محمد الحارثي.. قارب الكلمات يرسو وصاحبه يترجل

محمد الحارثي.. قارب الكلمات يرسو وصاحبه يترجل

27 مايو 2018
(محمد الحارثي، تصوير: أحمد بن صالح العبري)
+ الخط -
رحل الشاعر العُماني محمد الحارثي (1962 -2018) صباح اليوم الأحد، في مستشفى جامعة السلطان قابوس في مسقط، حيث دخل في أيامه الأخيرة في ما يشبه الغيبوبة، هو الذي ظلّ يقاوم المرض ويتعالى عليه بالكتابة والسفر وحضور معرض الكتاب السنوي لتوقيع إصداراته الجديدة.

يعدّ الحارثي من بين أبرز الأصوات الشعرية في عُمان والخليج العربي، وكان قد أجرى عملية في القلب منذ سنوات، ورغم أن حالته الصحية بقيت تراوح مكانها إلا أنه تغلّب على المرض في أكثر من جولة وظلّ يكتب بهمة ونشاط، حيث جمع مختارات من مجموعاته الشعرية ضمها كتاب بعنوان "قارب الكلمات يرسو"، في إشارة إلى تعب الرحلة والكلمات، هو الذي بدأ حياته الأدبية بكتابة القصيدة التقليدية وقصيدة التفعيلة وسرعان ما هجرها إلى كتابة قصيدة النثر، وحاول فيها أن يتجاوز فكرة الجملة القصيرة والسطر إلى ما يشبه السرد الشعري المتطاول النَفَس والتقاط جمال "لا يُوصَف بأدوات التشبيه"، ويبدو ذلك جلياً في مجموعته الأخيرة "الناقة العمياء" التي صدرت العام الماضي.

في إحدى قصائده بعنوان "وثن" يحاور الحارثي شاعراً من عُمان القرن الثالث عشر الهجري: "ما الذي أبقيتَ لنا أيها الشَّاعرُ ما الذي أبقيتَ لنا نحنُ فُقراء أقمارِ الله، فُقراء قصائد النثر، فُقراء السَّادة السّرياليِّين، وفُقراء ميزان التَّبَخْتُر المَيَّاس في بُحُور الخليلِ بن أحمد الفراهيدي [...] لنظفر نحن بما لم تظفر به أنت في سُوق القلوبِ المُباعَةِ بين بابي عينِ سَعنةَ واليمَن/ بفضل قصيدتك، بفضلها يوم أدارَ الزمنُ رَحَاهُ/ يوم أدارها؛ لتدورَ به الرَّحى تلو الرَّحى...".

عُرف عن صاحب "عين وجناح" (2004) ولعه بالسفر، حيث قطع مشياً على الأقدام مسافات في الربع الخالي وجبال الهملايا وسافر إلى بلدان آسيوية وأفريقية وأوروبية مما جنح به إلى أدب الرحلة، حيث صدر له فيها: "رحلات في الجزر العذراء"، و"زنجبار"، و"تايلاند"، و"فيتنام"، و"الأندلس"، و"الربع الخالي" وكتابان آخران هما "محيط كتمندو.. رحلات في الهملايا" و"دفتر كمبوديا".

كما بحث عن الجوهر الشعري في القديم ساخراً من أولئك الذين يصنّفون الشعراء الكلاسيكيين في خانات ضيقة بما يلائم هواهم لا هوى الشعر، هو الذي عرف عنه تصادمه مع السلطتيْن السياسية والدينية وتصادمه مع شعراء النظم، الأمر الذي دفعه وبجهد فردي إلى جمع وتحقيق الأعمال الكاملة لأحد أبرز الشعراء الكلاسيكيين في عُمان أبو مسلم البهلاني (1867- 1920).

سبق لمحمد الحارثي أن فاز بـ"جائزة الإنجاز الثقافي البارز" العُمانية عام 2014، حيث صدر كتاب في تلك المناسبة بعنوان "حياتي قصيدة، وددتُ لو أكتبها" يتضمّن مجموعة من قصائده. وله عدّة مجموعات شعرية؛ من بينها: "عيون طوال النهار" (1992)، و"كل ليلة وضحاها" (1994)، و"أبعد من زنجبار" (1997)، و"فسيفساء حواء" (2002)، و"لعبة لا تمل" (2005)، و"ورشة الماضي"، و"أوراق في السرد"، (2013)، وعمل روائي بعنوان "تنقيح المخطوطة" (2013).

دلالات

المساهمون