يقولون لا

يقولون لا

21 فبراير 2019
فاسيلي كاندنسكي/ روسيا
+ الخط -

الشعراء لا يقولون: نعم. وبما أنهم لا يمثّلون منافسة حقيقية مع أحد، فقد نجوا من هذه القبيحة. لكن على ما يبدو، ثمة من يريدهم أن يقولوها. جنرالات ومشايخ وما بينهما من رجال سلطة وأعمال.

يعرف الشعراء أنهم يرتكبون أسوأ الخطأ عندما يقولونها.
ولو قالوها اليوم، لندموا غداً. ومع أن الـ"لا" ـ كلمتهم المختارة ـ تتبخر [وأبداً لا تتبختر]، مع طابعها المتطرف، وعلى وجه الخصوص في جغرافيا الجثث الحيّة، إلا أن لها عليهم نفوذاً لا يُردّ ـ نفوذ يكاد يكون عضوياً وميتافيزيقياً معاً.

ذلك أن كل متورّط بالنعم، سيلفظه الشعْر [ولربما يفعل التاريخ، أيضاً] ـ حتى قبل أن تصل "النعم" لمرحلة الطباعة.

إن لهم تقاليد وإرثاً ممتداً مع "اللا". ولكم قالوها في عالم أقدم وأكبر وأوعر من العالم الحالي.
أفيقولون نقيضتها الآن ليش؟ هل تقدم عالمُهم، أم رجع للوراء؟
ليش؟
هل صارت حواؤهم تتنفس أكسجيناً أرحب؟
ليش؟
هل غدا لكل حي مكتبة عامة؟
ليش؟
وهذه عينات لا أكثر.

صحيح أن اللا تكرّس العداوة، وتجلب الفقر، وتمنع الوصول، إلا أنها، تجلب راحة الوسادة، وتجعلك تعتمد على قدميك، وتسعى بين الساعين للقمتك. إن الشعراء ليقولون: "لا"، دون طمع في مجدها، ودون خوف من ثمنها المكلف. ليحفظهم الحافظ.

المساهمون