ماليزا كياسوا.. العالم من وراء القناع الأفريقي

ماليزا كياسوا.. العالم من وراء القناع الأفريقي

12 اغسطس 2021
(من أعمال ماليزا كياسوا)
+ الخط -

تضيء ماليزا كياسوا في أعمالها تلك التبادلات المستمرة غير المتكافئة بين أفريقيا والعالم الغربي، التي لا تزال تصوغ مرحلة ما بعد الاستعمار، ضمن سياقات ثقافية واجتماعية وسياسية تبرز العلاقة المركبة بين ذاكرة الإنسان الأفريقي والتغيّرات التي يعيشها في مجتمعات استهلاكية اليوم.

وتستعير الفنانة التي وُلدت لأب كونغولي وأمّ رومانية، رموزاً وعلامات متنوعة من تراث القارة السمراء في شرقها، وفي غربها، مثل التطريز، في محاولة لإعادة إنتاج تجربتها الشخصية التي تعبّر عن انتماءات مزدوجة، من خلال البحث عن مساحة محتملة للتصالح بين عالميْن متضادين.

حتى نهاية الشهر الجاري، يتواصل في "سولغار بويل/ غاليري الفن الأفريقي المعاصر" بلندن معرضها الجديد الذي افتُتح في السابع من أيار/ مايو الماضي تحت عنوان "أسلاف"، ويضمّ أعمالاً نفّذتها بتقنية الكولاج والوسائط المختلطة على الورق.

الصورة
(من أعمال ماليزا كياسوا)
(من أعمال ماليزا كياسوا)

تمزج كياسوا التي تقيم في كينيا، بين مواد مصنّعة يدوياً من اليابان مثل ورق الواشي مع أشياء عثرت عليها في مزرعتها التي تقع على بحيرة نيفاشا، لتروي حكاية الأجداد كما تخيّلتها، في عملية معاكسة لتلك الصورة التي وضعها لهم المستعمر الأوروبي، وظلّت راسخة منذ القرن التاسع عشر.

وتشكّل الأقنعة الأفريقية المصنعة من الخشب والألياف ثيمة أساسية في أعمالها، حيث تستحضر من خلالها تراث مملكة الكونغو التي امتدّت حدودها من شمال أنغولا إلى جنوب الغابون، ويبدو تأثيرها واضحاً في الفن الغربي المعاصر مع صعود التكعيبية والتعبيرية، لكن كياسوا تعود إلى التصوّرات التقليدية المرتبطة بهذه الأقنعة التي كانت ترمز إلى التواصل مع الأرواح وقوى الطبيعة لدى القبائل في الغرب الأفريقي.

ماذا لو عاش هؤلاء الأجداد اليوم؟ السؤال الأساسي الذي تطرحه الفنانة حول أسلافها الذين تصالحوا مع عالمهم قبل أن ينقسم على يد الاستعمار إلى أبيض وأسود، حيث ستسعى أرواحهم إلى الانسجام والتصالح مع واقعهم وفق رؤية توحّد العيش، وليس من باب فرض رؤيتهم الأحادية المهيمنة على الآخر كما فعل الأوروبيون.

تستخدم الفنانة حبالاً مصنوعة من القش أو المطاط وخيوطاً قطنية وأكياساً بلاستيكية عالقة على شواطئ بحيرة نيفاشا وغيرها من المواد التي تبدو طبيعتها مختلفة في رسوماتها أو أعمالها التركيبية، كانعكاس لاستمرارية في الحياة البشرية التي تقوم على التعدّد، وتتدفق كما مياه الأنهار والبحيرات دون وجود حدود أو عوائق أمامها.

المساهمون