السوريون: "الدكتور" في متاهته

السوريون: "الدكتور" في متاهته

19 ابريل 2014
+ الخط -

أي حدث يجري في العالم اليوم، مهما كان حجمه أو نوعه، يأتي به السوريون ليوظفوه في معركتهم اليومية ضد "متاهة الاستبداد".

فما إن أعلن عن موت ماركيز، حتى امتلأت صفحات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عنه. فإلى جانب التحسر والحزن، حضرت مأساة السوريين اليومية، وكيف لا، وهو الذي حمل هموم الفقراء والشعوب المستضعفة بوجه الأقوياء/ الطغاة. وكأن السوريين يستمدون من قيمه وعناوين كتبه ما يعينهم على مواجهة دكتاتورية أعادتهم إلى القرون الوسطى، ليكون ماركيز مفيداً لهم حتى بعد موته. أليست هذه مهمة الكتابة؟ أن تبقى قادرة على فضح الظلم والدكتاتورية حتى بعد رحيل كاتبها؟

عناوين كتب ماركيز تحولت إلى أداة مقاومة عند السوريين، وكأنهم أرادوا توديع الرجل بما يليق به، عبر القبض على جوهر مشروعه الكتابي الذي يقف مع الإنسان ضد الدكتاتوريات وميليشيات القتل التي خبرها في بلاده (كولومبيا)، فأضحت عبارات من نوع "الجنرال في متاهته" أو "ليس للكولونيل من يكاتبه" مترافقة مع صور بشار الأسد. وعبارة "الحب في زمن الكوليرا" قيام بعضهم بتحويرها لتصبح "الحب في زمن الموت/ البراميل/ القصف/.." مرفقة بصورة للرئيس الأسد وعقيلته.

روايته "مئة عام من العزلة" كان لها نصيب خاص عند السوريين، نظراً إلى ملامسة العنوان لعزلتهم وتخلي العالم عنهم. فصاحب "مولانا"، الكاتب المسرحي الشاب "الفارس الذهبي"، قال: "وداعاً لكننا لا نزال في عزلتنا المئوية ونعيش الحب في زمن الكوليرا، لكننا نشاهد خريف البطريرك... وداعاً غابو..". وكتب نائل الحريري ساخراً: "السوريون نزلوا مناحة لأجلك عمي ماركيز.... جماعة أتقل واحد فيهن مقضي يومين ونص من العزلة، على طاق الفيسبوك".

في حين اختار الشاعر السوري المقيم في دمشق حازم العظمة أن يودعه من موقع آخر قائلاً: "رحل ماركيز .. الكاتب الذي انتزع لنا، نحن شعوب المستعمرات، مكاناً أجمل.. وإن في الخيال.. الخيال الإبداعي والواقعي في آن".

وحتى سخرية السوريين وخلافاتهم ونقدهم المكثف لبعضهم بعضاً برز هنا. إذ سخر الناشر المعارض خلف علي الخلف بالقول: "مات ماركيز... صرت أكره يموت كاتب مشهور ليس لأنه يجب ألا يموت، بل من ورا مناحة الفيسبوك. يكتبون وكأن الأمر سبق صحفي وما حدا يعرف إلّا هو أو هي، لكن الحمدالله ها المرة ما في صور للسوريين معو"، في إشارة واضحة لشغف السوريين على مواقع التواصل بإثبات صداقتهم وعلاقتهم بكل مبدع يرحل!

وكأن ماركيز بقدر ما ساعد السوريين على فضح الدكتاتورية، كشف لهم بعض عيوبهم، حين لم يتمكنوا من إرفاق صور لهم معه!

المساهمون