أصحاب رؤوس الأموال يعودون إلى شراء الأصول الأميركية

أصحاب رؤوس الأموال يعودون إلى شراء الأصول الأميركية

22 يونيو 2023
متعاملون في سوق وول ستريت بنيويورك (Getty)
+ الخط -

عادت الجاذبية مرة أخرى للأصول الأميركية بعد فترة من هروب المستثمرين من سوق المال الأضخم عالمياً "وول ستريت" بسبب التداعيات السالبة للارتفاع المتواصل والسريع للفائدة المرتفعة على الدولار. وتستفيد جاذبية الأصول الأميركية في الوقت الراهن من أزمات الاقتصادات الكبرى في منطقة اليورو والصين وبحث المستثمرين عن "الأمان الاستثماري" أكثر من بحثهم عن الربحية والعائد وسط الاضطرابات الجيوسياسية التي تجتاح العالم.

ويواجه المستثمرون في العالم مهددات الحرب المشتعلة في أوكرانيا وتوتر العلاقات الأميركية الصينية، خاصة وسط مخاوف ضم بكين لجزيرة تايوان، والحديث عن احتمال إنشاء بكين مركز تدريب عسكري في جزيرة كوبا التي تبعد نحو 100 ميل فقط من شواطئ فلوريدا.

كما لاحظ خبراء أن العديد من المصارف الاستثمارية قد خفضت معدل نمو الاقتصاد الصيني خلال العام الجاري بعد البيانات الضعيفة لنشاط القطاع الصناعي وارتفاع البطالة وسط الشباب والأزمة التي يمر بها قطاع العقارات.

ويرى المستثمرون أن مستقبل نمو الاقتصاد الأميركي يبدو أفضل كثيراً من الاقتصادات الكبرى الأخرى في أوروبا والصين، حسب توقعات مصرف "جي بي مورغان" الاستثماري الأميركي.

وحسب مسح لشركة كيرني الأميركية وسط مدراء صناديق الاستثمار العالمية، أجري في مايو/أيار الماضي، فإن ثقة المستثمرين في الأسواق الأميركية ارتفعت خلال العام الجاري مقارنة بما كانت عليها في العام الماضي، وقال 82% من الذين شملهم الاستطلاع أنهم يخططون لزيادة استثماراتهم في الأصول الأميركية خلال العام الجاري، مقارنة بنحو 76% في العام الماضي.

وعدا اليابان التي شهدت أسواقها انتعاشاً كبيراً خلال العام الجاري بسبب التدفقات المالية الأجنبية إلى سوق طوكيو خلال الشهور الماضية، فإن الأسواق المالية الأخرى تبدو غير مغرية للمستثمرين الكبار وصناديق الأسهم والمعاشات الغربية خلال العام الجاري. وتعود جاذبية السوق اليابانية مقارنة بالأسوق الأخرى، ببساطة إلى سعر الين الرخيص مقابل الدولار ومستقبل ارتفاع العائد على الأصول المستثمرة بسوق طوكيو.

وحسب توقعات مصرف "جي بي مورغان"، من المحتمل أن تواجه منطقة اليورو ركودًا معتدلاً خلال العام الجاري، بينما ستواجه أميركا ركوداً خفيفاً في نهاية العام الجاري. كما يتوقع المصرف الاستثماري أن تؤثر قوة الدولار على أداء الأسوق الناشئة وعلى عملاتها خلال النصف الثاني من العام الجاري.

ويعزو خبراء تفاؤل المستثمرين بالسوق الأميركية إلى أربعة عوامل رئيسية، وهي حجم الإنفاق الاستهلاكي الضخم في أميركا التي يعتمد عليها النمو الاقتصادي في البلاد. وتقدر قيمة القوة الشرائية في الولايات المتحدة بنحو 19.417 تريليون دولار في العام الماضي ومن المتوقع أن ترتفع خلال النصف الثاني من العام في حال توقف ارتفاع سعر الفائدة.

وثانياً، فإن قوة سوق العمل وتلاشي أزمة القطاع المصرفي بعد الاضطراب الذي شاب المصارف الصغيرة والمتوسطة خلال الشهور الماضية سيرفع من ثقة المستثمرين في الأصول الأميركية وفق مراقبين.

وثالثاً، التوقعات المتواترة التي تقول إن زيادات الفائدة على الدولار قد بلغت ذروتها، وإن مجلس الاحتياط الفيدرالي سيتوقف عن رفع الفائدة خلال العام الجاري، هي عامل يدعم تقدم دعم النمو الاقتصادي على مكافحة التضخم الذي يواصل الانخفاض، كما يعني كذلك أن البريق ربما سيعود للأسهم الأميركية.

ورابعاً: ينظر المستثمرون الكبار إلى سوق المال الأميركية على أساس أنها الأكثر أماناً وسيولة وعمقاً مقارنة بالأسواق العالمية الأخرى.

ويقدَّر حجم سوق الأسهم والأدوات الثابتة التي تدخل فيها السندات الحكومية والسندات الخاصة المتحدة بنحو 91 تريليون دولار في نهاية العام الماضي 2022، من بينها 50.6 تريليون دولار للسندات الحكومية والخاصة و40.513 لسوق الأسهم المسجلة بالبورصات الأميركية.

وهذا الحجم الضخم يجعل من السوق الأميركية الأكثر عمقاً للمليارديرات والصناديق الكبرى التي تدير تريليونات الدولار مقارنة بالبورصات الأخرى في العالم.

وحسب بيانات سوق الأوراق المالية التي تعرف اختصاراً بـ"سيفما"، تمثل سوق السندات الأميركية نسبة 41.3% من إجمالي سوق السندات العالمية المقدرة بنحو 122.6 تريليون دولار. وتمتاز سندات الخزينة الأميركية بأنها سريعة التسييل ودون مخاطر مقارنة بالسندات السيادية الأخرى التي يدفع المستثمرون نسبة مخاطر عليها.

وكانت أسواق المال العالمية قد شهدت مجموعة من المخاطر خلال العالم الماضي 2022، حيث غزت روسيا أوكرانيا، وأصبحت أسواق الأسهم متقلبة، كما انهارت سلاسل التوريد العالمية وارتفع معدل التضخم. ويذكر أنه على الرغم من أن التضخم الأميركي قد بدأ في التراجع، لكن أسعار الفائدة ظلت مرتفعة خلال الشهور الماضية، مما أثار مشاكل السيولة في الصناعة المصرفية وأدى إلى أزمات السيولة.

ولكن توقعات مصرف "جي بي مورغان" ترى فرصًا جديدة في الأسواق الأميركية هذا العام وإمكانية تحقيق عوائد نسبية قوية مقارنة بأسواق أوروبا وآسيا. ويستبعد محللون أن تعود أزمة المصارف لتهديد الثقة في السوق الأميركية. كما أن أسعار النفط تتراجع في الصيف الحالي، وبالتالي فإنها ستساهم في خفض التضخم خلال الشهور المقبلة.

المساهمون