قبل الدول الغربية. كما تم إعفاء كل من فنزويلا وإيران من شروط الحصص بسبب الحظر الأميركي وليبيا بسبب الحرب الأهلية.
ولكن يستبعد محللون تعليق عضوية روسيا في تحالف "أوبك+" في الوقت الراهن، وذلك لأن روسيا دولة منتجة كبرى للنفط وبلغ حجم إنتاجها في بعض الأوقات 11.2 مليون برميل يومياً.
ويتخوف أعضاء "أوبك" من أن استعداء روسيا ربما يخلق لهم إشكالات في المستقبل، حيث إنهم ربما يحتاجون لتعاونها في المستقبل في حال حدوث انهيار كبير في أسعار النفط.
وتواجه الشركات الروسية مجموعة من العقبات اللوجستية الخاصة بإغلاق بعض الحقول الروسية وعدم وجود قطع غيار وعدم وجود خزانات استراتيجية لدى موسكو لتخزين كميات النفط المنتجة، كما لا تجد مشترين بسبب العقوبات الغربية والحظر الثانوي الأميركي.
في هذا الصدد، قال نائب رئيس وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال"، دانيال يورغين: "إذا لم تكن لدى المشتري بوليصة تأمين فإن شركات الناقلات النفطية لن تتعامل معه".
من جانبه، يرى مؤسس شركة "بيلرينغ إنيرجي بارتنرز" الأميركية، دان بيكرنغ، في تغريدة بشأن السوق النفطية، إن الإشارات التي صدرت عن بعض أعضاء أوبك بزيادة الإنتاج لا تعني أن أسعار النفط ستتراجع بمعدل كبير عن مستوياتها الحالية ولكنها ربما ستصبح معقولة".
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها دول العالم، تتوفر لدى الشركات الآسيوية غنيمة في النفط الروسي الرخيص. ويباع خام الأورال الروسي، وهو الخام الرئيسي لقياس سعر البترول الذي تنتجه الشركات الروسية، بحسومات خيالية مقارنة بسعر خام برنت في الوقت الراهن.
وعادة يباع سعر خام الأورال الروسي المستخدم بكثافة في مصافي دول الاتحاد الأوروبي في الأسواق العالمية، بسعر أقل من خام برنت بنحو دولارين أو أكثر قليلاً.
لكن بيانات وزارة المالية الروسية لسعر خام الأورال في الفترة بين منتصف إبريل/نيسان ومنتصف مايو/أيار تشير إلى أن السعر المتوسط للخام الروسي بلغ في المتوسط 73.24 دولارا، في الوقت الذي كان فيه سعر خام برنت فوق 110 دولارات للبرميل. وهو ما يعني أن سعر خام الأورال يقل بنحو 32% عن سعر خام برنت، أي أن خام الأورال يباع في الأسواق الآسيوية بحسومات بلغت نحو 35 دولاراً للبرميل.
وفي ذات الصدد، تشير شركة "ستات ستا" للبيانات المالية إلى أن حسومات خام الأورال بلغت 34. 45 دولاراً في نهاية يوم 31 مايو/ أيار الماضي مقارنة بسعر خام برنت الذي بلغ في نفس اليوم 124 دولاراً للبرميل.
ومن المتوقع أن يقود الحظر الأوروبي على واردات الخامات البترولية الروسية إلى مزيد من الضغط على الشركات الروسية، التي تجدّ في البحث عن زبائن جدد لتعويض خسارة سوق الطاقة الأوروبي.
وتشير البيانات الأوروبية الرسمية التي صدرت في بروكسل، إلى أن حظر صادرات النفط الروسي إلى أوروبا سينخفض بنحو 66% فوراً وبنحو 90% في نهاية العام.

وتجذب أسعار البترول الروسية الرخيصة تجار النفط والمصافي في كل من الصين والهند لشراء مزيد من صفقات النفط الروسي، ولكنها لن تكون كافية لتعويض خسارة السوق الأوروبي بسبب الصعوبات اللوجستية والتمويلية التي تواجهها الشركات الروسية وتجار النفط في آسيا بسبب الحظر على واردات النفط الروسية، كذلك ناقلات النفط الأوروبية، بشأن نقل الخامات الروسية وشركات التأمين حول توفير صفقات النفط الروسية.
وبالتالي، يرى محللون أن هذه الكوابح ستعيق شراء الشركات الآسيوية لكميات كبيرة من النفط الروسي. كما لاحظ محللون أن رحلة الناقلات النفطية العالمية إلى آسيا، حتى إذا وجدت الحاويات، فإنها ستكون طويلة ومكلفة بالنسبة للشركات الآسيوية.
يذكر أن الولايات المتحدة تضغط على الهند بعدم زيادة مشترياتها من النفط الروسي وتشترط عليها الشراء بحسومات كبيرة، وألا يتجاوز حجمها مستوى المشتريات السابقة.
ولاحظت نشرة "أويل برايس" أن صادرات الهند ارتفعت بمعدلات كبيرة من الخامات الروسية، وأصبحت روسيا رابع أكبر مورد نفطي للهند خلال العام الجاري، بدلا من موقعها في العام الماضي عاشر دولة موردة للهند.
من جانبها، سجلت بيانات الجمارك الصينية ارتفاعاً في واردات النفط في إبريل/ نيسان الماضي مقارنة بمستوياتها في يناير/ كانون الثاني. وكل من الصين والهند من كبار المستوردين للنفط في العالم، ولكن لديهما مصالح تجارية ضخمة مع كل من السوقين الأميركي والأوروبي.

المساهمون