لورنس فيرلينغيتّي.. الشاعر المتمرّد في رحلته الأخيرة

لورنس فيرلينغيتّي.. الشاعر المتمرّد في رحلته الأخيرة

24 فبراير 2021
لورنس فيرلينغيتّي في سان فرانسيسكو، 1977 (Getty)
+ الخط -

يُعدّ الشاعر الأميركي لورنس فيرلينغيتّي (1919 – 2021)، الذي رحل أول من أمس الإثنين في منزله بمدينة سان فرانسيسكو الأميركية، أحد أبرز الكتّاب المؤثّرين في الثقافة الأميركية المعاصرة والذين نشطوا ضمن حركة "جيل البيت" في الخمسينيات، التي جسّدت الروح المتمرّدة ضدّ النزعة الرأسمالية المادية، داعية إلى التحرّر والانفتاح.

تعدّدت اشتغالات الراحل بين الشعر والترجمة والسرد والمسرح والنقد الفني والكتابة السينمائية، إلى جانب انخراطه ناشطاً في الشأن العام. وصعد اسمه منذ إصداره مجموعته الثانية "كوني، جزيرة العقل" عام 1958، التي تُرجمت إلى اثنتي عشر لغة، وتجاوز توزيعها مليون نسخة، وعبّرت قصائدها التي لُحّنت من قِبل عازفي جاز عن الروح المناهضة للمؤسّسة.

وُلد فيرلينغيتّي في مدينة يونكرس بولاية نيويورك يتيم الأب، حيث رحل قبْل مولده بفترة قصيرة بنوبة قلبية، وأُدخلت بعدها والدته كليمنس ألبرتين إلى مستشفى للأمراض العقلية،  فنشأ في بيت عمّته، قبل أن ينتقل للعيش لدى عائلةٍ تبنّته، وواصل تعليمه حتى حصل على درجة البكالوريوس في الصحافة عام 1941. 

بدأ حياته المهنية في الصحافة من خلال كتابة مقالات متخصّصة في الرياضة في إحدى الجرائد. وبالتزامن، نشر نصوصه القصصيّة الأولى في "مجلة كارولينا". وبعد أن أنهى خدمته العسكرية في البحرية الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية، حصل على درجة الماجستير في الأدب الإنكليزي من "جامعة كولومبيا" عام 1947 عن أطروحة عن الناقد الإنكليزي جون راسكِن، والرسام الإنكليزي جوزف مالورد ويليام تيرنر، ثم حاز درجة الدكتوراه في الأدب المقارن من "جامعة السوربون" عن رسالة حول المدينة كرمز في الشعر الحديث. 

آمن بأن الفن يجب أن يكون متاحاً لجميع فئات المجتمع، وبتأثير الشعر على حياة الناس

منذ انتقاله إلى مدينة سان فرانسيسكو عام 1951، أسّس مكتبة "أضواء المدينة" ثم دارَ نشرٍ اعتبرها امتداداً لنشاطاته "الثورية"، حيث كان يحصل الموظفون فيها على يوم عطلة للمشاركة في الاحتجاجات المناهضة للحرب. ولم تتغيّر قناعاته حول دور الثقافة والأدب طيلة حياته، حيث أشار في مقابلة صحافية أجريت معه عام 2013 إلى أنّ "الناس يصبحون أكثر تحفظاً مع تقدّم العمر بشكل عام، ولكنْ، في حالتي، يبدو أنّني أصبحت أكثر تطرّفاً"، مؤكداً على قناعته حول قدرة الشعر في الاستجابة لتحدّي الأزمنة العصيبة.

اعتمد فيرلينغيتّي في قصيدته على الصور الشعرية التي تسرد العديد من الحكايات والتفاصيل الصغيرة، وركّز في جزء منها على حياة الأميركيّين العاديّين الغارقين في المادّيّة. وكان مؤمناً بأنّ الفنّ يجب أن يكون متاحاً لجميع فئات المجتمع، لذلك كان بسيطاً وواضحاً في شعره، محاولاً تشكيل ضمير حيّ من خلال قصائده وخلْق أشكال شعرية وثقافية جديدة.

كما اعتقد بأنّ الفنّ يمثّل قوّةً اجتماعية وثقافية واسعة، خلافاً لتلك القطيعة التي تصنَعُها النُّخَب بينها وبين الناس، والتي عبّر عنها ذات يوم في مانيفيستو قال فيه: "أيها الشعراء، اخرجوا من خزانتكم، افتحوا نوافذكم، افتحوا أبوابكم، لقد كنتم متحصّنين لفترة طويلة في عوالمكم المغلقة... يجب أن يَنقل الشعرُ الجمهورَ إلى أماكن أبعد، أكثر ممّا تستطيع العجلات حمله".

أصدر فيرلينغيتّي العديد من المجموعات الشعرية منها "صورٌ من عالم غابر" (1955)، و"أين فيتنام؟" (1963)، و"المعنى السرّي للأشياء" (1970)، و"الحبّ ليس حجراً على القمر" (1971)، و"عين مفتوحة، قلب مفتوح" (1973)، و"قصائد سان فرانسيسكو" (2001)، و"الشعر كفن متمرّد" (2007). وكان آخر ما أصدره رواية "الولد الصغير" (2019).

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون