لُبينة حميد.. استعادة لندنية لفنانة من زنجبار

لُبينة حميد.. استعادة لندنية لفنانة من زنجبار

19 نوفمبر 2021
"ستّة خياطين"، 2019 (من المعرض)
+ الخط -

عندما بدأت الفنانة التنزانية ــ البريطانية، المولودة في زنجبار (1954)، لُبينة حميد، عرضَ لوحاتها وأعمالها الفنية بدءاً من منتصف الثمانينيات، كانت أوساط الفن التشكيلي، في بريطانيا، بعيدةً عن "الانفتاح" النسبيّ الذي تُظهره اليوم إزاء مسائل العنصرية، والتاريخ الكولونيالي، والدور الذي يمكن لـ"الأجانب" لعِبه في الفنون الجميلة، كفاعلين أو كشخوص تحضر في اللوحات.

لكنّ هذه الأجواء المنغلقة لم تمنع الفنانة من العمل بُعُدَّةٍ نقدية منذ البداية، حيث جاء معرضها الأوّل، "زواج على الموضة"، كاستعادة تهكّمية ونقدية لسلسلة لوحات الفنان البريطاني ويليام هوغارث (1697 ــ 1764) التي تحمل العنوان نفسه، حيث أعادت إدخال شخصياتٍ ذات بشرة سوداء إلى أجواء لوحاته، مستندةً إلى كتاب الباحث دافيد دابيدين "سودُ هوغارث: صور السود في فنّ القرن الثامن عشر ببريطانيا".

خلال هذه العقود الأربعة أسّستْ لُبينة حميد واحدةً من أبرز التجارب الفنية المجدّدة في بريطانيا، ومن أكثرها تأثيراً بين التشكيليين ذوي الأصول الأفريقية، وهي مسيرةٌ دفعت متحف "تيت مودرن" للفنّ الحديث، في لندن، لتنظيم معرض استعاديّ لها، ينطلق في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري ويستمرّ حتى الثالث من تموز/ يوليو من العام المقبل.

يضمّ المعرض عدداً كبيراً من اللوحات المختارة من مراحل مختلفة من مسيرة الفنانة، مع التركيز بشكل أساسي على منجزها في السنوات الماضية، وقد جرى توزيع الأعمال المعروضة ضمن مسارٍ شبه مسرحي، في إشارة إلى تعلُّق الفنانة، شخصاً ورسّامةً، بالمسرح، وهي التي بدأت دراستها الجامعية في "كلّية ويمبلدون للفنون" بدراسة التصميم المسرحي.

الصورة
"تبادُل"، 2016 (من المعرض)
"تبادُل"، 2016 (من المعرض)

يشير المنظّمون إلى دور حميد في المساهمة بالاعتراف بتجربة الأشخاص ذوي البشرة السوداء ضمن نطاق الفنون الجميلة في بريطانيا، وحتى خارجها، وبالتزامها ووقوفها إلى جانب العديد من القضايا العادلة، ويربطون هذه المساهمات بالعديد من لوحاتها المعروضة التي تقدّم مشاهد من الحياة اليومية، وبورتيهات، وهي لوحات تكسر الكاريكاتورية التي لطالما أُطِّر داخلها "الآخر"، ذو اللون المختلف، في الفن الغربي.

على أن أهمّية التشكيلية التنزانية لا تتوقّف عند مساهمتها على الصعيدين السياسي والاجتماعي، بل هي بالأساس صاحبةُ إضافة فنية، وملوّنة من طراز رفيع، تُجيد دفع مروحة الألوان إلى فضاءات نقدية أو ساخرة متى أرادت، أو لحظاتٍ جمالية تبدو خارج الزمن، كما في البورتريهات. يُضاف إلى هذا اشتغالُ الفنانة، في العديد من لوحاتها، على كسر المنظور وخلخلة الأبعاد، في ما يبدو استلهاماً للتكوينات المتراكبة التي عُرفت بها الفنون العربية القديمة.

المساهمون