مع شيلي وأبي القاسم الشابي في غزّة

مع شيلي وأبي القاسم الشابي في غزّة

25 مارس 2024
علي الجمري
+ الخط -
اظهر الملخص
- أنطونيو غوتيريس يصف معاناة غزة بأنها ليست مجرد أزمة إنسانية بل محنة للإنسانية جمعاء، مشيرًا إلى الألم والفقد الذي يتجاوز الإدراك.
- الشاعر يستخدم صورًا قوية للتعبير عن الخسارة الهائلة والألم في غزة، مقارنًا بين القدرة على تذكر ضحايا مذبحة بيترلو وصعوبة إحصاء ضحايا العنف الحالي.
- يدعو النص إلى التأمل في الإنسانية والعدالة من خلال استحضار أصوات شعراء مثل شيلي وأبو القاسم الشابي، مؤكدًا على الأمل والمقاومة في وجه الظلم والنسيان.

محنة الإنسانية

"إن الكابوس الذي تعاني منه غزة أكثر من مجرد أزمة إنسانية. إنه محنة الإنسانية". 
أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة

لو طلبتُ منك تخَيُّل رقمٍ
ستفقدُ الحسبة قبل أن تبدأ -
كيف يمكنك أن تحتمل حجم الجريمة
وأجنحة الخيال تهوي من السماء؟
صعب أن تتخيل هذا الطفل الجميل
وأخته الرضيعة وعمّته وعمّه
وبنات عمته والجيران وأولاد الحيّ
وفريق كرة قدم الحيّ
منافسيهم ومشجعيهم
والأساتذة والأطباء
والأمهات والآباء
والأحلام والأحلام -
الاسم مكتوبٌ على ظاهر اليد كالوشم
يصرخ "ملكيةُ إنسانٍ جميل"
ولا يدلّ على أحلام هذا الإنسان الجميل.
صعب على خيالك البسيط
أن يرسم جزءاً من لوحة هذه الجريمة.

صعبٌ على خيالك أن يرسم جزءاً من لوحة هذه الجريمة

في أمان مدينة مانشستر
نفرح
بخرافة خلق المدينة 
ملعبنا هو مذبحة بيترلو،
حين احتشد الشعب خلف هتافات "الحرية أو الموت"
فتبدّلت ملابس الشعار من الرمزية إلى الجنائزية. 
من السهل علينا تخيّل الستة عشر قتيلاً في قرن بعيد
لكن من يعرف أسماء شهداء بيترلو اليوم
سوى المؤرّخين وراء أبواب الأرشيف المغلقة؟
وبينما يمرّ شهود بيترلو الستة عشر في ذاكرتنا
نحاول أن نحفظ أسماء الشهداء السبعمائة.
لكن السبعمائة هم شهود يوم واحد
وقائمة أسمائهم لا تَصِلُ عُشر من فقدناهم 
أسير على طريق بيترلو مع الشعب 
ونطالب من "النظام" بأبسط شيء:
وقف إطلاق النار!
وقف إطلاق النار!
وقف إطلاق النار!

أعدُّ خطواتي وبعد كل سبعمائة خطوة
أقف لأقرأ عليهم الفاتحة.
لا ننسى إنسانيتكِ يا غزّة.
في لحظتي مع الفقدان يدق الشاعر شيلي باب القلب
قارئاً أسطورة المدينة التي خَلَّدها:
هُبُّوا كآسادٍ بعد الرُّقاد 
في جموعٍ لا تُقهر
انفضوا الأغلال كما تنفضون ندى
تساقط عليكم في نومكم
أنتم الأكثرون.. وهم قِلَّة!
أفتح الباب لـ شيلي ويدخل وراءه أبو القاسم الشابي، وينشد:
"أعلنَ في الكونِ أنَّ الطموحَ لهيبُ الحياة وروحُ الظَّفر
إذا طمحت للحياة النفوسُ فلا بدَّ أن يستجيب القدر!".
ثم يستدعي الشابي سميح القاسم إلى ديوان القلب
ليذكرني بحكمته:
"من كوة زنزانتي الصغرى
أبصر زنزانتك الكبرى".
أما أنا، فأتشبث بخلاصة كلماتهم السامقة التي رحل عنها كل أصدقائي:
سأُشعل ذلك الشرر فيّ
كصلاةٍ
أو شمعةٍ تُضيءُ ذكرى شهدائنا.


* شاعر بحريني بريطاني من مدينة مانشستر، والقصيدة كتبت أصلاً بالإنكليزية والنص هنا من ترجمة الشاعر
 

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون