محمود بيرم التونسي.. في مرآة سيرته ونصوصه

محمود بيرم التونسي.. في مرآة سيرته ونصوصه

01 يوليو 2021
محمود بيرم التونسي
+ الخط -

ظل الشاعر محمود بيرم التونسي موزّعاً بين هويّتين، مسقط رأسه مصر وبلد أسرته تونس، وقد بدا أنه انتصر إلى الهوية الأولى خصوصاً في أعماله الأدبية، حيث أبدى الكثير من الحب لمصر مقابل الشعور بالغربة حين التجأ إلى تونس. لعلّ أحد وجوه هذه الغربة قد استمرّ إثر رحيله؛ حيث لا يبدو حاضراً في الثقافة التونسية كجزء من تاريخها أو انشغالات الباحثين.

يأتي كتاب "محمود بيرم التونسي.. الصورة وفتنة المتخيل" للباحثة التونسية ابتسام الوسلاتي ليكسر هذه الفجوة، وهو عمل صدر مؤخراً عن "دار الجنوب" ويقدّم محاولة لتقديم قراءة جديدة لآثار بيرم الإبداعية، الشعرية منها والنثرية.

حول الإضافة التي يقدّمها العمل، تقول الوسلاتي في حديث إلى "العربي الجديد": "يكمن موطن الجدّة في هذا الكتاب في البحث عن تشكّل صورة الأنا والآخر بناء ونقداً وحواراً لدى بيرم التونسي في ضوء رؤية نقديّة جامعة من شأنها إدراج هذه الآثار ضمن مقاربة أدبيّة وفكريّة تمثّل العتبات الأساسيّة المنفتحة على تجربة بيرم، باعتباره واحداً من المبدعين أنصاف المجهولين بيننا".

توضّح الباحثة التونسية ما دفعها إلى اتخاذ هذه المقاربة بالقول: "إنّ دراسة الصورة الأدبيّة للآخر عند محمود بيرم التونسي تمثل تجسيداً لفعل ثقافيّ، فالنص الأدبي يسهم في المزج بين الثّقافات والتّصوّرات والخيال، فيغدو بفضل ذلك جسراً للتعرّف على مختلف الأبعاد الحضاريّة للآخر عبر اللّغة التي تبني الجسور وترفض الجدران الضيّقة والحواجز الموجودة في الواقع. وقد شكّلت خصوصيّة دراسة تمثلات الآخر عند هذا المبدع سبيلاً لمعرفة الذّات تنطلق من مبدأ إعادة بناء الصورة من جديد دون أفكار مسبّقة، الهدف من ذلك دحض ثنائيّة المركز والهامش وتفكيك الصور النمطيّة المتخيّلة من الطرفين والتأسيس لخطاب يدعو إلى التكامل والحوار".

أما بناء الكتاب فجاء على النحو التالي؛ تعتني الوسلاتي في أول فصول الكتاب الأربعة بالصورة الأدبية بين المتخيّل والتمثيل الثقافي في إطار عامّ يتعلّق بالصّوريّات. أما الفصل الثاني فقد استعرضت فيه أطوار حياة محمود بيرم التونسي في مختلف محطاتها ليدور الفصل الثالث حول الصورة الأدبيّة للأنا وللآخر وتشكلها في آثار محمود بيرم التونسي، ومن خلالها بحثت عن خصوصيّة رؤية بيرم. وكان الفصل الرابع رصداً لصور التبادل الاجتماعي والقيمي والثقافي بين الآخرية المألوفة والآخرية الغريبة من خلال الأنساق اليوميّة والمخزون الاجتماعي والقيمي والمشهد الدينيّ والثّقافيّ.

الصورة
محمود بيرم التونسي

تشير الوسلاتي إلى أن عملها "سعى إلى تقديم الطرح الفكريّ لمحمود بيرم التونسي في ما يتعلق بقضية الشرق والغرب من خلال مقاربة نقديّة تضع رؤية بيرم في سياق حضاريّ، فقد كانت الرغبة في اكتشاف الآخر والتعرّف على فكره ورؤيته وأسلوبه هي التي حدت ببيرم إلى كتابة هذه الآثار، غايته من ذلك التعرّف على ذاته كصورة تنعكس في مرآة الآخر".

تضيف: "يندرج الكتاب في إطار السعي إلى تقديم دراسة مقارنة تجمع بين الجوانب التاريخيّة والثقافيّة والجماليّة للنّصّ الأدبيّ. وبموجب ذلك ينخرط علم دراسة الصورة في سياق تاريخ الأفكار والثّقافات التي تسهم في التلاقح بين الشعوب، وتشييد الجسور التي تظلّ شاهداً حيّاً على عبقريّة الحضارات وعلى اهتماماتها المركزيّة، وفي الوقت ذاته تسمح هذه الدراسة أيضاً بتيسير التواصل بين شعبين لإزالة الصورة المغلوطة". 

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون