توقيع الفنان على لوحته.. موقف سياسي وقيمة استهلاكية

توقيع الفنان على لوحته.. موقف سياسي وقيمة استهلاكية

20 يونيو 2019
(توقيع فان غوغ على لوحة "بورتريه ذاتي مع كأس")
+ الخط -

أصبحت توقيعات الفنانين سائدة لأوّل مرّة على أعمالهم خلال عصر النهضة المبكر، والذي شهد تحوّلاً في مبدأ إنتاج الفن وأصبح يتبنى الاحتفال بالإبداع الفردي، وبات التوقيع هو الطريقة المثلى لتمييز موهبة الفنان وبصمته.

وربما تكون حالة الفنان الألماني آلبرخت دورر (1417-1825) نموذجاً مثالياً هنا، فقد اكتسب مكانة كبيرة في الرسومات السريعة، وكان يضع علامة "أد" أول حرفين من مقطعي اسمه، أعلى اللوحة، أصبحت العلامة شائعة جداً لدرجة أنه ذهب إلى المحكمة في كلّ من نورمبرغ والبندقية في محاولة نجحت لحماية إنتاجه الفني.

التوقيع في الفن الحديث والمعاصر قد يتجاوز مسألة الملكية لدى بعض الفنانين، إنها طريقة للقول إن هذه القطعة كاملة، لا تعيد صياغتها، إنها علامة شخصية صادقة تمنعهم من العودة إلى الاشتغال على عملهم إلى ما لا نهاية.

الفنان الإنكليزي بن نيكولسون (1894-1982) مثلاً كان يسجّل ثروة من المعلومات على ظهر لوحاته، بل قام أحياناً بإدراج الألوان التي استخدمها أو عنوان المكان الذي سيرسل إليه العمل."بورتريه ذاتي مع كأس"، فان غوغ

مع الوقت، أصبح اسم الفنان عنصراً أساسياً في القيمة الرمزية بل وفي ثمن العمل الفني، فكيف حدث ذلك ولماذا يوقّع الرسامون لوحاتهم؟ هذه أسئلة الندوة التي تقيمها مكتبة "المعهد الوطني لتاريخ الفن" في باريس عند السابعة من مساء اليوم بمشاركة مؤرخي الفن والباحثيْن سباستيان ألار وشارلوت غيشار تحت عنوان "مخلب الفنان".

يعود المحاضران على وجه الخصوص إلى باريس بين عامي 1730 و 1820 حيث بدأ سوق اللوحات يتوسّع، وأصبح من الضروري إثارة الرغبة في استهلاك الفن في وقت كانت فيه الرأسمالية التجارية الأولى القائمة على الفخامة والأزياء تشهد نمواً غير مسبوق.

مع اندلاع الثورة الفرنسية، بات التوقيع أيضاً علامة قوية على الالتزام والأصالة في الموقف السياسي، كان هذا المكان؛ اللوحة، حيث يمكن لحضور الفنان أن يعبّر عن نفسه ويستمر ويستثمر، وسرعان ما أصبح العمل الفني وتوقيع صاحبه لا ينفصلان.

المساهمون