مسرح الهواة التونسي في دائرة الضوء

مسرح الهواة التونسي في دائرة الضوء

23 ديسمبر 2020
من مسرحية "فاوست" لـ عبد القادر بن سعيد، 2015
+ الخط -

لا يقتصر زخم الحركة المسرحية في تونس على التجارب التي اشتهرت عربياً مثل توفيق الجبالي وفاضل الجعايبي وعز الدين قنون، حيث نجد أيضاً حركية في مساحات أخرى غير تلك التي تدور في فلك المسارح الأساسية للعاصمة (تياترو، الفن الرابع، نجمة الشمال، مسرح الحمراء، لارتيستو)؛ من ذلك المسرح الجامعي والمسرح العمّالي، وخصوصاً مسرح الهواة الذي ينتظم ضمن نواد في دور الثقافة أو في فضاءات خاصة. 

تعاني جميع هذه المساحات المسرحية من قلة الاهتمام الإعلامي، وبالتالي الجماهيري، لكن الأمر بات مختلفاً بعض الشيء في الفترة الأخيرة، حيث إن إغلاق المسارح الكبرى قد جعل الحياة المسرحية تنشط حصراً في تلك الدوائر التي لطالما اعتبرت هامشية أو مهمّشة. 

هذه الأيام تعرف تونس سلسلة من التظاهرات التي تعنى بمسرح الهواة، مثل "مهرجان مسرح الهواية" في تستور، الذي ينطلق اليوم، الأربعاء، ويتواصل حتى 27 من الشهر الجاري في "دار الثقافة إبراهيم الرياحي"، وهي الدورة التاسعة من التظاهرة. كما يقام بداية من يوم غد "المهرجان الوطني لنوادي المسرح بدور الثقافة ودور الشباب" في مدينة نابل ويستمر هو الآخر حتى 27 من الشهر الجاري، كما يمكن أن نضيف لهذه التظاهرة "ملتقى مسرح الطفل" في القيروان، والذي ينطلق في 25 كانون الأول/ ديسمبر ويُختتم في 28 منه.

موجة هذه التظاهرات تشير من جهة إلى توفّر مادة مسرحية لدى فرق الهواة بما يؤثّث مجموعة من المهرجانات تقام في الوقت نفسه، كما يشير أيضاً إلى محاولة لاستغلال فرصة انكفاء الحركة المسرحية الرئيسية، في تونس العاصمة، وجلب جزء من الجمهور إلى تجارب غير معروفة.

لم يعد من الممكن ربط مسرح الهواة بدرجة أدنى من الأداء الفنّي

عادة ما يجري ربط مسرح الهواة بمستوى أدنى من الأداء الفنّي، غير أن عقد ما بعد الثورة أثبت أن هذه القناعة في حاجة إلى مراجعة، فكثيراً ما استفاد مسرحيون محترفون من ممثلين هواة في أعمالهم وبدأوا لاحقاً مسيرة إبداعية معترفاً بها. كما شهدت تونس في السنوات الأخيرة تقاطعاً بين المساحات المسرحية، من ذلك تجربة المخرج عبد القادر بن سعيد في إنتاج سلسلة كلاسيكيات المسرح العالمي المعاصر؛ من "هاملت" شكسبير إلى "فاوست" غوته، بأدوات مسرح الهواة، أي بتجسيد من ممثليه واعتماد على فضاءاته رغم بساطتها، وقد توّجت هذه التجربة باعتراف جماهيري واسع ودُعيت للمشاركة في إحدى دورات "أيام قرطاج المسرحية".

قد تكون بالتالي موجة مهرجانات مسرح الهواة في تونس فرصة لتوفير دعم معنوي لكثير من التجارب الجيّدة التي يمكنها أن ترفد الحياة المسرحية بمواهب جديدة وتصوّرات مختلفة عمّا جرى تكريسه منذ عقود، خصوصاً مع ظهور نزعة بالذهاب المتسرّع إلى التلفزيون لدى شريحة كبيرة من المسرحيين المحترفين، وهو ما يُبقي الخشبة أمانة في عنق من هم حريصون على المسرح وحده بعيداً عن الامتيازات التي يمكن جنيُها من ورائه.

وقفات
التحديثات الحية

المساهمون