أزمة البصل والأمن الغذائي العربي الهش

أزمة البصل والأمن الغذائي العربي الهش

06 مارس 2023
قفزات في أسعار البصل داخل المنطقة العربية/ فرانس برس
+ الخط -

تكشف أزمة البصل الحالية عن هشاشة الأمن الغذائي في دول المنطقة، وتؤكد استمرار تجاهل الحكومات قضية بالغة الخطورة هي تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية مثل القمح والحبوب والتي تمثل كلفة استيرادها ضغطاً شديداً على النقد الأجنبي والمالية العامة والعملة المحلية، وقبلها على القدرة الشرائية للمواطن.

كما تكشف الأزمة المتصاعدة عن عورات السياسات الزراعية المطبقة داخل تلك الدول، وانشغال الحكومات والأنظمة بأمور أخرى لا تمثل أولوية منها الاقتراض وبناء العقارات، على حساب قضايا حيوية تتعلق بمكافحة الجوع والفقر والحفاظ على مخزون تلبية احتياجات المواطن من الغذاء ودعم استقرار الأسواق وتحصين الاقتصاد من الهزات الخارجية.

تكشف أزمة البصل عن عورات السياسات الزراعية المطبقة، وانشغال الحكومات بأمور لا تمثل أولوية منها الاقتراض، على حساب قضايا حيوية تتعلق بمكافحة الجوع

وبعد أزمات القمح والدقيق والأرز واللحوم والذرة والزيوت التي هزت العالم عقب اندلاع حرب أوكرانيا وأدت إلى حدوث قفزات في الأسعار، لدرجة أن دولا عربية كانت مهددة بالمجاعة لولا وصول مساعدات غذائية من الدول المنتجة واقتراض مليارات الدولارات لاستيراد أغذية، رأينا البصل ينضم أخيراً إلى قائمة السلع التي تعاني منها الأسواق نقصاً حاداً.

وخلال الفترة الماضية شهدت أسواق العالم ندرة في إنتاج البصل وشحا شديدا في المعروض، وهو ما أدى إلى حدوث قفزة في الأسعار لم تصل إليها السلعة من قبل وعلى مدى التاريخ، وتجاوز سعر البصل في دول أسعار اللحوم والفاكهة.

والملفت أن البصل بات من السلع باهظة الثمن لدرجة أن تجارا ومستهلكين باتوا يتندرون على شحه وندرته ويقارنونه بالمعادن النفيسة، وأصبح البصل في بعض البلدان من سلع الرفاهية والكمالية لا الأساسية، حيث لم يعد في مقدور الأسر العادية شراؤه بسبب تضخم سعره المتواصل.

أزمة البصل بدأت في دول عدة منها الفيليبين وأوكرانيا وتركيا ودول أوروبية، مع تراجع الإنتاج بسبب الفيضانات والتغيرات المناخية ونقص المياه، ثم امتدت لمعظم الدول العربية، وفي مقدمتها مصر وسورية ولبنان والمغرب والعراق وليبيا وتونس والجزائر واليمن والأردن والسودان وغيرها.

إذا كانت واردات العرب من السلع الغذائية تتجاوز 100 مليار دولار في السنة، فإنّ السؤال، ماذا تنتج هذه البقعة المسماة المنطقة العربية؟

وفي ظل أزمة معيشية طاحنة وتضخم جامح وغلاء متواصل باتت الأسرة العربية تستغني عن السلع الغذائية مرتفعة السعر وتقاطع سلعا مثل اللحوم والدواجن والأجبان وبيض المائدة، فهل جاء اليوم الذي تستغني فيه المائدة العربية عن البصل بعد أن تجاوز سعره 300% في بعض الدول كما جرى في ليبيا، أو على الأقل 20 ضعفاً كما حدث في بعض الدول العربية الأخرى، وأصبح الحصول عليه صعب المنال.

وإذا كانت واردات العرب من السلع الغذائية تتجاوز 100 مليار دولار في السنة، فإنّ السؤال، ماذا تنتج هذه البقعة من الكرة الأرضية المسماة المنطقة العربية، إذا كانت تستورد معظم المحاصيل الزراعية والسلع الغذائية بداية من القمح والذرة والشعير والأرز والعدس والفول ونهاية باللحوم والدواجن ومنتجات الألبان؟

المساهمون